خناقة الأحياء على جثث الأموات.. مرتضى يواجه "متلازمة هاني العتال" في صفحة الوفيات

الأربعاء، 26 سبتمبر 2018 04:00 م
خناقة الأحياء على جثث الأموات.. مرتضى يواجه "متلازمة هاني العتال" في صفحة الوفيات
مرتضى منصور وهاني العتال وإعلانا صفحة الوفيات
حازم حسين

في كل أزمة يظهر المحامي مرتضى منصور شاهرا سيفه، يحاول دائما أن يبدو في صورة المحارب الإغريقي القديم، المستعد طوال الوقت لمحاربة الجميع، حتى القانون والمجتمع والناس. المهم أن يظل بطلا كما يتصور عن نفسه.

خلال السنوات الخمس عشرة الأخيرة لم يغب مرتضى منصور عن المشهد. كان قاسمًا مشتركًا في كثير من الملفات الساخنة، وخصما مباشرا لعشرات السياسيين والرياضيين والشخصيات العامة، ومحاميا يُمسك القانون في يد ويقبض على ثأره الشخصي باليد الأخرى. يصعب أن تحصر صراعات الرجل وخصوماته، وأن تضع لها بداية أو نهاية، فرئيس مجلس إدارة الزمالك الحالي يُحارب على جبهات متعددة في وقت واحد، لكن تظل معركة هاني العتال واحدة من أبرز معاركه، وأحدثها، وأطولها أيضا. ويبدو أنها لن تنتهي قريبا.


معركة الأحياء على جثث الأموات

قبل أيام رحل عن عالمنا الدكتور حازم ياسين، أمين صندوق نادي الزمالك. كان الطبيعي في موقف كهذا أن يتسابق أعضاء المجلس، وأعضاء النادي بكامله، لنعي الرجل ورثائه والترحّم عليه. هذا ما فعله هاني العتال نائب رئيس مجلس إدارة الزمالك، لكنه لم يُرض رئيس النادي مرتضى منصور.

في عدد أمس الثلاثاء من الأهرام، نشر هاني العتال نعيًا للدكتور حازم ياسين، يتقدم فيه بالعزاء لأسرة أمين الصندوق الراحل، ووسط صيغة النعي احتفظ العتال لنفسه بموقعه التنفيذي داخل الزمالك كنائب لرئيس مجلس الإدارة. وهو الأمر الذي يرفضه مرتضى منصور ويناضل في نفيه، ويسعى بكل الطرق القانونية وغير القانونية لإلغائه. لكن السعي السابق بكامله شيء، وما فعله "منصور" عقب النعي شيء آخر.

139804-8a1fed52-af09-4dc4-99da-963fc2438045
 
241529-21514e0b-c201-4e13-a3c8-918dc2123ffa

سارع المحامي مرتضى منصور للرد على هاني العتال، وعبر مساحة إعلانية في باب الوفيات بالأهرام في عدد اليوم الأربعاء، حضر رئيس مجلس إدارة الزمالك مستدعيًا اسم أمين صندوقه الراحل، الدكتور حازم ياسين، لكنه لم يستحضر الاسم لتقديم واجب العزاء أو الدعوة للمُتوفَّى، وإنما للكيد لخصمه اللدود هاني العتال، ومواصلة معاركه معه.

كتب مرتضى منصور في إعلانه المدفوع: "بالإشارة للمشاطرة الخاصة بالمرحوم الدكتور حازم يس، التي نُشرت بالأهرام يوم الثلاثاء 25/ 9/ 2018، انتحل أحد الأشخاص أنه نائب رئيس مجلس إدارة نادي الزمالك. ونادي الزمالك يؤكد عدم وجود نائب للرئيس بهذا الاسم أو حتى عضوا بالنادي".

رغم الصراع الطويل الدائر بين مرتضى منصور وهاني العتال، منذ انعقاد الجمعية العمومية للزمالك وإجراء انتخابات مجلس الإدارة في نوفمبر الماضي، التي فاز فيها مرتضى بالرئاسة والعتال بموقع نائب الرئيس، فإن استحضار أجواء الشجار والاحتراب في الصحافة، ووسط العزاءات والمشاطرات بصفحة الوفيات، وعلى مقربة من جثة قيادي بالمجلس، أقرب ما يكون للرقص فوق الجثث، ولا يمكن النظر إليه بعيدا عن كونه خناقة أحياء على جثث الأموات.

 

متلازمة هاني العتال

في انتخابات الزمالك التي جرت في نوفمبر 2017، أعلنت اللجنة المشرفة على الانتخابات فوز مرتضى منصور برئاسة النادي بعد حصوله على 26 ألفا و541 صوتا، مقابل 16 ألفا و94 صوتا لمنافسه أحمد سليمان. لكن النتيجة نفسها حملت هاني العتال لموقع نائب رئيس المجلس بـ22 ألفا و176 صوتا. وهو ما أغضب مرتضى منصور.

قبل الانتخابات قال مرتضى منصور إنه سيستقيل حال فوز هاني العتال في الانتخابات. وعقب إعلان النتائج بدأ هجومه على العتال مبكرا، فقال في تصريحات تالية لإعلان اللجنة المشرفة على الانتخابات نتائج التصويت، إنه لن يعمل مع العتال "لو انطبقت السماء على الأرض" متابعا: "هذا الشخص ووالده عضويتهما مزورة في الزمالك، وبالتالي لا يحق له الترشح من الأصل. هناك قضية ما زالت في المحكمة، وحال الحكم باستبعاده فسيكون ما حدث في الانتخابات كأن لم يكن". بينما على الجانب المقابل طالب العتال في أول تصريحاته مرتضى منصور بالوفاء بوعده والاستقالة من الزمالك.

هانى العتال

 

هاني العتال كان قد غادر السباق الانتخابي قبل موعد الجمعية العمومية للزمالك، ثم عاد له لاحقا بقرار من لجنة التسوية وفض المنازعات باللجنة الأوليمبية المصرية، عقب نظرها الشق الموضوعي لطعن مرتضى منصور المطالب باستبعاد "العتال" بداعي تزوير عضويته. لكن رئيس مجلس إدارة الزمالك تجاهل هذا الموقف القانوني، وأصرّ على تجميد الأوضاع.

ما حدث في الشهور التالية للانتخابات كان صراعا أقرب للحالة المرضية، يمكن تسميتها "متلازمة هاني العتال"، إذ أصبح مرتضى منصور متشدّدًا في الخصومة ومُصرًّا على موقفه رغم كل محاولات تقريب وجهات النظر، ورغم الرؤى القانونية العديدة. باختصار أصبح اسم هاني العتال أكثر ما يصيب رئيس الزمالك بالغيظ ويُخرجه عن هدوئه.


محاربة طواحين الهواء

بالوصول لمحطة إعلان نتيجة الانتخابات كان باديًا أن موقف هاني العتال القانوني مستقر، وحتى داخل تركيبة مجلس الإدارة المُنتخب كان الرجل يتمتع بقبول كبير، وبعض الأعضاء كانوا يرون أنه تعرّض لظلم بمحاولة استبعاده من الانتخابات، وهو ما حمله أول تصريح لعضو المجلس عبد الله جورج في رسالة وجهها لـ"العتال" عقب إعلان النتائج، قال فيها: "ربنا وفقك، وحقك رجع لك، وإن شاء الله هتبقى صورة مُشرّفة لنادي الزمالك".

مرتضى منصور واصل تجاهل حالة القبول المتوفرة لـ"العتال" داخل المجلس، كما تجاهل الأصوات الساعية لتقريب وجهات النظر والوصول إلى حالة توافق تدفع في اتجاه العمل بشكل جماعي لصالح النادي، وواصل حربه الشرسة من طرف واحد ضد نائبه في مجلس الإدارة، وفق رغبة الجمعية العمومية ومجموع أصواتها.

مؤتمر مرتضى منصور فى نادى الزمالك تصوير خالد كامل محرر احمد توفيق  5-5-2018‎ (9)

 

في الأسابيع الماضية أعلن مرتضى منصور شطب هاني العتال من عضوية النادي. وهو ما عقّب عليه الأخير رافضا الاعتراف بالقرار. وقال في تصريحات صحفية مطلع سبتمبر الجاري: "أرفض التعليق على قرار شطبي من الزمالك، ما بُني على باطل فهو باطل، واللجنة الأوليمبية أكدت أن الجمعية العمومية باطلة. سعيد بمؤتمر مرتضى الصحفي، وأتمنى أن يُكثر منه في الفترة المقبلة، حتى يمنح العمال مكافآت، لأنهم أُرهقوا في الجمعية العمومية". من جانبه قدّم مرتضى منصور وعدا جديدا بالاستقالة من النادي، ومن مجلس النواب، حال خروج هاني العتال أو والده مجدي العتال، نافين صحة الأحكام الصادرة بحقهما.

لا يمكن الجزم بانتهاء الصراع حتى الآن، ففي الوقت الذي أصدر فيه مرتضى منصور قرارا بشطب هاني العتال من النادي، يرفض الأخير الاعتراف بالقرار، ولا يتوفر حكم قضائي أو قرار بات من جهة ذات صفة بما يحسم هذا التطاحن. يبدو العتال صاحب موقف قانوني سليم لكنه أضعف من المواجهة، ويبدو مرتضى منصور وكأنه يُحارب طواحين الهواء.


مجلس من زجاج

بجانب معركة مرتضى والعتال، يبدو أن صراعا أكبر يدور حول أسوار الزمالك، وقد تطال شرارته مجلس إدارة النادي بكامله. وفي الوجه القانوني لهذا الصراع رفض مركز التسوية والتحكيم الرياضي قبل ثلاثة أيام، الدعوى المرفوعة من مصطفى عبد الخالق، عضو مجلس إدارة الزمالك السابق، ببطلان الجمعية العمومية وانتخابات النادي الأخيرة، التي جرت في نوفمبر الماضي. وقضى المركز بعدم الاختصاص وإلزام مقيم الدعوى بالمصروفات وأتعاب المحاماة، وهو ما علّق عليه عبد الخالق في بيان صادر عنه بالقول: "حكم اليوم يؤكد موت قانون الرياضة وإفراغه من فلسفته وغايته، وهي عدم التدخل الحكومي في الشأن الرياضي. بصدور الحكم عدنا ليس للمربع صفر، ولكن لما هو أبعد من الصفر".

أواخر أغسطس الماضي عقد مرتضى منصور جمعية عمومية عادية وغير عادية للنادي بدعوة من مجلس الإدارة، لم يكتمل نصابها القانوني المقدر بـ7400 عضو للاجتماع العادي و10 آلاف لغير العادي، لتُستكمل الجمعة 31 أغسطس، وذلك بغرض اعتماد الموازنة والحساب الختامي للسنة المالية المنقضية، واعتماد راتب المدير التنفيذي، ومناقشة زيادة رسوم اشتراك العضوية للأعضاء الجدد، وإقرار اقتراح مجلس الإدارة بإبرام عقود تتجاوز مدة المجلس، إضافة لاقتراحات الأعضاء وما تشمله من شطب عضويات جبهة المعارضة. وبالتأكيد بينهم هاني العتال.

هشام حطب

اللجنة الأوليمبية المصرية برئاسة المهندس هشام حطب قالت إن الجمعية العمومية للزمالك باطلة، وهي والعدم سواء، في ضوء أن النادي لم يتقدم بأية طلبات لعقد جمعية عمومية وفق اللوائح والقوانين، لهذا فإن اللجنة لم تعتمد نتائجها لبطلانها. وتلا ذلك تقدم "حطب" ببلاغ رسمي لنيابة شمال القاهرة ضد رئيس مجلس إدارة الزمالك مرتضى منصور، حمل رقم 759 لسنة 2018 عرائض شمال الجيزة، يتهم فيه "منصور" بالسب والقذف والتهديد. ولاحقا أصدرت اللجنة الأوليمبية بيانا رسميا ضد رئيس الزمالك على خلفية هجومه على سكرتير اللجنة، بحسب البيان.

في البيان طالبت اللجنة الأوليبمية المصرية برفع ملف تجاوزات مرتضى منصور ومجلس الزمالك للجنة الأوليمبية الدولية، لاتخاذ اللازم حيال مرتضى منصور، وتشكيل لجنة للتحقيق معه فيما بدر منه. وأضاف البيان عن هجوم رئيس الزمالك أنه اتخذ "شكلاً أشد فداحة وأكثر هدمًا واستهانة بكل القيم والمبادئ، باتخاذه منحى يحمل الهجوم على الديانة والعرق للسيدة والدة سكرتير عام اللجنة الأوليمبية، بما يشمل تمييزًا مقيتًا مُشكّلاً جريمة حضّ على الكراهية" مشيرة إلى أنه اقترف جريمة تقاومها الحركة الأوليمبية الدولية منذ نشأتها في العام 1894.قرار مركز التسوية والتحكيم الرياضي يُعني أن الاختصاص في هذا الأمر للمحاكم المدنية، ولا يُعني أن موقف مجلس الإدارة القانوني سليم مائة في المائة. قد يحتمل الأمر جولات قانونية أخرى، وهذا يُعني أن المجلس بكامله محاط بشكوك قانونية، ويطوّقه خصوم يرون أن لهم حقوقا ويتأهبون لخوض نزاعات قانونية. ورغم أهمية هذا الجانب تظل معركة مرتضى والعتال هي الأعلى صوتا داخل الزمالك.

قرار مركز التسوية والتحكيم الرياضي، ومعركة اللجنة الأوليمبية وبيانها، يُعنيان أن الاختصاص في ملف الانتخابات للمحاكم المدنية، وأن الجمعية التي قادت لشطب هاني العتال باطلة، ولا يُعني أن موقف مجلس الإدارة القانوني سليم مائة في المائة. قد يحتمل الأمر جولات قانونية أخرى، وهذا يُعني أن المجلس بكامله محاط بشكوك قانونية، ويطوّقه خصوم يرون أن لهم حقوقا ويتأهبون لخوض نزاعات قانونية. ورغم أهمية هذا الجانب تظل معركة مرتضى والعتال هي الأعلى صوتا داخل الزمالك. ويظل مجلس الإدارة من زجاج.


هل قرأ مرتضى الفاتحة؟

لا تحمل الأيام جديدا بخصوص معارك مرتضى منصور، أدمن الرجل الحياة المليئة بالصراعات والاشتباكات والمشاحنات. وبات مُعتادا أن يحضر المستشار السابق والمحامي الحالي طرفا مباشرا في قضايا عديدة شائكة، منذ الحكم بحبسه سنة في اتهامه بسب رئيس مجلس الدولة الأسبق المستشار السيد نوفل، مرورا بصراعه القانوني مع عادل إمام وممدوح البلتاجي وحسن صقر وخالد عبد العزيز، وعشرات غيرهم، وحتى أحدث حلقات الصراع بالفيديو الذي نشره أمس دفاعا عن المستشار تركي آل الشيخ وهجوما على رئيس مجلس إدارة الأهلي محمود الخطيب.

رغم أن معارك مرتضى منصور من الأمور المعتادة، وأن الاشتباك مع هاني العتال قائم منذ نوفمبر الماضي وأوشك على إنهاء عامه الأول، ومن المحتمل أن يستمر حتى انتهاء مدة المجلس في العام 2021. فإن المربع الصغير الذي احتضنته صفحة الوفيات في عدد الأهرام، اليوم الأربعاء، ربما يمثّل أبرز تطورات الصراع وأكثر حلقاته لفتًا للانتباه. فللمرة الأولى تحضر خناقات الأحياء على صفحات الوفيات، وعلى جثث الأموات.

حازم ياسين

كان المُتوقع أن يكون إعلان الزمالك قراءة للفاتحة على روح حازم ياسين، أو عزاء لأهله ومحبيه وأعضاء النادي. لكن رئيس الزمالك قرر أن يكون ساحة حرب جديدة في معركته مع "العتال". لا نعلم إن كان قد قرأ الفاتحة لأمين صندوقه حازم ياسين أم لا، وهذا الأمر يخصه وحده وليس لأحد أن يسأل عنه أو يفتش في قلبه، لكن يحق للجميع الدهشة والنظر باستغراب، وفي الوقت نفسه عليهم أن يكتموا الضحكات إجلالا للراحل، حتى لو كان الموقف كوميديا ومثيرا للسخرية.

الإعلان الذي يحمل اسم نادي الزمالك قد يكون مموّلاً من ميزانية النادي، وهذا يستحق السؤال والمساءلة، وربما دفع قيمته مرتضى منصور من ماله الخاص، وهذا يسترعي الانتباه والسؤال عن إقحام اسم النادي في إعلان خاص، أو عدم توقيع الإعلان باسم صاحبه ومموّله. الاحتمالان مقبولان، لكن يظل الأمر في جوهره غير مقبول، أو على الأقل يُفجّر الدهشة والإشفاق. أصبحت نيران المعارك ضخمة وممتدة ولا ينجو منها حيّ أو ميت، وبات شررها يتطاير حتى يترك ثقوبه وعلاماته الحارقة في صفحات الوفيات. وربما يتكرر الأمر في عزاءات ومشاطرات أخرى، فما دام هاني العتال يرى نفسه نائبا لرئيس مجلس الإدارة، ومرتضى منصور يرى نفسه مالك الحقيقة الحصرية، ستظل "متلازمة هاني العتال" باقية ومتنامية، ستزدهر الاشتباكات وتتعمّق العداوات ويبحث الأحياء عن مكاسب على جثث الأموات.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق