في ذكرى ميلاد صاحب موسوعة «فجر الإسلام».. محطات في رحلة المفكر الكبير أحمد أمين (صور)
الإثنين، 01 أكتوبر 2018 02:59 م
في وقت كانت تشهد فيه البلاد زخم سياسي وثقافي كبير، بعد نحو أربعة أعوام من سقوط مصر تحت وطأة الاحتلال البريطاني، ودخول الإنجليز القاهرة لأول مرة، شهدت أسرة أمين إبراهيم الطباخ الذي يعمل مدرسًا أزهريًا، في الأول من أكتوبر من عام 1986 مولد ابنهم أحمد، الذي أصبح من أبرز المفكرين المصريين على مر التاريخ.
التحق أحمد أمين بالتعليم الأزهري، مثل معظم أبناء الأسر المصرية آنذاك، التي كانت ترغب في أن توفر لأبنائها تعليما دينيا، وعلى الرغم من تفوق أحمد في درساته الأزهرية، إلا أنه فضل أن يترك الأزهر، ليعمل بالتدريس، وهو في سن السادسة عشرة، فدرس اللغة العربية في مدارس طنطا والإسكندرية والقاهرة، ثم تقدم بعدها لامتحانات القبول بمدرسة القضاء الشرعي، حيث تخرج فيها وعمل مدرسا بعد أربع سنوات.

مع إعلان بريطانيا الحماية على مصر عام 1914، خلال اندلاع الحرب العالمية الأولى، أو كما كانت تسمى بالحرب الكبرى، بدأ أحمد أمين مشواره في التأليف والترجمة، وبعد الصخب الكبير الذي شهدته مصر، وآثار ثورة 1919 عقب انتهاء الحرب، أختير أحمد أمين لتدريس مادة النقد الأدبي بكلية الآداب جامعة القاهرة بتوصية من طه حسين، كما انتخب عميدا للكلية فيما بعد، لكنه استقال من العمادة في عام 1940.
كتب أحمد أمين في العديد من الحقول المعرفية كالفلسفة والأدب والنقد والتاريخ والتربية، إلا أن عمله الأبرز هو ذلك العمل الذي أرَّخ فيه للحركة العقلية في الحضارة الإسلامية، فأخرج لنا «فجر الإسلام» و«ضحى الإسلام» و«ظهر الإسلام» أو ما عرف باسم «موسوعة الحضارة الإسلامية». وقد ظل أحمد أمين منكبًّا على البحث والقراءة والكتابة طيلة حياته إلى أن توفى عام ١٩٥٤م بعد أن ترك لنا تراثًا فكريًّا غزيرًا وفريدًا، راكم عليه من جاء بعده من الأجيال.
في كتابه "زعماء الإصلاح في العصر الحديث" يختار أحمد أمين محمد بن عبد الوهاب، وعلى باشا مبارك وعبد الله النديم، وعبد الرحمن الكواكبي، أبطالا لهذا الكتاب، وفي الجزء الأول الذي يتحدث فيه عن سيرة محمد بن عبد الوهاب، مطلق الدعوة الوهابية في شبه الجزيرة العربية، يبدو أحمد أمين منحازا لأفكار عبد الوهاب، ومدافعا عنها، ولكن الجزء المثير أيضا في كتابته لهذا الجزء من الكتاب ليس فقط عرض أفكار عبد الوهاب، واتصالها بالتوحيد، والإشارة إلى أن البعد عن العقيدة رد شبه الجزيرة العربية إلى حالة الجاهلية، بل توثيقه وتأريخه أيضا لسيرة الوهابيين، وانتشار أفكارها عبر موسم الحج، فيشير إلى ظهور زعيم وهابي في الهند يسمى السيد أحمد نشر الدعوة في بنجاب، وكذلك تعلق الإمام السنوسي بالدعوة ونشره لها في الجزائر، وغيرهم ممن نشروا الوهابية في كافة أنحاء الوطن العربي.

ومن بين أهم الكتب التي وضعها أحمد أمين، كتابه الأشهر "فجر الإسلام" وهو الذي وثق فيه لأحوال العرب في الجاهلية، واتصالهم بمن جاورهم من الأمم، وطبيعة العقلية العربية، ثم يعرج من هذا الجزء إلى الفتح الإسلامي والمزج بين الأمم، ويتحدث في ثالث أجزاء الكتاب عن الفرس، والأدب الفارسي، والتأثير اليوناني والروماني وأدبهما.
وكانت الطبعة الأولى لكتاب فجر الإسلام قد ظهرت سنة 1929، قبل ظهور كتاب "ضحى الإسلام" بأجزائه المتعددة.

أنجب المفكر أحمد أمين، الكاتب والمفكر الاقتصادي الراحل، جلال أمين، عام 1935، الذي توفي يوم 26 سبتمبر الماضي، عن ثلاثة وثمانين عاما.
