نَحنٌ

السبت، 06 أكتوبر 2018 12:07 م
نَحنٌ
هبه العدوى

 
يمر خمسة وأربعون عاما علي ذكري قهر المستحيل.. بقوة الإرادة.. بقوة (اللا) في وجه كل من أرادوا لنا الانبطاح أرضا، مذلة وهوانا.. علي قوة "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة".. وقد زُرِعت بداخلنا خلايا إرهابية توجه نفس الآية الكريمة، لكن في صدورنا وصدور جنودنا فنتقاتل داخليا و"يتوهم العدو لوهلة" انتصاره علينا، لكنها قوة الله أكبر التي كانت ومازالت تجمعنا.
 
أتخيل حوارا دار بين زعمائهم في إسرائيلهم المزعومة، أتخيلهم وبعد تجرعهم لمرارة الهزيمة النكراء جلسوا يفكروا كيف فعلناها؟.. كيف قضينا علي أكبر ساتر كانوا يزعمون أنه يستحيل عبوره؟.. وقتها كانوا يعلمون جيدا أن الساتر ليس فقط ترابيا، لكنه ستارا داخليا معنويا عميقا نسجوه من هزيمتنا في حرب 67، تأكدوا بعده أننا لن تقوم لنا قائمة ولن نهزم الهزيمة.
***********
أتخيل جولدا مائير وقتها التفتت لشارون قائلة، "المصريون لا يقهرون من خارجهم، هم يحتاجون أن نفتتهم من دواخلهم، هو شعب جمعته راية الله أكبر، فلنجعل هزيمتهم بها كما كان نصرهم تماما، فلنجعل جماعات متطرفة لكل منها مسمي ما  مختلف عن غيرها، كل جماعة تؤمن أنها وفقط الناجية وما عداها هالكون..كل جماعة تنادي بالانصراف عن دولة العري والفجور، "دولة مصر"، أملأ مساجدهم التي منها تجمعوا بآلهة جديدة تحت ستار الدين، كل إله يستقطب رواده من الموهومين بالجنة الزائفة والجهاد الذي لا يستلزم إلا لحية وجلباب قد قُصِر طوله أو نقاب دون بذل الجهد في إخلاص التوحيد لله عز وجل أو في جهاد النفس، وصولا للجهاد ضد من اغتصب الأرض.. جماعات متطرفة مختلفة المسميات، والذين تحسبهم دوما جميعا وقلوبهم شتي، يتقاتلون فيما بينهم داخل مساجدهم التي فرقوها وجعلوها ضرارا فلا يقبلون بعضهم البعض أبدا، وها هي سوريا امتداد الأمن القومي المصري يفت عضدها جماعات مدججة بالسلاح، هي نفس الفكرة ولكن تحت مئات المسميات، يهجمون علي سوريا الحبيبة من كل حدب وصوب، لا تعلم تحديدا من يتقاتل مع من، من أجل ماذا؟".
***********
وما خفي لكي يا مصرنا كان أعظم وأكبر، لكن دوما "الله هو أكبر"، أكبر من كل التدبيرات مهما بلغت.
 
حملت السنوات السابقة وحتى الآن من الحرب المعلنة، لمن قرأ وتدبر المشهد الخفية لمن ألهته اللحظة.. حرب استشهد فيها في سبيل الوطن، أنبله من المدنيين والعسكريين معا.. حرب حملت في طياتها تجار الدين والدم وغاب عن مشهدها الممولين ماليا وفكريا لها وفي أغلب ظني هم نفسهم من كانت وستظل أطماعهم "من نيلنا لفراتنا".
 
لكن يظل دوما الرهان الأكبر علي المصري في كتلته الرئيسية الغير مسيسة، يحاولون الفتك به بسرطانات الجهل والفقر والمرض والحقد وزرع الفتن ووأد الأمل ونشر اليأس، لكن دوما بفضل الله تخيب آمالهم، فهذا الوعي الجمعي المصري الذي يحملنا علي الحركة سويا دون أي سابق معرفة، يظل كامنا في صدورنا، هي روح واحدة تجمعنا طالما ظلت "الله أكبر" تنطلق بداوخلنا في صلواتنا رغما عن ضعفنا كأفراد لم تنضم يوما لأي جماعات سوي جماعة الله والوطن والإنسانية البريئة الجميلة في حلمها الناعم بالخير لها ولكل الناس في حق العيش، والحرية والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية تحت راية الله والوطن والأخلاق الإنسانية، منظومة الدولة المصرية التي دونها تكون الفوضي، وإن أستمر فسادها فلن يكون لها إلا هلاكها لأنها لا تتسق مع منظومة الله الكونية التي خلقها، فالجهاد إذن فريضة كل حسب مقامه الذي أقامه الله فيه.
***********
في الفترة الأخيرة كثيرا ما كنت ألوم أمي أنها ضفرت حلمي الشخصي في حلم وطني فجعلت قلبي لا يهدأ طالما رآه في محنة ولا يفرح إلا وهو منتصرا ولا أطيق أيا من كان يذكر أسمها إلا وعينيه تمتلئ فخرا، هذا الذي يليق بها كأول حضارة عرفت التوحيد والإله والضمير ونيلها العظيم، حيث الوفاء والقيم الإنسانية وخير أجناد الأرض وذكر أرضها الطاهرة في كتبنا المقدسة.
***********
ألا تدركون التشابه بين الأمس والآن وغدا؟!
ألا تدركون من هم تتار هذا الزمن الجبناء ومن هؤلاء الذي يختفون ألف ستار وستار، يتسللون بيننا بهدف الفتنة والوقيعة وتفتيت وحدة الوطن الواحد.. تماما كما يتحدث المتخصصون العسكريون عن خط بارليف أنه لم تكن  صعوبة اختراقه فقط في ساتره الترابي الذي كان بارتفاع 20 مترا وبزاوية قائمة تصل لـ80 درجة، لكن الأهم هو "لا يقاتلونكم جميعا إلا من وراء قري محصنة أو من وراء جدر"، تلك  القري المحصنة التي بنوها علي طول خط بارليف والتي كانت عبارة عن أماكن تمركز للنيران الكثيفة والقوية، وضعت بحيث تكون كل مكان تمركز قريب من غيره فلا تحتاج لأي إمدادات تقريبا، هذا غير المدفعية الثقيلة والساتر الترابي الذي لا يمكن لأي دبابة أن تعبره، غير أيضا المانع المائي متمثلا في قناة السويس.
***********
كل ذلك ( هزمناه ) يوم أن هزمنا هزيمتنا..
فالأوطان لها يوم تبدأ فيه في سطر تاريخها، هذا اليوم يوم قرارها بإزاحة خطوط بارليف التي وضعتها بنفسها لنفسها فأهانت من هويتها وأخضعت رقبتها لمن لا يستحق، فداسها  ودنسها تحت قدميه.
 
إيماني أن مصرنا في حالة حرب منذ دخول أمريكا العراق سنة 2003، هذه رؤيتي من مجمل قراءاتي المتواضعة، وعلّمنا التاريخ أن الشعوب فقط تهزم عندما تقرر الهزيمة.
 
لن أقرر يوما الهزيمة، ولم أستطع أن أنسي يوما حلمي في مصرنا، ولن اقبل حتي آخر أنفاسي سوي أن تكون مصرنا لها مكانتها العظيمة بين مختلف الدول المتقدمة، فماذا عنك أنت ؟ 
 
مازال إيماني أن مصر هي أنا .. وأنت . 
هي نحن..
نحن من نملك قرارنا ونحدد به مصائرنا و مصرنا ..
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق