لا للانتقام.. كل ما تريد معرفته عن نظرية المسئولية التعسفية في استعمال الحق

الجمعة، 12 أكتوبر 2018 01:00 م
لا للانتقام.. كل ما تريد معرفته عن نظرية المسئولية التعسفية في استعمال الحق
دار القضاء العالى-صورة أرشيفية
علاء رضوان

كثير من المواطنين أو بمعنى أدق الموظفين يتعرضون للمظالم الوظيفية عن طريق منع ترقيته أو تأجيلها تارة أو نقله تعسفياَ تارة أخرى عن طريق التلاعب بتقارير الترقية من خلال إستخدام المسئولين السلطات المخولة لهم، وذلك بغرض المصلحة العامة إلا أن في الحقيقة أن الأمر لا يعدو سوى التشفي والكيد والانتقام، لتحقيق مصالح خاصة لصالح القيادات الادارية.

نظرية التعسف في استعمال الحق ليست بالنظرية المبتدعة أو الجديدة بل تُعد نظرية قديمة عرفها الرومان، فقد انتقلت إلى القانون الفرنسي القديم وكان من آثرها أن تشبع بها الفقه الاسلامي، إلا أنها اختفت فترة من الزمن، وذلك بعد أن ظهرت فيما يطلق عليه مبادئ الفردية، وأمعنت الثورة الفرنسية بعد ذلك في الأخذ بهذه المبادئ.

اقرأ أيضا: اعرف حقك القانوني.. التهرب الضريبى من الحقوق المشروعة إلى التجريم والسجن

إلا أن نظرية التعسف في استخدام الحق  بقيت مختفية طوال القرن التاسع عشر ولا تكاد تطل برأسها في عدد من أحكام القضاء حينها، حتى يتنكر لها الفقهاء حتى قيض الله لها فقيهين من إعلام الفقه الفرنسي هما «جوسران» و«سالي» فنفضا عنها التراب الذي أُهيل عليها وأعادا لها الجدة، فما لبثت أن استقرت في الفقه القضائي بعد أن ثبت عليها القضاء، فيما أخذت بها التقنيات والتطورات الحديثة وأصبحت اليوم نظرية من النظريات الثابتة، التي لا يستطيع أحدا أن يفكر تفكيرا جدياَ في الانقضاض عليها. 

2017-636355834846164066-616

في التقرير التالي، «صوت الأمة» ترصد نظرية التعسف في استخدام الحق من حيث مدى جواز اعتبار الحق موجبا للمسئولية، وصور التعسف في استخدامه، وتطبيقات قضائية لمحكمة النقض المصرية- بحسب الخبير القانوني والمحامي بالنقض أشرف فرحات.

المعلوم أن الفقهاء ترددت طويلا حول مدى مشروعية اعتبار الحق موجبا للمسئولية، حيث أن  مصدر التردد تمثل في أن الحقوق لا تعدوا أن تكون امتيازات قانونية، تمنح حرية في العمل ومن ثم فلا يعقل أو يتصور القول بعدم مشروعية فعل قرره القانون.

بينما إذا كان استعمال الحق في ضوء حدوده الموضوعية، إلا أنه قد لحقه عيب في غايته أو الغرض منه فقد غدا القول بمسئولية صاحب الحق الذي يستعمل حقه الشخصي إلا أن استعماله لم يكن وفق الغاية التي يهدف إليها ذلك الحق من الأمور المسلمة، وهذا هو المجال الحقيقي للتعسف في استعمال الحق- وفقا لـ «فرحات».

واستعمال الحق استعمال مشروعا متقيد بتحقيق مصلحة وهذا المعيار هو الذي يحدد القيود العامة التي ينبغي على صاحب الحق مراعاتها عند استعمال سلطاته، وأنه يتعين وضع الضوابط المحددة وهي الجدية والمشروعية فيتحقق التعسف إذا غدا استعمال صاحب الحق لحقه ملتزما حدوده الموضوعية دون مصلحة تعود عليه من جراء هذا الاستعمال. 

اقرأ أيضا: عقب القبض على المطلوب رقم واحد في مصر.. تعرف على شروط تسليم الإرهابيين والمجرمين

ويتحقق هذا التعسف أيضا إذا ما تحققت المصلحة ولكن تخلف ضابط الجدية فى هذه المصلحة بان كانت تافهة كذلك يتحقق التعسف إذا افتقدت المصلحة ضابط المشروعية.. وعلى هذا فالتعسف يأخذ الصور الثلاث الآتية:

1- غيبة المصلحة في استعمال الحق.

2- تفاهة المصلحة في استعمال الحق.

3- عدم مشروعية المصلحة في استعمال الحق.

وقد تكفلت المادتان 4 و5 من القانون المدني ببيان مشروعية استعمال الحقوق والتعسف في استعمالها، مادة (4) من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر، مادة (5) يكون استعمال الحق غير مشروع في الأحوال الآتية:

1- إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير.

2- إذا كانت المصالح التي يرمى إلى تحقيقها قليلة الأهمية.

3- إذا كانت المصالح التى يرمى إلى تحقيقها غير مشروعة.

وبحسب «فرحات» يتبين مما تقدم أن للتعسف في استعمال الحق على الوضع الذي جاء به القانون المدني الجديد معايير ثلاثة نية الإضرار ورجحان الضرر والمصلحة غير المشروعة، ونية الإضرار هي المقابل للخطأ العمدي ورجحان الضرر هو المقابل للخطأ الجسيم والمصلحة غير المشروعة غير المقابلة للخطأ غير الجسيم فالعمد هو الخطأ الجسيم متطابقان في صورتي الخطأ.

صورة التعسف في استعمال الحق وصورة الخروج عن حدود الحق أو الرخصة إما الخطأ غير الجسيم ففي الخروج عن حدود الحق أو الرخصة، رأيناه أي انحراف عن السلوك المألوف للرجل العادي، وفي التعسف في استعمال الحق لايكون الانحراف إلا في حالة واحدة هي أن يرمى صاحب الحق في استعماله لحقه إلى تحقيق مصلحة غير مشروعة ومن ثم يكون الخطأ غير الجسيم في التعسف أضيق منه في الخروج عن الحق أو الرخصة ويرجع السبب في ذلك إلى نصوص القانون التي ضيقت من حدود التعسف وقد يبرر ذلك أن صورة الخطأ في التعسف هي صورة مستحدثة فيحسن عدم التوسع فيها. 

download

تطبيقات قضائية لمحكمة النقض المصرية: يدل نص المادة الخامسة من القانون المدني على أن مناط التعسف في استعمال الحق الذي يجعله محظورا باعتباره استعمالا غير مشروع له هو تحقق إحدى الصور المحددة على سبيل الحصر في المادة الخامسة سالفة الذكر، التي تدور كلها حول قصد الحق في استعماله لحقه أو مدي أهمية أو مشروعية المصالح التي يهدف إلي تحقيقها وذلك دون نظر إلى مسلك خصمه إزاء هذا الحق وإذ كان دفاع الطاعن لدى محكمة الاستئناف قد قام علي تعسف المطعون ضدها في طلبها طرده من الأرض محل النزاع وهي شريط ضيق يخترق أرضه وإزالة ما عليها من بناء علي سند من أنها لم تبغ من دعواها سوي الإضرار به، وأن مصلحتها في استرداد هذه الأرض إن توافرات قليلة الأهمية بالنسبة للأضرار التي تلحق به من جراء إزالة ما أقامه عليها من بناء، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع لمجرد القول بأن الطاعن استولى بغير حق علي أرض المطعون ضدها وأقام بناء عليها يكون قد أخطأ في تطبيق القانون . 

اقرأ أيضا: اوعى تغيب عن المحاكمة.. شطب الدعوي و ميعاد التجديد و الحكم باعتبارها «كأن لم تكن»

«المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وتنص المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدنى على أنه من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من الضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوى الإضرار بالغير وهو مالا يتحقق إلا بانتقاء كل مصلحة من استعمال حق التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد فى الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم».

الطعن رقم 306 لسنة 59 ق- جلسة 29/4/1993 س 44 ج 2 ص 293.

«المساءلة بالتعويض قوامها خطأ المسئول، وحق التقاضى والدفاع من الحقوق المباحة و لا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو زوداً عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلى اللدد فى الخصومة و العنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضراربالخصم».

الطعن رقم2797 لسنة58 ق جلسة19/11/1992.

«إنه ولئن جاز للصحف وهي تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تناول القضايا بالنشر باعتبارها من الأحداث العامة التي تهم الرأي العام إلا أن ذلك ليس بالفعل المباح على إطلاقه وإنما هو محدد بالضوابط المنظمة له، و منها أن يكون النشر في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة و احترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين وعدم الاعتداء على شرفهم و سمعتهم واعتبارهم أو انتهاك محارم القانون».

الطعن رقم 2446 لسنة 58 ق جلسة 28/5/1992 س 43 ج1 ص 766

«نصت المادتان الرابعة والخامسة من التقنين المدني على أن من استعمل حقه استعمالا مشروعا لا يكون مسئولا عما ينشأ عن ذلك من ضرر بالغير وأن استعمال الحق لا يكون غير مشروع إلا إذا لم يقصد به سوي الإضرار بالغير وهو ما لا يتحقق إلا بانتفاء كل مصلحة من استعمال الحق، وحقا التقاضي والدفاع من الحقوق المباحة ولا يسأل من يلج أبواب القضاء تمسكا أو ذودا عن حق يدعيه لنفسه إلا إذا ثبت انحرافه عن الحق المباح إلي اللدد في الخصومة والعنت مع وضوح الحق ابتغاء الإضرار بالخصم وإذ كان الحكم المطعون فيه قد اقتصر في نسبة الخطأ إلي الطاعن إلي ما لا يكفي لإثبات انحرافه عن حقه المكفول في التقاضي والدفاع إلي الكيد والعنت واللدد في الخصومة فانه يكون فضلا عما شابه من القصور قد أخطأ في تطبيق القانون».

الطعن رقم 438 لسنة 43 ق جلسة 28/3/1977 س 28 ص 812

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق