هل للمحكمة سلطة في تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية؟.. محكمة النقض تُجيب (مستند)

إشكالية عادة ما تقع للجهات القضائية أثناء محاكمة المتهمين حينما يُقر الدفاع أو محامى المتهم بأن موكله فى الأساس مريضاَ نفسياَ أو يطالب بتشكيل لجنة من الخبراء لإثبات أن موكله فى الأساس مضطرباَ من الناحية العقلية، إلا أن هذا الطلب إما ليكون تعطيل مرفق العدالة أو للإثبات صحة المرض.

فى التقرير التالى «صوت الأمة» يرصد سلطة المحكمة فى تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية أثناء المحاكمة، ووجوب تعيين المحكمة خبيراً للبت فى هذه الحالة وجودًا وعدمًا أو أن تورد أسباباً سائغة لرفض هذا الطلب، وذلك من خلال حكم محكمة النقض المصرية الصادر لصالح المحامى بالنقض سعيد فضل فى الطعن المُقيد برقم 24811 لسنة 83 جلسة 2014/05/07. 

اقرأ أيضا: إشكالية قانونية.. لماذا لا تعاقب من تقتل زوجها بدم الحيض؟

المحكمة أكدت أن منازعة المتهم فى سلامة قواه العقلية والنفسية، تتضمن فى ذاتها المطالبة الجازمة بتحقيق دفاعه أو الرد عليه بما يفنده، ولو سكت الدفاع عن طلبها صراحة، إغفال ذلك، يوجب نقض الحكم المطعون فيه والإعادة، مثال لتسبيب معيب فى اطراح الدفع بانعدام مسئولية الطاعن لإصابته بآفة عقلية ومرض نفسي. 

ووفقا لـ«المحكمة» لما كان البين من مطالعة محضر جلسة المحاكمة أن المدافع عن الطاعن دفع بأن المتهم مصاب بآفة عقلية ومرض نفسي، وأنه لا يمكنه القيام بما نسب إليه، ويبين من الحكم المطعون فيه أنه عرض لهذا الدفاع واطرحه بقوله : «وحيث إن المحكمة تشير بادئ ذي بدء أنها لا تلتفت عما أثاره الدفاع قولاً منه أن المتهم يعاني من مرض نفسي إذ لم تقف له المحكمة على طلب فى هذا الشأن، وقد اختتم مرافعته طالباً القضاء ببراءته، مما ينفي أنه طلباً جازماً ولم يطلب من المحكمة إجراء فى ذلك الشأن ومن ثم تطرح ما أثاره الدفاع فى هذا الشأن جانباً». 

اقرأ أيضا: هل يجوز لـ"محكمة النقض" الرجوع عن أحكامها؟..وما هى حالات عدم جواز الطعن أمامها؟

 لما كان ذلك، وكان تقدير حالة المتهم العقلية والنفسية، وإن كان فى الأصل من المسائل الموضوعية التي تختص محكمة الموضوع بالفصل فيها، إلا أنه يتعين عليها ليكون قضاؤها سليماً أن تعين خبيراً للبت فى هذه الحالة وجوداً وعدما، لما يترتب عليها من قيام مسئولية المتهم عن جريمة أو انتفائها، فإن لم تفعل كان عليها أن تورد فى القليل أسباباً سائغة تبني عليها قضاءها برفض هذا الطلب، وذلك إذا ما رأت من ظروف الحال ووقائع الدعوى وحالة المتهم أن قواه العقلية سليمة وأنه لا يعاني من مرض نفسي-هكذا قالت «المحكمة». 

ولما كان الحكم-بحسب «المحكمة»- قد أسس اطراحه دفاع الطاعن فى هذا الشأن على أنه لم يطلب من المحكمة إجراء فى هذا الشأن مع أن ذلك لا يتأدى منه بالضرورة أن الطاعن لم يكن مريضاً بمرض عقلي أو نفسي وقت وقوع الفعل، فإنه كان يتعين على المحكمة حتى يكون حكمها قائماً على أساس سليم أن تحقق دفاع الطاعن عن طريق المختص فنياً للبت فى حالته العقلية والنفسية وقت وقوع الفعل أو تطرحه بأسباب سائغة.   

اقرأ أيضا: طعن يكشف تورط عميد كلية دار العلوم في فضيحة بيع الشهادات الجامعية الوهمية للكويت

ولا يقدح فى هذا أن يسكت الدفاع عن طلب دعوة أهل الفن صراحة، ذلك أن منازعة الطاعن فى سلامة قواه العقلية والنفسية تتضمن فى ذاتها المطالبة الجازمة بتحقيق دفاعه أو الرد عليه بما يفنده، أما وهي لم تفعل واكتفت بما قالته فى هذا الشأن ودون أن تعرض بالرد على ما قدم لها من مستندات يقول الطاعن أنها تظاهر دفعه، فإن حكمها يكون مشوباً بعيب القصور فى التسبيب والإخلال بحق الدفاع، مما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه والإعادة دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن .