كيف تصنع السوشيال ميديا إرهابي؟.. أرقام وإحصائيات تكشف الكارثة

الإثنين، 12 نوفمبر 2018 06:00 ص
كيف تصنع السوشيال ميديا إرهابي؟.. أرقام وإحصائيات تكشف الكارثة
السويشيال ميديا
محمود علي

مع تطور التكنولوجيا الرقمية، وخروج مواقع التواصل الاجتماعي إلى النور في أواخر تسعينات القرن الماضي، بدأت التنظيمات الإرهابية تعتبرها من الركائز الأساسية في سد الفجوة القائمة بينها وبين الجيوش النظامية في القدرة على التسليح و التجنيد، حيث استخدمتها تلك التنظيمات لتنفيذ أكبر عدد من الهجمات الإلكترونية مستغلة صعوبة التحكم فيها، والرقابة من قبل الجهات الحكومية المعادية لإحداث شرخ في العلاقة بين الأخيرة ومجتمعها لبث نوع من عدم الثقة والتشكيك عبر الأكاذيب والشائعات.
 
استغلال التنظيمات الإرهابية للتكنولوجيا جاء بشكل أكبر في أوائل الألفية الجديدة ببث مواد متشددة ومناظرات فكرية تؤيد الأيدلوجيات المتطرفة على المواقع والمنتديات، وذلك مع بدء تدقق الدول ومراقبتها لما ينشر من كتب وما يذاع في البرامج الدينية والمحاضرات وما يلقى من خطب في المساجد، بالتزامن مع بروز تنظيم القاعدة بشكل واسع على السطح عقب إعلانه مسئوليته عن تفجير أبراج التجارة العالمية الشهير في مانهاتن بالولايات المتحدة الأمريكية.
 
ومع زيادة التضييق من قبل حكومات الدول على تلك التنظيمات الإرهابية التي تعمل بعضها في السر، أو عبر أشخاص يرتدون عباءة الدين للتواصل مع المواطنين بغية استقطابهم، استمر الاعتماد أكثر على التكنولوجيا وذلك لتكون هي لغة التواصل مع المتعاطفين أو الذين لهم توجه قريب أو المنضمين الجدد، كما أنها أصبحت الأداة الأهم في الترويج لأفكارهم الشاذة لاستقطاب أعضاء جدد عبر إنشاء صفحات تتستر وراء الدروس الدينية أو التعليق عبر حسابات وهمية على تقارير صحفية وقضايا تهم المواطنين لجذب الانتباه.
واستغلت التنظيمات الإرهابية تميز شبكات التواصل الاجتماعي بقلة العبء المادي، مقابل نشر موادها كما هي بالإضافة إلى سهولة التواصل مع أعضائها الأمر الذي يتيح تشكيل مجموعات وتجنيد أعضاء وتأسيس علاقات واسعة تنتقل عبر حدود الدول بتكلفة محدودة جدًا.
 
الأرقام التي تداولاتها مراكز الأبحاث تكشف حجم الكارثة التي أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي في زيادة قوة الجماعات الإرهابية وارتفاع معدلات تأثيرها في المجتمعات خاصة العربية منها، فرغم أن إدارة موقع التدوينات القصيرة تويتر أعلنت عن حذف 235 ألف حساب إرهابي منذ عام تقريبًا، إلا أن الخبير الإعلامي معتز صلاح الدين كشف عبر دارسته (مواقع التواصل وكيفية تعظيم منافعها وتقليص أضرارها) أن  605 ألف حساب مازال يدعم الإرهاب على موقع التدوينات القصيرة، مشيرًا أن نسبة كبيرة جدًا تدعم التطرف بشكل أو بآخر، فمن ناحية ممكن أن تظهر هذه الحسابات تعاطف مع الإرهاب أو تنشر عبر حساباتها منشورًا يروج للأفكار المتطرفة.
 
وفي الفيس بوك هناك ملايين من الصفحات التي تحتوى منصاتها على منشورات تروج للتطرف، حيث رصدت إدارة فيسبوك قبل نحو 6 أشهر حوالي 29 مليون مشاركة في الموقع خرقت القواعد المتعلقة بحظر ترويج خطاب الكراهية أو الإرهاب خلال ثلاثة أشهر فقط، كما حذفت الشركة 583 مليون حساب مزيف في الفترة بين يناير  وحتى مارس.
 
حسابات تنظيمات إرهابية على الفيس بوك
حسابات تنظيمات إرهابية على الفيس بوك
 
وتعتمد التنظيمات الإرهابية على ملايين الحسابات المزيفة في الترويج لمنشوراتها على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر ، حيث تستخدم الجيوش الالكترونية التابعة لهذه التنظيمات أسماء مستعارة في أغلبها دينية في محاولة لجذب المتابعين، متحركة في أكثر من  جهة أولها محاولة تجنيد أكثر عدد من الشباب المتعاطفين مع فكر هذه التنظيمات المتشددة، والجهة الثانية إحداث نوع من التضامن والتأييد لهذه الأفكار من خلال بث منشورات حتى إذا كانت كاذبة للتأثير على الرأي العام والتشكيك في الأفكار المعارضة لها وذلك لتوسيع نفوذها في المجتمع، إما بهدف الاستقطاب أو التخويف من مواجهتها.
 
حسابات لتنظيمات إرهابية على تويتر
حسابات لتنظيمات إرهابية على تويتر
 
وتعتمد الجيوش الالكترونية لهذه الجماعات ليس فقط على المحتوى المنشور بل على الميديا المصورة ، حيث تشير الأرقام إلى زيادة العنف المصور وارتفاعه بشكل كبير، الأمر الذي واجهته مواقع التواصل الاجتماعي بالحذف، حيث أزالت إدارة فيسبوك من يناير إلى مارس الماضي نحو 1.9 مليون قطعة فيديو تشير إلى محتوى متطرف.
 
نشاط الجماعات الإرهابية ظهر أيضًا على موقع اليوتيوب بشكل واسع، وعلى الرغم من محاولة موقع الفيدوهات الأشهر في العالم ملاحقة كافة الحسابات الخاصة بنشر مقاطع تروج لأعمال متطرفة، قامت هذه الجماعات بتصوير مقاطع دقيقة لعملياتها في الكثير من المناطق حول العالم، كما نشرت مقاطع دعائية لها ترصد التدريبات الخاصة لأعضائها والأسلحة التي يستحوذون عليها، وقبل أن يحذف الموقع هذه المقاطع يتم نقلها على أكثر من حساب خاص بهم لزيادة التأثير، وهو ما رصدته سي إن إن الإخبارية في تقرير سابق لها ، حيث قالت إن داعش تنشر أو تعيد نشر ما يزيد على 90 ألف مادة إعلامية ودعائية يوميًا في وسائل التواصل، بغرض التواصل والتجنيد والدعاية والحشد.
 
وفي محاولة لمواجهة تحدي التأثير الضار للسويشيال ميديا على الوطن العربي، يعمل الأزهر على بث تقارير توعوية للشباب من أجل السيطرة على المخاطر الناتجة عن ما يبثه مواقع التواصل الاجتماعي، وحذر الأزهر من أن 80% من عمليات التجنيد لتنظيم داعش تتم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أصبح  التطرف يصل أسهل من أي وقت مدى ويتسلق إلى الشباب عبر الهواتف وداخل غرف نومهم بسهولة، الأمر الذي كان له انعكاسات خطيرة على انتشار ظاهرة الإرهاب.
 
 
وبقراءة هذه الأرقام والإحصائيات سنرى مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي في انتشار الفكر المتطرف والإرهابي، وتدخلها فى صميم الدول والمجتمعات، الأمر الذي  تؤثر بالسلب على أمن الدول واستقرارها من جانب، وتشكيل وعى الشباب بشكل خاطئ من جانب أخر.
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق