قصة منتصف الليل.. ليلة ماتت فيها الأم واسودت الحياة

الأربعاء، 28 نوفمبر 2018 09:51 م
قصة منتصف الليل.. ليلة ماتت فيها الأم واسودت الحياة
إسراء بدر

استيقظ "خالد" الطفل الذى لا يتعدى عمره الاثنا عشر عاما على صوت أشبه بالشخير يخرج من غرفة والدته، فاستغرب الأمر فلم يعتاد على شخيرها يوما فحاول إيقاظها ولكنها لم تستجب، فعاد إلى غرفته ليوقظ شقيقه الأكبر "أحمد" والذى يكبره بعامان وأخبره بالأمر فطمئنه وطلب منه العودة إلى النوم وترك أمهما ترتاح عسى أن تكون مرهقة.

images (8)

ومع أذان الفجر عاد الزوج "محمد" من عمله وأضاء الغرفة لتستيقظ زوجته كالعادة ليتناولا العشاء سويا فوجدها غارقة فى النوم على غير عادتها فاقترب منها وحاول إيقاظها فوجد جسدها أشبه بقطعة الثلج ولا تتجاوب مع حديثه ومحاولاته فصرخ بصوت مكتوم من هول الصدمة فاستيقظ أهل البيت والجيران وأخواته القاطنين فى الأدوار العليا من ذات العقار.

 

ظن الجميع أنها مصابة بإعياء وأسرعوا إلى المستشفى ولكن الأطباء رفضوا استقبالها وأخبروهم بوفاتها، وقعت هذه الكلمة على أذانهم كالسهام الحادة القاتلة، فقد توفت الفتاة الثلاثينية دون أن تعانى من أمراض بل كانت تراعى زوجها المريض وتصطحبه يوميا إلى المستشفى لإجراء الفحوصات الطبية فى انتظار إجراء عملية جراحية فى المعدة، وكانت فى أحسن حال، وبعد دقائق وصل أهلها وتحول المنزل الذى لم يصدر منه سوى أصوات الضحكات إلى مكان يمتلىء الصراخ والبكاء وحالات إغماء متتالية من الصدمة.

لم تكن الصدمة جراء وفاتها فقط، ولكنها بسبب أيضًا عدم تعرضها لشئ يزعجها أو مرض تعانى منه وكل ما فى الأمر أنها شعرت بألم فى الرأس فدخلت غرفتها لتحصل على قسط من الراحة ولكنها حصلت على القسط الأكبر من الراحة إلى الأبد.

وقف طفليها أمام المشهد والصدمة تتملكهما لا يدريان ما يحدث حولهما فكل ما يخيل لهما أن أمهما متعبة وستستيقظ بعد قليل لتحضير وجبة الفطار كعادتها، إلى أن جاء الطبيب من مكتب الصحة ليستكمل إجراءات تصريح الدفن ويليه المغسلة، فوجدا أمهما مسطحة على ظهرها لا حول لها ولا قوة والنساء يهرولون لحمل المياه الدافئة فى أوانى كبيرة وأغلقوا باب الغرفة لسترتها وبعد دقائق فتحت النساء الباب ووجدا أمهما تخرج ملفوفة فى الكفن ويضعوها فى صندوق خشبى وأصوات الشهادة تتعالى يتخللها أصوات البكاء.

images (7)

لم يصدق أحد من الطفلين حقيقة ما حدث لأمهما إلى أن جاءت لحظة الدفن ووقف حارس التربة يطلب محارمها ليحملوها إلى مثواها الأخير، فوجد الأبن الأكبر نفسه يسحب من يده ويحمل جثة أمه برفقة أبيه وينزل بها إلى القبر وهنا فاق من صدمته وعلم أن أمه لن تعود إلى المنزل مجددا فسقط أرضا طالبا النوم بجوارها فأخرجه المتواجدين بالقوة فنظر إليهم فلم يجد ملامحهم واضحة من كثرة الدموع فوقف عاجزا عن الحركة وكل ما يأتى فى خياله هو أين ستذهب أمه، فقد نامت وهى تعانى من آلام بسيطة فى الرأس دون سابق إنذار كأى شخص طبيعى وفجأة لم تستيقظ وتكمل غفلتها فى قبرها.

التقطت عيناه المشاهد المحيطة به والتى يراها لأول مرة لتظل محفورة فى ذهنه، وهنا علم معنى الغفلة وشعور الصدمة ووجع الفراق الأليم فبدأ يعيد حساباته ليبدأ حياته التى لا يعلم موعد نهايتها ويخشى النوم الذى سرق منه أمه فى ليلة الموت الصامت.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق