أردوغان يسير على خطى أجداده.. العثمانيون يبيحون دماء الإيزيديين

الخميس، 29 نوفمبر 2018 06:00 م
أردوغان يسير على خطى أجداده.. العثمانيون يبيحون دماء الإيزيديين
لاجئين

«أكثر من 6 آلاف امرأة وطفل أصبحوا سبايا في القرن الحادي والعشرين على يد تنظيم داعش الإرهابي، تعرضوا للبيع والعنف الجنسي والجسدي والنفسي، قتلوا الآلاف من أفراد عوائلنا أمام أعيننا، وهدموا بيوتنا وقرانا البسيطة، ونهبوا ممتلكاتنا ووزعوها غنائم بينهم، فعلوا كل هذه الجرائم لأن فكرهم الإرهابي لا يقبل الاختلاف».. كانت تلك هي أول كلمات الإيزيدية نادية مراد، عقب ظهورها في 2014.

الناشطة الإيزيدية نادية مراد، فجرت في عام 2014، أزمة 6 آلاف امرأة وطفل، ضحايا لتنظيم داعش الإرهابي، حيث قالت في كلمتها خلال حفل افتتاح منتدى شباب العالم في مدينة شرم الشيخ المصرية مطلع نوفمبر الجاري: «نصف مليون إيزيدي أعزل أجبروا على الهرب من مناطقهم تحت تهديد السلاح»، لكنها لم تعلم أن هذه الوحشية لا تقارن بوحشية العثمانيين الذين اتبعوا خطة ممنهجة لإبادة الإيزيديين.

الشابة البالغة 25 عاما والحاصلة على جائزة نوبل للسلام عام 2018 ربما لا تدري مبعث تلك الممارسات الوحشية بحق طائفتها المسالمة، فالتاريخ يثبت أن جرائم داعش ما هي إلا محاولة باهتة للوصول إلى نموذج الوحشية الملهم الذي قدمه العثمانيون عبر تنكيلهم البربري بالأقلية الإيزيدية في بلاد الرافدين.

جرائم الدواعش بحق الإيزيديين أعادت إلى الأذهان مذابح العثمانيين الوحشية لهم والبالغة 72 مذبحة، ولا تنفصل عن الاضطهاد التركي للطائفة التي عاشت سكرات الموت على أيدي الاحتلال العثماني طيلة 4 قرون، بدءا من مطلع القرن السادس عشر وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى في العام 1918.

افتتح سليمان القانوني المذابح العثمانية ضد الإيزيديين بفتوى من شيخ الإسلام أبو السعود أفندي تبيح له قتل رجالها وسبي نسائها، ردا على سؤال السلطان السفاح حول ما إذا كانت دماء أبناء الطائفة حلالا أم حراما، وتقول: "أفتى شيخ الإسلام ومرجع الخاص والعام العالم العلامة والحبر الفهامة أبو السعود أفندي بحق قتل الطائفة الإيزيدية المرتدة لعنهم الله ودمرهم واستأصلهم بأمر السلطان سليمان".

أجاب شيخ الإسلام عن سؤال السلطان المتعطش للقتل بمشروعية قتل الإيزيديين واستعبادهم، قائلا: "هم أشد كفرا من الكفار الأصليين، وقتلهم حلال في المذاهب الأربعة، وجهادهم أصوب وأثوب من العبادات الدينية، والمباشرة في قتلهم وقتل رؤسائهم من الواجبات الدينية، وحكام الوقت والولاة الذين يرخصون في قتلهم، ويحرصون على قتالهم ويرغبون في سبيهم شكر الله سعيهم وأعانهم وساعدهم على مقاصدهم وأيدهم عليهم بنصره العزيز. فلهم أن يقتلوا رجالهم ويستٲسروا ذريتهم ونساءهم ويبيعونهم في أسواق المسلمين كٲسارى سائر الكفار، ويحل لهم أيضا التصرف في أبكارهم وزوجاتهم بعد الاستبراء بملك اليمين على ما عليه الفتوى". 

صدرت الفتوى لتحل دماء الإيزيديين، فيما كانت الطائفة تخضع للدولة العثمانية وتؤدي الضريبة للسلطان نظير حمايتها، وبدلا من الدفاع عنها سار السلطان القانوني على درب أسلافه، وأعمل السكاكين في رقاب رجالها وشيوخها، حيث انطلقت أيدي عساكره الثقيلة تبطش في القرى الإيزيدية قتلا وأسرا في مشاهد تفوق في وحشيتها تلك التي ارتكبها تنظيم داعش الإرهابي.

واصل السلطان مراد الرابع جرائم أسلافه بحق الطائفة الإيزيدية عندما غزا بغداد في منتصف القرن السابع عشر، فارتكب مذبحة جديدة بحق أبنائها في العام 1640، بعد أن هاجم جنوده تجمعاتهم حول جبل سنجار، وقتلوا نحو 3 آلاف إيزيدي، وأشعلوا النار في 300 قرية، وتعقبوا الفارين منهم في الكهوف لإبادتهم.

شهد القرن التاسع عشر أبشع الجرائم في تاريخ الطائفة الإيزيدية على خلفية التحولات الكبرى التي شهدتها إسطنبول على يد السلطان عبدالحميد الثاني، بعد أن اعتمد سياسة اضطهاد غير المسلمين وإبادة الأقليات الدينية، فبدأ بالمسيحيين الأرمن، ثم تحول إلى الإيزيديين في شمال العراق.


بدأت الطائفة الإيزيدية تنكمش جغرافيا منذ عام 1892 حول جبل سنجار والقرى المحيطة به، فضلا عن انكماشها العددي لاعتناق عدد من أبنائها الإسلام هربا من البطش التركي، فيما واجه الذين تمسكوا بعقيدتهم التعذيب والذبح على أيدي الجنود الأتراك، وكثرت الملاحقات العثمانية لأبناء الطائفة حول الجبل، ولم ينج من تلك المذابح إلا الأسرع والأقدر على المناورة والتخفي في دروب الجبل وكهوفه.

الديانة الإيزيدية أقدم من المسيحية والإسلام، وهي هجين من الأديان الوضعية مثل المانوية والزرادشتية ثم تم تطعيمها ببعض الأفكار الإسلامية والمسيحية فيما بعد، وأطلق العثمانيون عليهم اسم "عبدة الشيطان" للمكانة التي يحتلها الشيطان "عزازيل" المعروف بـ "رئيس الملائكة" أو "ملك طاووس" في معتقدهم.

فيما ينكر أبناء الطائفة ذلك، مؤكدين أنهم يؤمنون بالإله المعبود في المسيحية والإسلام، لكنهم يعبدون أيضا الملائكة السبعة المذكورين في عهدهم القديم، وعلى كل حال قررت الخلافة الراشد ثم خلافتي الأمويين والعباسيين ترك الشعب المسالم ليمارس عبادته دون مساس، وهو الأمر الذي تغير مع قدوم الأتراك.

عاش الإيزيديون شمال العراق أغلب العصور الوسطى، ولما اتجهت أطماع العثمانيين إلى الشرق في مطلع القرن السادس عشر وبدأ صراعهم ضد الدولة الصفوية حول جنوب وشرق الأناضول والعراق، بدأ الاضطهاد التركي للأقليات الدينية، فكان للإيزيديين نصيب الأسد من البطش العثمانلي.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة