أردوغان والأرهاب قصة حب لا تنتهي.. تنظيم «حوح» بطل مسرحية الانقلاب المزعومة

الأحد، 09 ديسمبر 2018 09:00 م
أردوغان والأرهاب قصة حب لا تنتهي.. تنظيم «حوح» بطل مسرحية الانقلاب المزعومة
إردوغان

يحمل رجب إردوغان تقديرا خاصًا للإرهابيين، لا يكاد يفوت مناسبة من دون الإشادة بهم، بشفرات يعتقد أنها غير مفهومة إلا لهم، لكنها واضحة للجميع.

علاقات إردوغان بالإرهابيين داخل تركيا وخارجها متشعبة؛ لكن تنظيم «الحركة الشعبية الخاصة»، المعروف باسم «حوح» له مكانة خاصة لدى سلطان أنقرة، فقد ساعدته هذه الميليشيا المسلحة في إخراج مسرحية الانقلاب الفاشلة، وسفكت دماء الجنود المتهمين بالمشاركة في الانقلاب المزعوم أمام الكاميرات؛ ما دفعه لحمايتهم وسن قوانين خاصة تمنع محاكمتهم، ثم تكليف جهاز الاستخبارات بتدريبهم في أحد سافر للجميع.

في يوليو 2017، في كلمته بمناسبة الذكرى الأولى لمسرحية الانقلاب، قال إردوغان مخاطبًا من تصدى للجنود وغيرهم ممن يصفهم بالإنقلابيين "أنا ممتن لجميع أبناء أمتي الذين دافعوا عن البلاد"، مضيفًا "إن 250 شخصا فقدوا حياتهم ولكن البلاد كسبت مستقبلها".

وبالرغم من زعمه أن أنصاره وقتها لم يملكوا سلاحا "وكان معهم علمهم وإيمانهم فقط"، إلا أن الوقائع لا تكذب، فقد حمل عناصر تنظيم "حوح" السلاح علنا وارتكبوا مذبحة للجنود أعلى جسر البوسفور صباح 16 يوليو 201، وأصابت طلقاتهم المجنونة المدنيين أيضا، وقتلوا الشاب مراد مكين الطالب في المدرسة الحربية الجوية وقتها.

ولد تنظيم "حوح" (HÖH) المسلح أو "حركة الشعب الخاصة" بدعم من جهاز الاستخبارات التركي، وضم المئات من مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي الذين خرجوا من سورية إلى تركيا، ويصل عدد أعضائه إلى 7 آلاف عضو.

تحتضن مدينة طرابزون شمال تركيا المقر الرئيسي للتنظيم، وهو مسجل رسميًا كجمعية "فكرية" تنشط في المجال السياسي والاجتماعي، مدون اسمها في الموقع الإلكتروني لرئاسة وحدة الجمعيات التابعة لوزارة الداخلية.



يرأس الجمعية أو التنظيم الإرهابي "فاتح كايا" رئيس فرقة "جبل التركمان" الإرهابية، التي كانت تقاتل في سورية كواحدة من الفرق المدعومة من رجب إردوغان شخصيا.

يضم "حوح" مئات الأتراك الذين كانوا محبوسين في السجون التركية وأفرج عنهم، لكن معظم أعضائه من الأجانب القادمين من صفوف "داعش" في سورية.

تهدف الجمعية بحسب ما هو معلن لـ"التصدي المسلح لأي محاولة انقلابية جديدة قد تشهدها تركيا" وتتحرك بناء على أوامر إردوغان.  

يقول رئيس التنظيم فاتح كايا في تصريحات لموقع طرابزون خبر إن "دعوة إردوغان جموع الشعب للخروج إلى الشوارع ليلة المحاولة الانقلابية تشبه الجهاد، ولذا يتوجب على الجميع أن يستجيبوا لها".

وأكد أنه وأعضاء تنظيمه المسلح بقوا في الشوارع والطرقات ليلة 15 أكتوبر حتى الصباح استجابة لطلب إردوغان البقاء في الميادين، لافتًا إلى أنه قام بزيارة الرئيس التركي، وأنه ورفاقه مستعدون لتنفيذ "كل المهام التي تم يكلفهم بها".

خلال عام واحد بلغ عدد أعضاء التنظيم 7 آلاف عضوا في 22 مدينة تركية في مقدمتها أنقرة وإسطنبول، باعتراف كايا، مشيرًا إلى تحركهم بناء على تعليمات إردوغان وحزب العدالة والتنمية، وفق تصريحات نقلتها صحيفة صحيفة زمان في ديسمبر 2017.



كانت سيارات تابعة لـ"حوح" انتشرت في  منطقة كيزيلاي في أنقرة، حاملة اسم التنظيم،  كما ظهرت في شوارع إسطنبول بكثافة وقت الإعلان عن الانقلاب.
يتذكر الأتراك بألم ما قام به عناصر هذه الميليشيا صباح ذلك اليوم، فعقب استسلام الجنود والعسكريين المتهمين بتنظيم الانقلاب المزعوم أعلى جسر البسفور تعرضوا للضرب المبرح، والقنص.

أسرة طالب الجوية القتيل طالبت السلطات التركية بمحاكمة القتلة وجلب حق ابنهم، لكن إردوغان كافأ القتلة وأصدر قانونا يعفي المدنيين الذين تصدوا لمحاولة الانقلاب من الملاحقة القضائية.

حسب المعلومات التي أدلى بها مؤسس ورئيس التنظيم الإرهابي، فإنه موظف حكومي حصل على إجازة دون أجر لمدة 6 أشهر، توجه خلالها إلى سورية للقتال ضد قوات الجيش السوري قبل أن يعود، لتحتضنه استخبارات إردوغان ويعمل تحت إمرتها.

ويشرف على تدريب عناصر التنظيم قيادات من الاستخبارات لتشكيل قوات نخبة مجهزة بالعدة والعتاد اللازم لتنفيذ عمليات اغتيال سرية ضد المعارضين، وتنفيذ أي عمليات أمنية سرية لصالح حكومة العدالة والتنمية داخل تركيا.

تذكر تقارير صحفية أن حليف إردوغان رئيس حزب الحركة القومية المتطرف دولت بهتشلي يدعم وجود ميلشيا "حوح" لإرهاب المعارضين والسياسيين والقيام باغتيالات سرية لصالح حليفه إردوغان وحكومته، بزعم الحفاظ على "الدولة التركية".

جرى منح "حوح" الحصانة من الملاحقة القضائية بموجب قانون صدر عن مجلس الوزراء التركي في ديسمبر 2017،  ونص مرسوم الطوارئ رقم 696 على إعفاء المدنيين المشاركين في صد "المحاولة الانقلابية" من المساءلة القانونية.



المرسوم أثار السخط حتى بين رجال حزب إردوغان، فقد وصفه الرئيس التركي السابق عبد الله غول بأنه لا يتوافق مع معايير دولة القانون. وقال "هذه الخطوة تبعث على القلق في ظل دولة يسود فيها القانون"، مطالبا بمراجعته "قبل أن يتسبب في وقائع أليمة لا عودة منها".

خارجيا، أصدر مجلس أوروبا قرارا يقضي برفض تحصين إردوغان للإرهابيين. وقال المتحدث باسم مجلس أوروبا دانييل هولتجين إنه اقترح على  تركيا إنشاء لجنة مراسيم، مضيفا "سنتواصل مع الحكومة التركية بشأن الأمر خلال فترة قصيرة.

واستنكر عدد من الأحزاب والسياسيين والمعارضين في تركيا  المرسوم، وقالوا إنه "يؤجج الحرب الأهلية" ولا يمر إلا في "دولة قبلية".

نائب حزب الشعب الجمهوري محمود تانال قال في كلمة داخل البرلمان التركي "إنه لا مكان للجهاد في دولة القانون، قوات الأمن التابعة للدولة هي من تتولى حماية بقائها". وشدد على أنه لا حاجة لهذه الميليشيات، مطالبا بحل التنظيم فورا.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة