هل حضانة الصغير تكون للأم ولو كانت غير مسلمة؟.. النقض تُجيب (مستند)

السبت، 29 ديسمبر 2018 08:00 ص
هل حضانة الصغير تكون للأم ولو كانت غير مسلمة؟.. النقض تُجيب (مستند)
محكمة النقض
علاء رضوان

إن مسألة الحضانة في حال الفراق بين الزوج وزوجته من المسائل الشائكة خاصة في هذا العصر الذي تتعدد فيه المشكلات والقضايا بالنسبة لتنشئة الأطفال وتربيتهم وحمايتهم من المخاطر، وتزداد المسألة تعقيدا عندما يكون الفراق بين زوجين مختلفي الديانة وما يصاحب قضايا حضانة أطفالهم من تعقيدات .

هذا في ذات الوقت الذي تتداخل فيه العواطف بين نقيضين فهناك أم حملت ولدها كرها ووضعته كرها تنتظر بره بها  وحمايته لها فتبذل كل وسيلة لصد أبيه عن نزعه منها، وهناك أب يخشى على ولده من أم قد تحوله إلى ديانتها فيفرط منه وهو يراه وعندئذ يلومه من يلومه ويشمت به من يشمت.

محكمة النقض المصرية سبق لها وأن تصدت لهذه الإشكالية من خلال التأكيد على أن حضانة الصغير ثبوتها للأم ولو كانت على غير دين الإسلام وهى أحق بحضانة ولدها المسلم، وعلة ذلك أن أهل الكتاب فى الحضانة بمنزلة أهل الإسلام.   

الولد يتبع من؟

جاء ذلك من خلال الطعن المقيد برقم 15277 لسنة 74 القضائية «أحوال شخصية» فى جلسة 15 يونية سنة 2009، برئاسة المستشار حسن حسن منصور، وعضوية المستشارين الدكتور محمد فرغلى، ومحمد عبد الراضى عياد، وعبد الفتاح أحمد أبو زيد، وعرفة أحمد دريع، قالت فيه أن الولد يتبع أحد أبويه فى الإسلام، وعلة ذلك أن هذه التبعية لا تنقطع إلا بالعقل والبلوغ ولا يكفى سن التمييز، وأن الأصل فى البلوغ ظهوره بإماراته المعهودة أو بتجاوز الخمس عشرة سنة هجرية، وأن الأم الكتابية تستوى مع الأم المسلمة فى استحقاق حضانة الولد المسلم، وعلة ذلك أيضاَ استوائهما فيما يوجب هذا الحق وهو الشفقة على الصغير التى مردها فطرة النفس البشرية أياً كان دين صاحبها.  

شروط إسقاط حضانة الأم الكتابية

وعن إسقاط الحضانة عن الأم الكتابية قالت محكمة النقض أن شرطه تكون لدى الولد المحضون القدرة على إعمال العقل فى التمييز بين الأديان المختلفة ببلوغ الصغير سن معينة يعول عليها بمدى إدراك الصغير لما يعد إلفاً لغير دين الإسلام وأن يصدر عن الحاضنة أقوال أو أفعال مع الصغير ينجم عنها ألفه لغير دين الإسلام، ومؤداه يجب على المحكمة استظهار هذين الأمرين قبل القضاء بإسقاط الحضانة عن الأم الكتابية .  

المقرر فى الفقه الحنفى - وعلى ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن أولى الناس بحضانة الصغير أمه بالإجماع ولو كانت غير مسلمة، لأنها أشفق وأقدر على الحضانة، فكان دفع الصغير اليها أنظر له، والشفقة لا تختلف باختلاف الدين، وإن الأم الكتابية أحق بولدها المسلم، لأن أهل الكتاب فى الحضانة بمنزلة أهل الإسلام .  

المقرر أيضاَ أنه من المتفق عليه فى الفقه الإسلامى أن الولد يتبع أحد أبويه فى الإسلام باعتباره خير الديانات حتى يصير مكلفاً، ولا تنقطع هذه التبعية ويتحقق هذا التكليف إلا بالعقل والبلوغ لأنه أنظر له، ولا يكفى سن التمييز، والأصل فى البلوغ أن يظهر بإماراته المعهودة، وألا يتجاوز الخمس عشرة سنة هجرية، فضلاَ عن إن فى استحقاق حضانة الولد المسلم، تستوى الأم الكتابية مع الأم المسلمة، لاستوائهما فيما يوجب هذا الحق، وهو الشفقة على الصغير ، التى مردها فطرة النفس البشرية، أياً كان دين صاحبها . 

الفقه الحنفى

فى الفقه الحنفى -  بحسب محكمة «النقض» - أنه فيما يتعلق بإسقاط الحق فى الحضانة فإن الحاضنة الكتابية تختص بأحد أوجه هذا الإسقاط وهو أن يعقل الولد الأديان، وذلك بأن يبلغ سبع سنين، أو يخشى عليه أن يألف غير دين الإسلام قبل هذه السن، ومفاد ذلك أن الأخذ بهذا الوجه من إسقاط الحضانة عن الأم الكتابية يتطلب توفر أمرين، هما أن تكون لدى الولد المحضون القدرة على إعمال العقل فى التمييز بين الأديان المختلفة ولو لم تكن له القدرة على اختيار أحدها، وقد يكون ذلك ببلوغ الصغير سن معينة، كالسابعة أو قبلها أو بعدها، إذ المعول عليه فى تحديد ذلك هو مدى إدراك الصغير لما يعد إلفاً لغير دين الإسلام، وهو ما لا يكون فى السابعة وحدها أن يصدر عن الحاضنة الكتابية أقوال أو أفعال مع الصغير ينجم عنها أنه يألف غير دين الإسلام.

 ويجب على المحكمة أن تستظهر هذين الأمرين قبل القضاء بإسقاط الحضانة عن الأم الكتابية، ولا سيما أن الشريعة الغراء لا تتعجل هذا الإسقاط، طالما وجدت إلى توقيه سبيلاً على نحو ما هو مقرر فى فقه هذه الشريعة من أنه إذا خِيف على المحضون من حاضنته الكتابية فساد، كأن تغذيه بلحم الخنزير، أو تسقيه خمراً، ضُمت إلى مسلمين ليكونوا رقباء عليها، ولا ينزع منها .

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق