«جينات» حب صناعة الموبيليا انتقلت إليها من أبيها، فبدأت أناملها تتحرك نحو «عدة الشغل» تتحسسها وتتحرك معها مشاعر الألفة، بدأت في استخدام «الشاكوش» والمسامير في تنفيذ بعض الأشكال شبه الهندسية في سن مبكرة، لقيت دعما وتشجيعا من أشقائها الملتحقين هم الأخرين بمهنة والدهم، حتى أصبحت واحدة من أشهر فتيات محافظة بني سويف.
ماجدة شحاتة، 35 عاما، فتاة اقتحمت واحدة من أصعب مهن الرجال، بل أبدعت فيها حتى حظيت بشهرة كبيرة بين نجار وصناع الموبيليا في محافظتها، تسرد قصتها قائلة: «كان والدى يعمل نجارا بسيطا ورزقه الله بثمانية من الأبناء انا أصغرهم ولم نلتحق جميعا بالمدرسة وتعلم شقيقاى إسحق وأشرف الصنعة وعندما بلغت الثانية عشر شعرت بميول للمهنة و بدأت استخدم الشاكوش فى تثبيت المسامير على الأخشاب وحظيت بتشجيع من إخوتى دفعنى إلى الاستمرار فى تعلم المهنة».
وأضافت ماجدة: «خلال سنوات قليلة تعلمت تحديد المقاسات وتقطيع الأخشاب على المنشار وتجميعها وتصنيع دلف الدواليب وجوانب الأسرة ومستلزمات الموبيليا وبرغم عدم تقبل أهالى القرية وقتها فكرة ممارستى مهنة النجارة مثل الرجال وسماعى لكلمات سخرية إلا اننى واصلت طريقى وأتقنت المهنة وذاع صيتى فى سوق تصنيع الموبيلي، وتحول رفض الأهالى لعملى فى مهنة الرجال إلى تشجيع، خاصة الفتيات المقبلات على الزواج اللاتى أصبحن يطلبن من خطبائهن شراء أثاث حجرات الزفاف من ورشتنا».
وتشير الفتاة إلى أنها وشقيقيها يقومون بتصنيع جميع الموبيليا المعروضة بورشتهم دون شراء أي قطع جاهزة، كما أنه يعمل معها اثنان من «الاسترجية» لدهان مايقومون بإنتاجه حال طلب الزبائن ذلك، متابعة: «يعرض علينا بعض الزبائن صورا لأنواع من أثاث الحجرات الحديثة ونقوم بتصميمها بكفائة عالية، ويرتفع ثمن الموبيليا هذه الأيام نظرا لزيادة أسعار الأخشاب بالأسواق ولكننا لا نطمع فى مكسب زائد و نراعى أحوال المعيشة وحالة الشباب المقبلين على الزواج ونبيع الموبيليا المودرن مختلفة الأنواع بأسعار مناسبة».
وعن قصة رفضها للزواج، تؤكد الفتاة أنها فضلت التفرغ لمهنة والدها، ورعاية والديها المسنين وأبناء أشقائها، مستطردة: «نقيم جميعا بمنزل بقرية السلطانى بمركز ببا جنوب المحافظة وبرغم أننا الأسرة المسيحية الوحيدة بالقرية إلا أن جيراننا من المسلمين يقدروننا وتربطنا بجميع الأهالى صلات طيبة كما أحظى بدعمهم لى وشراءهم للموبيليا من ورشتنا».
وأوضحت الفتاة أن رئيس الوحدة المحلية لقريتهم يقدم لها ولورشتها الدعم الكامل للاستمرار في صنعتهم، كما يحرص فتيان القرية على متابعتها أثناء العمل، معلقين: «الله ينور يا اسطى ماجدة»، لافته إلى أنها بدأت في تعليم واحدة من بنات شقيقها أشرف وهي طالبة بالثانوية الصناعية، كمساعدة لها في العمل، مطالبة مسؤولى المحافظة والجهات المانحة بدعم مشروعها وتوسعة الورشة التى تنفق على أسرة تضم أكثر من 15 فردا بينهم طلاب مدارس وصنايعية وكبار السن.