فضائح مفزعة.. "هيومان رايتس" توثق إرهاب دولة إردوغان

السبت، 19 يناير 2019 07:00 م
فضائح مفزعة.. "هيومان رايتس" توثق إرهاب دولة إردوغان
تظاهرات

فتحت منظمة هيومان رايتس ووتش النار على الرئيس التركي رجب أردوغان وحكومته بسبب الأوضاع القمعية في تركيا، وثقت المنظمة الأشهر في مجال حقوق الإنسان تقرير شمل في مجمله وصفها الأمر بأن "حكومة العدالة والتنمية تستخدم الإرهاب كفزاعة للاستبداد وتمرير الإجراءات القمعية".

بوثيقة دولية أصبح 2018 عامًا لانتهاكات إردوغان، عبر سلسلة من الجرائم الممنهجة التي يرتكبها نظامه تحت ذريعة محاربة الإرهاب ومطاردة أشباح الانقلابيين، لم ينج منها طلاب أو رجال أعمال أو صحفيون أو طالبو لجوء، فالكل ينال نصيبه من إرهاب الدولة التركية.

في تقريرها الدولي لعام 2019 فضحت المنظمة الدولية - المعنية برصد حالة حقوق حول العالم- خداع إردوغان لتبرير التنكيل بمعارضيه، فبعدما ألغى حالة الطوارىء في يوليو الماضي عاد وأصدر قانونًا جديدًا لمكافحة الإرهاب المختلق بنفس الصلاحيات في أغسطس.

انتخابات القمع
التقرير كشف أن الانتخابات البرلمانية والرئاسية في 2018 أجريت في ظل ملاحقات أمنية ورقابة مشددة على الإعلام، مؤكدا أن النظام الرئاسي الذي أقر للمرة الأولى بعد تعديل دستوري يفتقر إلى الضوابط اللازمة لمنع تجاوزات السلطة التنفيذية، ويقلّص كثيرًا من صلاحيات البرلمان و يعزز سيطرة إردوغان على التعيينات القضائية.

المنظمة الدولية قالت إن قانون مكافحة الإرهاب المعيب وسع صلاحيات حكام الولايات المعينين -الواسعة أصلا- في حظر التجمعات، إلى جانب إطلاق يد السلطة في البطش بالموظفين بقرارات إدارية، بما يشمل القضاة؛ وسمح بتغول الشرطة على حقوق المواطنين.

كاشفة عن الإجراءات التعسفية التى طالت أكثر من 130 ألف موظف بالفصل لأسباب مصطنعة، منها صلات موهومة بحركة فتح الله غولن (الخدمة).
اللجنة المعنية بمراجعة قرارات الفصل -تأسست باقتراح من مجلس أوروبا في 2017- أصدرت قرارات في 36 ألف ملف، ومازال أمامها ما لا يقل 88 ألفا و660 استئنافا لم تراجعه، فيما أصدرت قرارات بإعادة 2,300 إلى وظائفهم، حسب تقرير المنظمة.


استمر إردوغان في توزيع الإتهامات دون سند وأدلة دامغة، وحسب بيانات رسمية صادرة عن وزارة العدل التركية، بلغ عدد السجناء أو المدانين بجرائم إرهابية حتى يونيو الماضي246 ألفا و 426 من بين 48 و924 ألفا، بما يعادل خمس السجناء. 

عدد المعتقلين بصلات مزعومة بفتح الله غولن نحو 34 ألفا و241 وحزب العمال الكردستاني 10 آلاف و286، وتنظيم داعش الإرهابي 1,270 ألف.

المنظمة الدولية أكدت أن الاتهامات بالإرهاب مختلقة وتفتقر لأدلة دامغة عن وجود نشاط إجرامي أو "أعمال معقولة يمكن اعتبارها إرهابية"، معربة عن تخوفها من استخدام إردوغان إجراءات الحبس الاحتياطي كشكل من العقاب الجماعي للمعارضين.

التقرير أوضح استمرار المحاكمات الهزلية للعسكريين وغيرهم بتهمة الضلوع في مسرحية انقلاب يوليو 2016، وحتى يونيو الماضي أدين 2,177 متهمًا وبرئ 1,552 آخرون، حسب وزارة العدل، وإلى الآن لم تصدر أي أحكام نهائية.


المنظمة الدولية أكدت أن تركيا مازالت الأولى عالميًا في سجن الصحفيين، حيث يبقى نظام إردوغان على 175 منهم رهن الحبس والسجن بتهم مختلقة عن علاقات موهومة بالإرهاب.

التقرير أوضح أن مناخ الإعلام يفتقر لأدنى درجات الاستقلالية والحرية، وأن أغلب الصحف والقنوات تحولت لمساندة الحكومة حفاظًا على بقائها، فيما تصدر الأحكام القضائية بحق صحفيين بدوافع سياسية، ولا تكون أدلة الإدانة سوى تقارير مهنية لا تدعو للعنف لكنها لا تسير على هوى السلطة.

في فبراير الماضي حُكم على الكتاب والمحللين أحمد ومحمد ألتان ونزلي إليجاك بالسجن المؤبد بتهم ملفقة تتصل بالانقلاب، وفي أبريل أدين 14 من العاملين بصحيفة جمهورييت بتهم إرهابية، بينهم رئيس التحرير، ونالوا عقوبات بالسجن بين عامين و8 أعوام، فيما برئ 3 فقط.

في سبتمبر، أيدت محكمة النقض حكما بالسجن ضد النائب عن حزب الشعب الجمهوري أنيس بربر أوغلو بسبب تداوله فيديو نشرته صحيفة جمهورييت يصوّر ضبط ست شاحنات تابعة للاستخبارت التركية وهي تنقل أسلحة إلى إرهابيين في سورية، فيما أمرت بإطلاق سراحه  -بعد ذلك - بعد أن أمضى 16 شهرًا في الحبس الاحتياطي.

في يوليو، انتهت محاكمات 31 من صحيفة زمان المغلقة بتهمة الإرهاب، وحوكم أحمد توران ألكان وشاهين ألباي وعلي بولاتش - بعد حبسهما سنتين احتياطيا- بالسجن 8 سنوات و9 أشهر، وعلى مصطفى أونال وممتازر توركونه  بـ 10 سنوات و6 أشهر.

تقرير هيومان رايتس ووتش رصد حجب المواقع الإلكترونية، وتعرض الآلاف لتحقيقات جنائية ومحاكمات بسبب تعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن استمرار حجب موقع "ويكيبيديا".

"لا صوت للكرد" أعلنها نظام إردوغان، ما يفسر غياب مساحة لرصد التجاوزات ضد الأكراد جنوب شرق البلاد، في تقرير المنظمة، الذي رصد معاناة صحفييهم، قائلا إنه في مارس الماضي داهمت شرطة إردوغان جريدة الديمقراطية الحرة، واعتقلت العاملين بها، ولم تكتف بذلك بل حولت أصولها إلى ملكية الدولة.
وفي يوليو، أصدرت الحكومة مرسومًا بإغلاق الجريدة، ليواجه 21 من موظفي الطباعة و14 صحفيا محاكمات منفصلة، ويبقى 13 آخرون رهن الحبس الاحتياطي.
 
2018 شهد زيادة في الحظر التعسفي للتجمعات، بفعل القانون المعيب الذي منح سلطات مطلقة لحكام الولايات. المنظمة الدولية رصدت احتجاز الشرطة لطلاب من جامعات بارزة؛ بسبب احتجاجات سلمية ضد احتلال عفرين السورية، إضافة إلى حملهم لافتات منددة بالسياسة الاستعمارية لإردوغان ضد الدول العربية.
 
على إثر الاحتجاجات حبست سلطات أنقرة 18 طالبًا على الأقل احتياطيًا، كما ألقت القبض على عدد أكبر بتهم "نشر دعاية إرهابية والإساءة إلى الرئيس".
 
في أغسطس حظرت وزارة الداخلية التجمع الاحتجاجي الأسبوعي، الذي تُنظمه منذ وقت طويل جمعية "أمهات السبت"، في وسط إسطنبول، وفرّقت الشرطة الاحتجاج، واعتقلت 27 منهن لوقت قصير، وما زال الحظر قائما. 
 كما حظرت تجمعا للناشطات في ديار بكر، وفعاليات أخرى نظمها فرع الجمعية بالمدينة منذ سبتمبر الماضي. و"أمهات السبت" هي حركة لأقارب ضحايا الاختفاء القسري الذي تمارسه سلطة أنقرة، وتطالب بمحاكمة المتورطين في الجريمة.
 
في 15 سبتمبر الماضي، اعتقلت الشرطة مئات العمال المحتجين على ظروف العمل والمعيشة المزرية في موقع بناء المطار الثالث في إسطنبول، وبمحاكمات هزلية حُكم على 37 منهم بالحبس احتياطيا، منهم مسؤولون نقابيون، فيما يواجه آخرون عدة تهم في انتظار فصل القضاء.


 

"هيومان رايتس ووتش" قدمت شواهد على استهداف إردوغان للمنتمين لمنظمات المجتمع المدني، كما رصدت الانتهاكات المتكررة لحقوق الإنسان تحت زريعة محاربة الإرهاب.
في أغسطس الماضي، قضت محكمة في إزمير بإطلاق سراح الرئيس الفخري لفرع منظمة العفو الدولية بتركيا تانر كيليتش، بعد أن أمضى أكثر من 13 شهرًا في المعتقل.
 
كيليتش مازال يواجه المحاكمة بتهم إرهابية مزيفة مع 8 نشطاء حقوقيين بارزين آخرين ومواطنَين أجنبيَّين يعملان في مجال حقوق الإنسان اعتُقلا في يوليو 2017 ثم أطلق سراحهما في وقت لاحق بكفالة.
 
رجل الأعمال والناشط المدني عثمان كافالا اقتيد إلى الحبس احتياطيًا منذ نوفمبر 2017، دون أن توجه إليه أي تهم حتى اليوم.
في نوفمبر وسعت النيابة التحقيق باحتجاز 13 شخصا آخرين، بعضهم على صلة بالمنظمة غير الحكومية التي يديرها كافالا، ثم أفرج عن 12 منهم، ولكن الناشط الحقوقي يغيت أكساكال أوغلو مازال في انتظار محاكمته.
 
استهدفت حملة تشهير في وسائل الإعلام وتعليقات علنية لإردوغان رجل الأعمال الخيرية جورج سوروس المقيم في الولايات المتحدة، ما دفع مؤسسة المجتمع المنفتح -أسسها سوروس- في نوفمبر إلى إعلان حل فرعها ووقف نشاطاتها في تركيا.
 
محامو حقوق الإنسان من بين أكثر من ألف و500 محام يواجهون محاكمات بتهم إرهابية، تُبرز التدهور الشديد في بلاط العدالة. في سبتمبر أفرجت محكمة في إسطنبول عن 17 منهم بكفالة بعد أن أمضوا سنة في الحبس الاحتياطي، بتهمة مختلقة عن الانتماء لفصيل يساري مسلح، لكنها تراجعت عن قرارها بعد يوم واحد، وأمرت بإعادة اعتقال 12 منهم، وما زالت قضيتهم مستمرة.


 

مراكز الشرطة والسجون تحولت لأوكار للتعذيب والمعاملة السيئة والقاسية والمهينة. المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب تطرق في تصريح له في فبراير الماضي إلى أن حكومة العدالة والتنمية لم تفتح أي تحقيقات فعالة في عمليات الاختطاف في 2017، والتي يتهم فيها مؤيدون للنظام.
 
المنظمة الدولية رصدت استمرار السلطات خلال عام 2018 في ملاحقة المعارضين حول العالم بتهم مزعومة عن تأييد غولن، مشيرة إلى تعاون أجهزة الأمن في بعض البلدان مثل كوسوفو ومولدوفا، مع طلبات الملاحقة -دون مراعاة سلامة الإجراءات- وأوقفت ورحلت مواطنين أتراك طيلة العام إلى أنقرة، حيث تعرضوا للاحتجاز والمحاكمة.

"هيومان رايتس" أظهرت استمرار إردوغان في إجراءاته القمعية ضدّ برلمانيين منتخبين ورؤساء بلديات عن أحزاب داعمة للأكراد.
حزب الشعوب الديمقراطي فاز بـ67 مقعدا في البرلمان (11.9 من مجموع الأصوات) في انتخابات الأخيرة، إلا أن كثيرا من أعضائه يقبعون في السجون، بينهم النائبة ليلى جوفان و9 برلمانيين سابقين يقضون الحبس الاحتياطي المطول بتهم سياسية، فيما فقد 11 مقاعدهم في الفترة السابقة لانتخابات يونيو الماضي، ومنعوا من الترشح مرة أخرى.
 
في جنوب شرق تركيا، استمر تعليق الديمقراطية بسيطرة الحكومة على 94 بلدية، بعدما فاز بها حزب الأقاليم الديمقراطية -المقرب من "الشعوب الديمقراطي"-  بالانتخابات المحلية سنة 2014، بينما يقبع نحو 50 رئيسا مشاركا للبلديات في السجن بتهم إرهابية لها دوافع سياسية، بعد أن عُزلوا من مناصبهم وعين تابعين للسلطة مكانهم.



التقرير الدولي أوضح انتهاكات حرس الحدود التركي ضد طالبي اللجوء، ورصد إطلاق نار على سوريين حاولوا عبور الحدود. ومنذ نوفمبر 2017، علقت 10 ولايات تسجيل السوريين الذين يتمكنون من عبور الحدود والوصول إلى تركيا، وكشفت المنظمة ارتفاع معدل عمالة أطفال اللاجئين وانخفاض نسبة تسجيلهم  في المدارس. 
 
التقرير رصد انتقادات الاتحاد الأوروبي لانتهاكات حقوق الإنسان في تركيا، مدللا بحديث دائرة العمل الخارجي بالاتحاد بخصوص احتجاز المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين والبرلمانيين والأكاديميين.
 
في مارس الماضي، نشر مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريرا حول انتهاكات قانون الطوارئ، ووصف احتجاز حوالي 600 امرأة مع أطفالهن الرضع أو الصغار بسبب صلات مزعومة لأزواجهن بمنظمات إرهابية بـ"النمط المفزع".
 
في نوفمبر، رأت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان أن الحبس المطول والمتكرر للمعارض صلاح الدين دميرطاش فيه انتهاك لحقوقه و"هدفه الخفي وأد التعددية وتقييد حرية النقاش السياسي".

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق