تحيا أفريقيا وشعوبها.. السيسي يتسلم مفاتيح القارة السمراء ويعد بمستقبل مزدهر

الإثنين، 11 فبراير 2019 03:00 ص
تحيا أفريقيا وشعوبها.. السيسي يتسلم مفاتيح القارة السمراء ويعد بمستقبل مزدهر
الرئيس السيسي بالقمة الأفريقية
شيريهان المنيري

 

كل المؤشرات تقول إن الاتحاد الأفريقي سيشهد انطلاقة قوية في 2019 بعد تولي مصر والرئيس عبد الفتاح السيسي رئاسة الاتحاد، خاصة بعدما قدّم الرئيس السيسي في كلمته اليوم أمام القمة العادية الـ32، خارطة طريق ستسير عليها الرئاسة المصرية خلال الفترة المقبلة.

خارطة الطريق المصرية التي أعلنها الرئيس السيسي، ستهتم بمشاغل الأشقاء الأفارقة، حيث قضايا التنمية وترسيخ مبدأ «الحلول الأفريقية للمشاكل الأفريقية»، على أساس أنها السبيل الوحيد للتعامل مع التحديات المُشتركة التي تواجه القارة السمراء.

الرئيس أكد في كلمته الافتتاحية على أنه وقادة أفريقيا على علم شامل بما يواجه قارتنا من أزمات ومشكلات وأن حلها لن يأتي إلا من داخلها وليس من الخارج، مشيرًا إلى فشل أي حلول يكون مصدرها التدخل الخارجي، قائلًا: «أفريقيا أكثر قدرة على فهم تعقيدات مشاكلها وخصوصية أوضاعها، ومن ثم أقدر على إيجاد حلول ومعالجات جادة وواقعية تُحقق مصالح شعوبها وتصونها من التدخل الخارجي والسقوط في براثن الأنماط المبتكرة والمُعاصرة من الاستغلال، تلك الأنماط المعاصرة التي لا تلائم واقعها.. وبالرغم من جهودنا الحثيثة للسيطرة على النزاعات بالقارة ومحاصرتها، وخطتنا الطموحة لإسكات البنادق في كافة أرجاء القارة بحلول عام 2020، فلا يُخفى عليكم أن الطريق أمامنا لايزال طويلًا لإنهاء الاقتتال في أفريقيا، وعلينا أن نستمر في السعي سويًا لطيّ تلك الصفحة الأليمة من تاريخ النزاعات في أفريقيا، والتي نالت من آمال التنمية بالقارة».

الإرهاب كالسرطان الخبيث

التركيز على أخطار الإرهاب وأهمية العمل المشترك للتصدي له كان محورًا في كلمة الرئيس السيسي، واصفًا إياه بـ«السرطان الخبيث» الذي يسعى إلى التغلغل في أجساد الأوطان الأفريقية، محددًا ما يتطلبه الأمر لمكافحته، حيث تحديد داعميه ومموليه ومواجتهم سويًا. وأعلن السيسي في هذا الإطار عن إطلاق النسخة الأولى من مُنتدى أسوان للسلام والتنمية المُستدامة خلال عام 2019، ليكون منصة إقليمية وقارية يجتمع بها قادة السياسة والفكر والرأي وصناع السلام وشركاء التنمية في مدينة أسوان جوهرة النيل، بهدف بحث آفاق الربط بين السلام والتنمية بشكل مُستدام يصنع اختلافًا في حياة الشعوب ويبث الأمل في نفوسهم.

درع التنمية

وأعلن الرئيس السيسي عن أساس الحلّ لأزمات ومشاكل أفريقيا ألا وهو التحصُن بـ«درع التنمية» على حد تعبيره، لافتًا إلى ضرورة حلّ النزاعات أولًا والتصدي للإرهاب والتطرف والتشدد، ووضع خطط تنفيذية من شأنها تحصين دول قارتنا من الانتكاس وأخطاره، من خلال سُبل الحوار والوساطة والدبلوماسية الوقائية، مُعلنًا عن إطلاق أنشطة مركز الاتحاد الأفريقي لإعادة الاعمار والتنمية في مرحلة ما بعد النزاعات، والذي من المقرر أن تستضيفه القاهرة، في أقرب وقت ممكن.

تمكين المرأة والشباب

وأعرب السيسي عن سعادته بما أنجزته المرأة الأفريقية خلال الفترة الأخيرة وخطوات استعادتها لدورها والذي وصفه بـ«المحوري» مما يساهم في قيادة القارة الأفريقية، موجهًا لها تحية تقدير واعتزاز لما تحملته ومازالت من التصدي لويلات الحروب بالصبر، والتغلب على ندرة الموارد بالجهد، قائلًا: «إليكن سيدات أفريقيا أقول، إن أمامكن الأُفق مضيئًا إلى مُنتهاه، لا يوجد ما يمنعكن من تحقيق آمالكن وترسيخ قيادتكن، فقط عليكن مواصلة الجهد والعمل والتسلح بالعلم والإرادة، وعلينا نحن أن نفتح جميع الأبواب أمام تحقيق آمال وأحلام المرأة الأفريقية».

ووجه رسالته إلى شباب أفريقيا، قائلًا: «قلب القارة النابض وسواعدها الفتية أقول، إننا نبذل الجهود، ونُعد الخطط، آملين أن نترك لكم قارة أقوى مما ورثناها، وأن نفتح لكم أفاقًا أرحب مما وجدنا، وأن نخلق لكم أدواتًا تمكنكم من قيادة دفة أفريقيا الآمنة القوية.. وكونوا على ثقة بأننا نؤمن دائمًا بكم وبأحلامكم، ويبقى عليكم العمل الجاد، فقارتكم تحتاج سواعدكم وكفاحكم، فازرعوا بأراضيكم أغصان غد مشرق قبل أن تندفعوا في مغامرات للهجرة أقرب للانتحار، وتريثوا قبل الانسياق وراء افتراءات تطرف تسقطكم في براثن الإرهاب». 

الاستثمار والاقتصاد أولوية

وإلى شرُكاء أفريقيا بدول العالم، أكد الرئيس السيسي على أن الشراكة مع أفريقيا فُرصة حقيقية لتحقيق المصالح المشتركة، واستثمار رابح اقتصاديًا وتنمويًا، موضحًا أنه خلال فترة رئاسته للاتحاد الأفريقي سيسعى وباقي الأعضاء إلى تعميق التعاون مع شركاء القارة الحاليين لاعتماد خطط تنفيذية قابلة للتفعيل تعود على شعوب القارة بنتائج ملموسة، والعمل على توسيع آفاق التعاون الأفريقي مع مُختلف الشركاء الدوليين مُستهدفين بناء القُدرات الأفريقية، ونقل المعرفة، وتحديث منظومة التصنيع القارية، وتطوير البنية الأساسية والتكنولوجية، وإرساء قواعد الاقتصاد الرقمي بأفريقيا. هذا ووجه الدعوة إلى مؤسسات القطاع الخاص العالمية والشركات الدولية مُتعددة الجنسيات للاستثمار في أفريقيا، مشيرًا إلى أن أسواق أفريقيا مفتوحة والظروف الاستثمارية مُهيأة. كما طالب مؤسسات التمويل الدولية والقارية والإقليمية بأن تضطلع بدورها في تمويل التنمية بأفريقيا، وتوفير الضمانات المالية لبناء قُدرات القارة بما يُسهم في تعزيز التجارة وزيادة الاستثمار.

محاور ثلاثة

وأوجز الرئيس السيسي موضحًا أن النجاح في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية ينطلق من من خلال التركيز على ثلاثة محاور؛ وهي:

الأول: تعزيز جهود تحقيق التكامل الإقليمي في أفريقيا وأن أفضل سبيل لذلك هو تطوير البنية التحتية الأفريقية، من خلال تعظيم المشروعات العابرة للحدود، وتشجيع الاستثمارات في هذا المجال، لاسيما في إطار المشروعات المدرجة ضمن أولويات الاتحاد الأفريقي كمشروع ربط القاهرة بريًا بكيب تاون، ومشروع الربط الكهربائي بين الشمال والجنوب، وربط البحر المتوسط ببحيرة فكتوريا.

الثاني: دفع الاندماج القاري عبر تسريع وتيرة إنشاء منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية، وهو أحد أهم أولويات الاتحاد الأفريقي بما يساهم في تخفيض أسعار الكثير من السلع، ويزيد من تنافسية القارة الأفريقية على المستوى العالمي، وبالتالي يتحتم من خلال الظروف المحيطة تعزيز التعاون وتكثيف الجهود للدفع بدخول الاتفاقية المنشئة للمنطقة إلى حيز النفاذ وتفعيلها في أقرب وقت ممكن، والعمل سويًا على استكمال المنظومة التجارية والاستثمارية والاقتصادية الأفريقية بما يُتيح تحقيق نتائج واقعية تلمسها الشعوب الأفريقية.

الثالث: السعي لتوفير المزيد من فرص العمل للشباب، الأمر الذي يتطلب بشكل رئيسي حشد الاستثمارات الوطنية والدولية وجذب رؤوس الأموال وتوطين التكنولوجيا.

العلم والطاقة

ولم يغفل الرئيس المصري أهمية العلم مؤكدًا على ضرورة التعاون بشأن تكثيفه والاستفادة من قدرات القارة السمراء الطبيعية في تنويع مصادر الطاقة ما بين متجددة ونظيفة، ودعم مشاريعها، بما يُسهم في تخفيف الآثار البيئية لظاهرة تغير المُناخ التي نشهدها.

أزمة المهاجرين والنازحين

هذا وتحمل قمة اليوم عنوان «المهاجرون والعائدون والنازحون، نحو حلول دائمة للنزوح القسري في أفريقيا»، والتي أكد الرئيس السيسي أنها تهتم في المقام الأول بعرض أمراض مُتعددة؛ حيث انتشار النزاعات، ووحشية الإرهاب، وهمجية التطرف، وتغير المناخ وقسوة الفقر وشحّ المياه وتفشي الجفاف، مشيرًا إلى أنها العوامل التي تتضافر وتتداخل لتدفع البشر لفراق بلدانهم.

وأكد السيسي على أن الدراية الكاملة بتلك الآثار السلبية هو ما يحث على تبني مُقاربة تنموية تشمل مشروعات قارية وإقليمية ضخمة لتوفير أكبر قدرٍ من فرص العمل لمواطني القارة، واعتماد برامج إعادة إعمار مُستنيرة تُعيد تأهيل المُجتمعات وتهيئ الظروف لعودة النازحين لديارهم، إلى جانب وضّع خطة تطوير متوسطة الأمّد تخلق مناطق اقتصادية مُتكاملة وجاذبة في أنحاء القارة لتوظيف الأيدي العاملة والعقول الأفريقية وإبقائها في أوطانهم.

تحيا أفريقيا وشعوبها

وفي نهاية كلمته، أكد الرئيس السيسي على ضرورة أن إثبات التكاتف والتعاون وأخذ الخطوات الملموسة في طريق تحقيق استقرار وازدهار القارة السمراء إلى العالم الخارجي، وقال: «يجب أن نثبت للعالم الخارجي أننا نعني ما نقول، وأن التضامن الأفريقي كيان فاعل يستطيع أن يحرك المواقف ويفرض نفسه على الأحداث، وليس مجرد شعارًا نظريًا»، مضيفًا: «تحيا أفريقيا وتحيا شعوبها العظيمة....».

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق