يجبرن على ارتداء السواد وزيارة المقابر.. مطلقات وأرامل في مواجهة المجتمع الصعيدي

الثلاثاء، 12 فبراير 2019 04:00 ص
يجبرن على ارتداء السواد وزيارة المقابر.. مطلقات وأرامل في مواجهة المجتمع الصعيدي
طلاق- أرشيفية

 
تجبر بعض الأرامل فى الصعيد على ارتداء الأسود طالما لن تتزوج مرة أخرى وتعيش فى كنف رجل أخر يرفع عنها إثم ذلك اللقب، وكأنها امرأة تختلف عن قريناتهن من النساء فليس من حقهن أن يحصلن على حريتهن. اللافت أن بعض العائلات بقرى صعيد مصر التى تمتد من بنى سويف حتى أسوان لا تزال نظرتهم عن المرأة المطلقة أو الأرملة «ظالمة»، ليحكموا عليهن بالموت أحياء.
 
الأرملة إذا خرجت من البيت تكثر الأقاويل عليها وتطولها الاتهامات الباطلة، وحتى وان ظلت سجينة بين جدران بيتها لم تسلم من الكلام الذى قد ينال من سمعتها وشرفها وكرامتها حيث أن 36% من الزيجات بالقرى تقع فى سن يقل عن 16 عامًا بحسب إحصائيات للمركز القومى لحقوق المرأة .نسبة زواج الأطفال فى مصر قدرت بـ16.6٪.41% نسبة العنف والضرب لهن داخل المنزل 11% من الضحايا من المطلقات والأرامل تم طردهن من المنزل 21% الزواج القبلى لا يستمر.55% من النساء بالقرى لا تمتلك حيازة زراعية بسبب حرمانها من ميراثها.
 
 
أمام محاكم الأسرة بمحافظات الوجه القبلى عشرات القصص تحمل مآسى وقفت أرامل  يشكوا معاناتهن، ويؤكدن تعرضهن للإجبار للذهاب بعض الدجالين بحثا عن دواء لعلتهن وزيارة الجبابين لفك النحس الذى أصابهن والحرمان من دخول منازل المتزوجات تحت شعار - خطافة رجالة، والاتهام من الرجال على أنهن فريسة - سهله- ستتهاون معهم، والنظر لهن كسلع فى موسم التخفيضات أو التعرض للعنف ليلا ونهارا منهم بحجة أنها بلاء، فيصبحن مطلقات وأرامل برتبة خادمة للجميع سدادآ لثمن لقمتها».
 
«كنت بطحن 5 كيلات قمح يوميا وبعد إصابتى بالعجز طلقونى لأعمل خادمة لزوجات أشقائى لأسدد ثمن لقمة العيش لى و أبنتى».. هكذا تحدثت أم شيماء بعد انفصالها وزوجها بأسيوط  
 
وتتابع بعد أن تحفظت عن ذكر أسمها خوفا من العادات والتقاليد التى ما زالت تلاحقها وتنهش فى جسدها الهزيل الذى نال منه العنف على مدار سنوات بمنزل أهلها وزوجها لتكتفى بالإشارة لها بأم شيماء وهى تقف أمام محكمة الأسرة بأسيوط وتروى فصل من فصول حياتها التعيسة طوال 13 عام فى قفص الزوجية  قائلة: «اللى يرميك على المر اللى أمر منه.. أنا سيدة جاهلة لم أتلقى أى تعليم تزوجت هربا من معايرتى على يد شقيقات والدى واتهامى بالعنوسة لعدم زواجى حتى بلوغ سن الـ 17 عاما».
 
وتضيف السيدة البالغة من العمر 30 عام والتى انتهت حياتها فى وقت ما زالت فتيات ترسم الخطوط التى تسير عليها: «منذ أن بلغت الحيض أو –دخل فيا العيش- مثلما يقول أهل قريتى وأنا أصبحت محاصرة بمفهوم العيب والخوف على من جلب العار لأسرتى ومررت بمرحلة الختان بسن الـ 6 ثم التدليل على لدى أهل قريتى من الإعلان عن امتلاكى قدر من الجمال والقدرة على تحمل الخدمة بالمنزل – تحت وصف " دى جمل تقدر تشيل شغل 7 بيوت لوحدها».
 
وتكمل  الزوجة: «تزوجت لمزارع يمتلك قطعة أهله قطعة أرض يقوموا بزراعتها والإنفاق من محصولها على متطلبات المنزل، كنت أعيش كالخادمة أستيقظ من 5 فجرا وأعمل حتى غروب الشمس من مساعدة لزوجى وأشقائه للاهتمام بالأرض والعودة للمنزل لتنظيفه وطحن 5 كيلات قمح بمفردى حتى أصبت بعجز فى يدى وبعدها أستغنى أهله عنى بعد تزويجه من أخرى وعد أنا وأبنتى الصغيرة لمنزل أهلى أعمل خادمة لدى زوجات شقيقاتى ثمنا للقمة العيش الذى يمنحوها لى مضيفة: «أصبحت حبيسة لجدران المنزل أواجه تأنيبهم لى والسب والضرب».
 
أما نجاة فهى سيدة وقعت هى الأخرى فى داومة العنف الزوجى فلم يشفع لها حصولها على معهد متوسط وفشلت فى أن تنتشل نفسها من السير على خطى والداتها لتتزوج من نجل عمها الجاهل وتنسى سنوات «العلام» على حد وصفها، وتبدأ فى الانصياع لأوامر حماتها فى تعلم حلب الأبقار والجاموس الذى يمتلكوه.
 
وتروي «نجاة. ك. ب»، التي لجئت للحصول على نفقة المؤخر والعدة أمام محكمة الأسرة بمحافظة بنى سويف: «تم إجبارى على الزواج وعندما رفض واجهتنى والدتى برغبتها بالكشف عن عذريتى واتهامى بسوء الخلق،لأضطر للرضوخ لها والزواج منه والعيش فى مأساة فمنذ اليوم الأول من الزواج أنهال على ضربا بسبب خوفى من العلاقة الزوجية وأستدعى والدته التى قامت بسبى بأبشع الألفاظ».
 
تتابع: «أصبحت أعيش فى تعاسة مهمتى الخدمة والإنجاب فى كل 9 شهور طفل حتى أصبح لدى ثلاثة من الأبناء لأضمن عدم زواجه على من أخرى وبالرغم من ذلك طلقت بعد حكم حماتى على زوجى التى أعلنت أننى لا أصلح كزوجة لأنى بنت مدارس وزوجته من أخرى وسلبت كل حقوقى حتى نفقة الأطفال منعونى من المطالبة بها».
 
بنظرات مليئة بالغضب والتهديد والوعيد واجهت «صفاء. م. ن» ابنة محافظة قنا أهل زوجها المتوفي بعد زواجها مباشرة ورفضهم مكوثها في المنزل رغم علمها بحملها وإرجاعها مرة أخرى لها ومصارحته حماتها  لها بغلظة: «أنتى قدم شؤم خربت بيتنا، والانعزال عن الدنيا والبحث عن عريس آخر لى ليتزوجها بحكم العادات التى تمنع مكوثى دون زواج».
 
وتضيف الزوجة التى ساقها أهلها إلى الزواج  من عاطل لتدخل قفص الزوجية مجبرة وليس بيدها حيلة مهددة بالتعذيب والفتك بها إذا خالفت رغبتهم: «حظى التعيس لم يقف عند هذا الحد وذهب بى لسيناريو عنف من نوع آخر بعد أن توفى زوجها وتركنى حامل فى طفلة حتى أحمل هم استرداد حقوقى».
 
وتصف الزوجة حالها بأنها لم تدرك يوما أنها طفلة، حملت الهم طوال عمرها، وكبرت قبل الأوان، وسيقت للذبح وتشويه أعضائها التناسلية بختان الإناث وتزوجت، وأصبحت مطالبة بأشياء لا تفهمها وتعنف بسبب تقصيرها فى تأديتها وعدم رضا زوجها عنها.
 
فيما تقول «سوسن. ك. م»: ذهب يتزوج غيرى بعد أن طردنى للشارع ورفض أن يمنحنى مليما واحد من حقوقى بعد الطلاق ،وعندما خالفت أهلى ولجئت لإقامة دعوى خلع، صدمت أن لا صوت يعلو فوق صوت العادات العقيمة التى تسير على الكبير قبل الصغير واتهمونى بارتكابى كبيرة وهددنى حمابا برفع السلاح على والتسبب بفضيحة.
 
وتكمل: كنت أظن أن الزواج سوف يحمينى من عيون أهل قريتى بعد وصولى لسن 28 عام دون زواج، ولكنه للأسف كان البوابة التى فتحت على جحيم العنف بعد أن وقعت فى سوء الاختيار ووافقت بأول رجل تقدم لباب منزلنا والذى يعتبر لقطة بسبب مقاربته لسنى لفتاة فى مثل سنى «فاتها السوق» -على حد وصفها - وعانيت بعد العيش معه وأولاده الثلاثة من زوجته المتوفاة.
 
وتتابع: «كان رجل مصاب بمرض البخل يذلنى ليعطينى المال ويرفض دفع مصروفات البيت وهو ما دفعنى للخروج للعمل وعندما فشلت فى اصلاحه وتحمل العنف الزوجى وتقبل الإساءة ومعاشرتى بما يخالف شرع الله طلبت الطلاق  فحلت الكارثة وبدأ فى تعنيفى ودخلت دنيا أخرى اصعب واشد مرارة وهى دنيا المطلقات ومن وقتها ونظرة الناس تغيرت الهمز واللمز كتر والخوض فى عرضى وشرفي».
 
«أنا حكايتى حكاية دمرت حياتى  غصب عنى وبيعاملونى وكأنى وباء وبيقوللى المطلقة السوداء عشان النحس الذى يلاحقنى وتسبب فى طلاقى بعد شهر من زواجى».. بتلك الكلمات شكت الزوجة «ناهد عماره.أ» البالغة من العمر 25 عاما، معاناتها، بعدما طلقها زوجها وأستولى على منقولاتها أمام محكمة الأسرة بسوهاج.
 
وتضيف: «زوجى لديه مشكلة صحية جعلته عاجز عن معاشرتى وعندما كشفت السر لأهلى ثار وحاول قتلى واتهمنى بفضحه وسوء سمعتى أمام أهلى القرية وأعلن أننى لم أكن (عذراء) وطلقنى ورجعت إلى منزل أهلى وسط اتهامات بالقتل لم تسق عنى إلا بعدما وافقت على الكشف لدى طبيب للتأكد من حسن أخلاقى وبعدها بسبب الشائعات هجرت مجبرة للعيش بمنزل أهل والدتى المتوفاة بسبب الفضائح التى لاحقت عائلتى».
 
وتكمل: «أعيش الأن متخفية وراء نقاب وحبيسة لجدران المنزل ومحرومة من الرجوع للعيش فى منزل أهلى وتلاحقنى نظرات الاتهامات من أهل والدتى ومعاملتى كعبى عليهم يبحثوا له عن مشترى».
 
أما هنية الأرملة والأم لثلاث فتيات والتى تعيش بأحدى قرى أسوان ،بعد وفاة زوجها منذ عدة سنوات وتركه لها قطعة أرض ومنزل ومن وقتها وهى تتعرض لمضايقات على يد أعمامهم  وتواجه بالتهديد أما بالقتل إذا لم تتنازل عن ميراثهم البالغ 450 ألف أو قبول الترضية بمبلغ 10 ألاف .
 
وتضيف الزوجة التى أقامت دعوى قضائية ضد أقارب زوجها: «أصبحت مطاردة بلا مصدر للعيش لا أجد قوت يومى بعد أن كنت مدللة بمنزل زوجى خرجت للعمل فى بيع الخضار وتنظيف المدارس التى تبعد عن قريتى مسافة ساعتين حتى لا أوصم بالعار من قبل أقاربى لقبولى بتلك الأعمال».
 
وتتابع: «فوجئت بشقيق زوجى يساومنى على نفسى من أجل انهاء اجراءات تسليم ميراثى من زوجى بأسلوب قبيح والمطالبة بالزواج منى لحمايتى وتهديدى لعدم استجابتى له».
 
وتتابع: «مازلت فى ريعان شبابى محاطة بالسواد رغم أن عمرى لم يكتمل بعد السابعة والعشرين ومحاصرة بالاتهامات الغير اخلاقيه ورغبتى فى تضيع أرض العائلة بسبب املاكى قدر من الجمال فاتعرض للمضايقات التى تصل احيانا إلى درجة التعدى على بالضرب من قبل عائلة زوجى ولا أستطيع اللجوء إلى الشرطة حتى لا اتسبب لنفسى فى فضيحة تنال من سمعتى وشرفى».
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق