رحلة خبير المقامات الصوتية.. كيف دفعته الجماعات المتشددة إلى هجر القرآن؟

الثلاثاء، 26 فبراير 2019 12:00 ص
رحلة خبير المقامات الصوتية.. كيف دفعته الجماعات المتشددة إلى هجر القرآن؟
طه محمد عبد الوهاب - خبير المقامات الصوتية

 
«يا - را - في - عا - سا - ما - وات».. مفردات جديدة لكتابة الأنغام «يارفع السماوات»، بدلا من النوتة الموسيقية  «دو - ري - مي - فا - صول - لا - سي - دو».. لاستخدامها في مقامات التلاوة القرآنية، والتي أقرها طه محمد عبد الوهاب، خبير المقامات الصوتية، صاحب تلك المدرسة القائمة على الفصل بين الموسيق والمقامات، والذي تعلم على يده كبار قراء القرآن الكريم.
 
ولد طه محمد عبد الوهاب في قريقة محلة مرحوم، بمحافظة الغربية عام 1961م، من أسرة بسيطة، ليصبح هو عاشر إخوته، ويتم حفظ القرآن الكريم في سن 7 أعوام، في كتاب القرية على يد شيخيه محمد حرقان، معلم الشيخ الحصري، وحافظ جوهر.
 
وعلى يد نقيب الموسيقيين، حلمى أمين، تلقى علم المقامات، ثم علم التوزيعات الموسيقية على يد المايسترو سارى دويدار، ودرس العزف على الآلات الموسيقية وقراءة وكتابة النوتة الموسيقية، ليكون صاحب المركز الأول على مستوى الجمهورية في الإنشاد الديني لعدة أعوام، قبل أن يعمل بالغناء في الحفلات والأفراح، حتى مرحلة إتقانه علم المقامات.
 
في السطور التالية، يسرد عالم المقامات، لـ«صوت الأمة» تفاصيل رحلة نجاحه، وكيف تفرد في ذلك المجال، قائلا: «لظروف والدى الأسرية، كنا 10 أشقاء وكنت بشتغل من عمر سنوات فى تصنيع العقاد التى تستخدم فى تصنيع الستاير، وعندما بلغت سنة الرابعة عشر، كنت دائم التغنى والترنم، وكنت أقرأ القرآن الكريم فى صلاة الجمعة فى مسجد القرية وأقوم برفع الأذان».
 
ويضيف، أنه في ذات مرة وأثناء رفعه للأذان بالنغم، تهجم عليه فى المسجد شخصا من الجماعات المتشددة التي تحرم قراءة القرآن بالنغم، ولم يتمكن من الدفاع عن نفسه، خاصة وأنه كان في عمر صغير، 14 عاما، ما دفعه إلى ترك القرآن وتلاوته والتوجه إلى الغناء في الحفلات والأفراح، ليتمكن من تسجيل 3 شرائط كاسيت، متابعا: «أُعجب بصوتى الموسيقار محمد عبد الوهاب، والموجى وحلمى بكر، حيث قمت بإعادة أغانى عبد الوهاب، وغنيت فى حفلات مع محمد الحلو والحجار، وتفوقت على إيهاب توفيق، فى مسابقة وحصلت على المركز الأول، وكان عمرى 18 سنة واشتغلت فى الغناء فترة».
 
وعن تحوله إلى المعلم الأول للمقامات الصوتية في مصر، أوضح أن بداية تلك المرحلة كانت حينما طلب منه صديق شقيقه، الشيخ على إبراهيم سليم، قارئ الإذاعة المصرية، الاعتماد عليه لتعليمه علم القمامات، وأثناء ذلك اكتشف نجاحه في ذلك العلم من القرآن الكريم، وبدأ يتدرب عليه يوما عن يوم، وعمل العديد من الأبحاث عليه حتى حصل على الدكتوراة في «المقامات القرآنية»، ليبدأ بعدها استخدام مفردات عربية تعبر عن تركيبة المقام مثل البياتى الذي عدل اسمه إلى الحواري، وتمكن من تغير كافة المفردات الثمانية للمقامات.
 
وأضاف أن عدد المقامات الصوتية 8 مقامات، لكل منها أبعاد تميّزه عن غيره، ولكل مقام تعبير يختلف عن غيره ويتم اختصارها بجملة «صنع بسحرك» الـ«ص» مقام الصبا، يعبر عن الحزن، والنون مقام النهاوند، والـ«ع» مقام العجم، والـ«ب» مقام البياتى، والـ«س» مقام السيكا يعبر عن الفرح، والـ«ح» مقام الحجاز، والـ«ر» مقام الراست، والـ«ك» مقام الكرد، أعترف به مقام سنة 1961 وتم إضافته للمقامات، متابعا: «للعلم الشيخ على محمود سبق الموسيقى وأذن الأذان بالمقام الكردى سنة 1900، واكشتفت مقام جديد اسمه الشادى، أثبت القاعدة التى بنيت عليها الموسيقى مأخوذة من القرآن الكريم، وهو مقام جديد وليس موجود فى الموسيقى، يعتمد على أسلوب الأمر برقة وحب وليس أمر بعنف».
 
واستطرد: «شاركت فى العديد من المسابقات فى مصر والوطن العربي، وأهم الدورات هى دورة اليمن، لأنها كانت للمتخصصين فى علم المقامات، وكثيرا ما يتم استقبالى بشكل رسمى فى  عدد من الدول العربية، كما تم تكريمى من واليمن والمملكة العربية السعودية فى جامعة القرآن الكريم فى المدينة المنورة، لأنى بفضل الله انفردت بأسلوب جديد خاص فى تعليم المقامات الصوتية التى تخدم القرآن الكريم».
 
وأوضح أه قام بالفصل التام بين الموسيقى والمقامات من حيث تغيير أسماء المقامات واستخدام مفردات جديدة لكتابة الأنغام لتكون بديلة عن النوتة الموسيقية، تتلخص فى استخدام الأشكال فى كتابة النغم فأصبحت «يا- را – فى –عا- سا- ما – وات» «يا رافع السموات»، بعدما ما كانت «دو- مي- فا- صول – لا – سي- دو»، فكل حاجة قابلة للاجتهاد لكن فى أمور لا نقاش فيها وهى القرآن والسنة.
 
وتتلمذ علي يدي «عبد الوهاب» العديد من قراء القرآن الكريم، أمثال الشيخ محمد الطاروطى، والشيخ طه النعمانى والشيخ محمد يحى الشرقاوى، وكل قراء الإذاعة الحاليين، والطالبة هاجر بوساق من دولة المغرب، التي حصلت على المركز الأول فى المسابقة العالمية للقرآن الكريم، والسيد الطنطاوى الحاصل على المركز الأول على العالم، والعديد من مشاهير قراء العالم الإسلامي.
 
ونصح خبير المقامات، قراء القرآن الكريم، والمنشدين الدينيين، للاعتماد في إذاعة القرآن الكريم، دراسة علم المقامات، وأحكام التجويد، ومخارج الصفات والحروف، حتى لا يرسبوا في اختبارات الإذاعة.
 
وعن القراء المفضلين لديه، قال: أحب سماع القرآن الكريم من جميع الأصوات، لكن يوجد مزاج شخص أحب أن أستمع إلى الشيخ عمران، والشيخ راغب مصطفى غلوش، والشيخ الشحات، والشيخ محمد رفعت، ويوجد تصنيف جميل قاله الشيخ الشعروى رحمه الله، من أرد الاتقان فليستمع إلى الشيخ الحصرى، ومن أراد نقاء الصوت فليستمع إلى الشيخ عبد الباسط، ومن أراد الخشوع يستمع للمنشاوى ومن أراد الفن فى التلاوة يستمع للشيخ مصطفى إسماعيل، ومن أراد كل هذا يستمع للشيخ محمد رفعت فهو المدرسة الموسيقية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق