في رثاء معاهدة لوزان

السبت، 04 يناير 2020 05:53 م
في رثاء معاهدة لوزان
د. ماريان جرجس

 
يبدو أن أنين تلك المعاهدة لازال مسموعًا في ضمير الأمة التركية، وعلى الرغم من أن تلك المعاهدة كانت معاهدة سلام تم توقيعها في مدينة لوزان في سويسرا  عام 1923 م، والتي على أثرها تم تسوية وضع الأناضول في الدولة العثمانية ، ولكن تلك المعاهدة لم تلق قبولا لدى الكثير من الأتراك  فقد ألف الكاتب التركي " قدير مصر أوغلو" كتابًا بعنوان " معاهدة لوزان انتصار أم خدمة؟، ينتقد فيه قبول الأتراك قطعة أرض صغيرة من الأرض.
 
وعلى ما يبدو أن أردوغان  يحاول استرجاع ما أخذته معاهدة لوزان  فهو يعمل على الصعيدين، الأول هو انتظاره لعام 2023 انتظارًا  لمرور مائة عام على المعاهدة، ظنًا منه أن بمرور مائة عام تنتهي تلك المعاهدة وكأن للمعاهدة تاريخ صلاحية !، أما الصعيد الأخر فهو يعمل بكل ما أوتى من قوة على استرجاع الخلافة العثمانية، وعلى تفكيك تلك الأراضي التي فقدتها تركيا اثر معاهدة لوزان، حيث حددت المعاهدة حدود عدة بلدان مثل اليونان وبلغاريا وتركيا والمشرق العربي. تنازلت فيها تركيا عن مطالبها بجزر دوديكانيسيافى في الفقرة 15وقبرص في  في الفقرة  20ومصر والسودان في الفقرة 1) والعراق وسوريا، كما تنازلت تركيا عن امتيازاتها في ليبيا التي حُددت في الفقرة 10 من معاهدة أوشي. 
 
وبدأ أردوغان العام الماضي عملية نبع السلام - كما أطلق عليها-  لتحرير الدواعش شمال شرق الفرات، ومابرح أن حرر تلك العناصر حتى أجبرته الولايات المتحدة على وقف إطلاق النار ووقف العملية بأكملها ولكن قد تم تحرير تلك العناصر بالفعل التي يستخدمها الآن الرئيس التركي كزاد ووقود في ليبيا لزيادة حدة الصراع بين حكومة الوفاق الوطني وقوات حفتر  لتمرير تلك الاتفاقية الآثمة بين ليبيا وتركيا في ترسيم الحدود المائية .
تكمن خطورة تلك الاتفاقية لا في نهب ثروات المتوسط فقط ولكن في تقسيم دول المتوسط ووجود تركيا في وسط المنطقة كخصم يقسم تلك المنطقة جائرًا على جزيرة كريت .
 
ويأتي السؤال هنا من يردع تلك المطامع التركية والمخططات ؟
 
للأسف، حزب الناتو ليس بالقوة المطلوبة لإيقاف ما يجرى الآن، والولايات المتحدة الأمريكية منشغلة برد الثأر لإيران ، والاتحاد الأوروبي مهما كانت العقوبات الموقعة من قبله على تركيا فلن تصل إلى التصعيد العسكري بل سيتوقف عند العقوبات الاقتصادية التي لم يكترث بها أردوغان.
ولكن تبقى مصر في قلب الشرق المتوسط وبين الدولة العربية هي قارب إنقاذ تلك المنطقة الملتهبة بالنزاعات، وهى التي تستطيع ردع ذلك الاعتداء والتدخل السافر في شأن دولة عربية إما بالمفاوضات أو بكلمتها المسموعة في المجتمع الدولي أو حتى بقدراتها العسكرية.
 
حتى يكتب أردوغان هو ذاته وثيقة رثاء حُلم معاهدة لوزان التي تراوده في أحلام اليقظة
 
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق