الرابح الوحيد من أزمة هاني شاكر والمهرجانات

الأربعاء، 19 فبراير 2020 01:02 م
الرابح الوحيد من أزمة هاني شاكر والمهرجانات
طلال رسلان يكتب:

 
ليست كل الصورة قاتمة مثلما تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام، تلك النوعية من المعارك الدائرة بين نقابة المهن الموسيقية ويقودها هاني شاكر، ومطربي المهرجانات بمن ورد اسمه في قائمة المنع ومن لم يرد، بعيدا عن خناقة الواقع الافتراضي ولا يختلف عنه الشارع كثيرا، لابد وأن تخلف مكاسب.
 
أيا كان موقعك من الأزمة لن تستطيع إنكار واقع فرضته أغاني المهرجانات على المجتمع والشارع، واقع اقتحم البيوت والمقاهي والنوادي وصالات الجيم وأرقى الأماكن وحواري الأحياء الشعبية، واقع في الملاكي والأجرة والقطارات والطائرات، واقع يرفضه عقلك قبل أن تضبط لسانك وجسمك متلبسا مع سبق الإصرار والترصد غارقا في تأثير الكلمات من أول جرعة، لكن لن يستطيع أحد إنكار أيضا أن منها المبتذل بكلمات رخيصة وحناجر لا يعلم بها إلا الله.
 
في الأخير اختار هاني شاكر اقتحام الملعب على طريقة "هذه الكرة ملكي"، ثم أخرج من جيبه الكارت الأحمر ورماه في وجه فريق المهرجانات، كان المنع هو القرار وليس النهاية، اشتعلت الأزمة أكثر وتعاطف مع شاكوش وأخوته من كان محرضا ضدهم في البداية وأخذ خطوة إلى الخلف، رغم كرهه لهذا اللون من الأساس بل يراه النهاية الحتمية لما تبقى لنا من الذوق العام.
 
دخلنا هذه المعارك من قبل مع اختلاف الأشخاص والأذواق والظروف، ربما يكرر التاريخ نفسه، لكن الثابت أن المنع لم يكن إلا حلقة من حلقات الفشل وزيادة الطين بلة وفتح الباب للفتن ومئات بل آلاف ممن يدلون بدلوهم حتى تتحول إلى ما يحدث الآن «مولد وصاحبه غايب»، كان الحل دائما في التقويم والفرز وإنتاج ما يؤصل الفن الراقي فيحض المجتمع على التجلي، وطرد التشوهات، ورفع الحسن إلى السطح وإغراق الطالح إلى أعمق الأعماق فيكون طي النسيان.
 
فيما وراء الأزمة بالكامل كان الرابح الوحيد إلى الآن، عندما تم تنظيم حفلة لحسن شاكوش وعمر كمال في استاد القاهرة قيل إنها كانت بحضور نحو 80 ألفا، وبتنظيم وتأمين على أعلى مستوى ودون أي مشاكل غير الثلاث كلمات "أشرب خمور وحشيش" التي أطلقها شاكوش من مهرجان "بنت الجيران" على مسامع الحضور وفجرت غضب نقابة الموسيقيين.
 
في الكواليس، وقبل قرار المنع وحفل استاد القاهرة، اجتمع النقيب هاني شاكر مع كل من حسن شاكوش وعمر كمال وألزمهما بالتوقيع على إقرار بحظر عليهما استخدام ألفاظ خارجة تضر بالذوق العام، واتفق الطرفان، وقبل الحفل سجل ثنائي المهرجان "تراك" جديد للأغنية مع تبديل الثلاث كلمات "الأزمة"، لكن حدث خطأ في التسجيل وتم اعتماد النسخة القديمة من المهرجان ليقع الثنائي في الفخ وظهر الأمر على أنه تحدٍ للنقابة، رغم أن المتابع جيدا سيلحظ أن شاكوش حرك شفتاه بكلمات أثناء إلقاء الأغنية بالكلمات الجديدة.
 
لكن ما حدث حدث وكان قرار المنع بحلوه وبمره، وفي انتظار ما ستؤول إليه الأزمة في الأيام المقبلة، والمهم هنا هو عدد الحاضرين إلى الحفل والقدرة العالية على التنظيم والتأمين الذي أشاد به الجميع، وفجر مطالبات على نطاق واسع في مواقع التواصل الاجتماعي والأوساط الشعبية، بشأن إذا كنا قادرين على تأمين حفلة يحضرها هذا العدد الكبير من الجمهور وإخراجها بهذا الشكل دون أية مشاكل فلماذا لا نسمح لجمهور كرة القدم بحضور المباريات لتعود المدرجات إلى سابق عهدها قبل أزمة حضور الجماهير الكبرى؟.
 
صحيح أن الفكرة بدت انتهازية بعض الشيء، لكنها أيضا ليست سيئة كمدخل لتنظيف جرح غائر في الكرة المصرية، وربما تكون بداية عهد جديد للسماح للجماهير وبأعداد كبيرة لحضور المباريات وعودة مدرجات الكرة المصرية إلى سابق عهدها بشغفها ورونقها وهتافاتها وكواليسها التي نسيناها.
 
بعد الأصوات المطالبة بعودة الجماهير إلى مدرجات كرة القدم أسوة بالأعداد الحاضرة لحفلة شاكوش وإخوته في استاد القاهرة تصادف ذلك، أو ربما لم يكن مصادفة، مع ما أكدته مصادر مسئولة في النادي الأهلي على موافقة من الجهات الأمنية على إقامة مباراة صن داونز الجنوب أفريقي في ذهاب دور الثمانية لبطولة دوري أبطال أفريقيا يوم 29 فبراير الجاري بإستاد القاهرة في حضور 30 ألف مُشجع، وهذا رقم لو تعلمون عظيم، وذلك عقب المفاوضات التي تمت بين مسئولي النادي والجهات الأمنية ووزير الرياضة واتحاد الكرة.
 
في النهاية زيادة عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة بطل جنوب أفريقيا المرتقبة التي تحتاج إلى تضافر الجهود لدعم الفريق المصري في هذه المرحلة المهمة، انتصار للكرة المصرية والجماهير، وقبل ذلك انتصار لأمن مصر.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة