"إعلان القاهرة" ومواجهة مخطط تقسيم ليبيا
الأحد، 07 يونيو 2020 12:34 م
المؤكد أن "اعلان القاهرة" رسالة واضحة إلى العالم والمجتمع الدولى والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة، بضرورة التوصل إلى حل سياسى للأزمة الليبية، ورفض التدخل الأجنبي فى الشأن الليبي بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، فى اشارة واضحة إلى تركيا على توغلها العسكري غير الشرعى فى ليبيا، ووصولا إلى تسوية سلمية تضمن وحدة وسلامة المؤسسات الوطنية وتكون قادرة على الاضطلاع بمسئولياتها تجاه الشعب الليبى.
من المؤكد أن الإعلان الذى اطلقة الرئيس عبد الفتاح السيسى، عن مبادرة جديدة، هى بمثابة الفرصة وطوق النجاة الأخير أمام جميع الأطراف بوصفها مبادرة سياسية ومشتركة وشاملة لحل الأزمة، وتوافق عليها قائد الجيش الوطنى المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وتؤكد أيضا على توزيع عادلا وشفافا للثروة على كافة الليبيين، وتحول دون تسربها لأيدي من يستخدمونها ضد الدولة الليبية، كما شددت المبادرة أيضا على ضرورة وأهمية استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية (5+5) بجنيف، برعاية الأمم المتحدة وقيامها والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كافة الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى تتمكن القوات المسلحة بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاضطلاع بمسؤولياتها العسكرية والأمنية في البلاد، وإعادة سيطرة الدولة على كافة المؤسسات الأمنية ودعم مؤسساتها العسكرية، مع تحمل الجيش الوطني مسؤولياته في مكافحة الإرهاب، واستعادة الأمن في المجال الجوى والبحري، والبري.
وتشكل المبادرة التي اطلقها الرئيس السيىسى، والتى حملت تحذيرا من خطورة الوضع الراهن داخل ليبيا ليس فقط بل إلى دول الجوار الليبي والإقليمي والدولي، وأيضا تحذيره من إصرار أى طرف للبحث عن حل عسكرى للأزمة فى رسالة واضحة إلى أردوغان، بأن مصر ستتابع عن كثب لكافة التطورات ورفضها لكافة أشكال التصعيد.
كما تعد المبادرة المصرية خيارا وحيدا واختبارا لحسن النوايا، ولتؤكد أن الكرة فى ملعب السراج، والذى يتوقع أن يتجاهلها فى ظل نشوة الانتصار الوهمى، وليبقى السؤال الأهم هل سيوافق أردوغان على ما طرحته المبادرة من حلول أم لا؟.. أم ستضع أنقرة العراقيل أمام تنفيذها كونها ستفشل مخططاته فى ليبيا وشمال أفريقيا فى ظل تواجد الألاف من المرتزقة السوريين ونقلهم من أنقرة مع غرف عمليات عسكرية يقودها خبراء عسكريين أتراك؟ .
فيما يشير المشهد الراهن من استمرار التصعيد العسكرى لصالح تركيا إلى تهرب أردوغان من المبادرة وعدم التجاوب معها، وربما أيضا نسمع عن عدم مشاركة السراج فى اللجنة العسكرية "5 +5 "، كونها ستشكل خطرا على أردوغان الذى يواجهه غضبا شعبيا وسياسيا فى الداخل التركى، وليسلك مسار المراوغة مثلما فعل مع مبادرة برلين ليمارس هوايته فى أفعال البلطجة والقرصنة طالما أن هناك من يدعمه من قوى دولية .
وبرغم كل ذلك فإن المؤامرة تتواصل على دول شمال أفريقيا بدءا من ليبيا، واليوم تونس وغدا الجزائر وبالأمس فى سوريا، فى ظل مساعي أردوغان التدخل التركي فى الشأن التونسي وبدعم حركة عصابة "النهضة"، ورفضها القبول بسياسة النأي بالنفس، ورفضها أيضا للحياد وفق ما أعلنه زعيم عصابة أخوان تونس، راشد الغنوشى، وفى تحدى واضح للدولة التونسية وقواها البرلمانية الوطنية الداعية إلى اقصاء الغنوشى عن رئاسة البرلمان رفضا لمخططاته أن تكون تونس ظهيرا داعما للتدخل العسكرى التركي فى ليبيا .
ويبقى السؤال الأهم والمهم، متى ينبغي على الأمة العربية التحرك بفاعلية تجاه التدخل العسكري التركي فى ليبيا؟، والذى وصف بانة احتلال رسمى لدولة عربية ولمقدراتها وضربها للمشروع الوطنى الليبى، وإلى متى أيضا سيظل أردوغان يشكل مصدر للتهديد السافر لأمن واستقرار المنطقة وأوروبا، وفى القلب منه تهديدا للأمن القومى المصرى والعربى؟، والى متى أيضا سيظل التصدع العربى رهينة بمن يخونها من داخلها؟.
ووفقا للشواهد فهناك توافقا بين قوى الصراع "بريطانيا وامريكا وحلف الناتو" على استخدام أردوغان بإعطائه الضوء الأخضر للعربدة فى شمال أفريقيا بإعلانه رسميا أن بلاده هى من تتحكم فى مصير ليبيا، وأن السراج مجرد أداه ولا يملك قراره سوى بالأصغاء وتلبية التعليمات من سيدة فى أنقرة، وهو ما يفرض على الشعب الليبي وكافة القبائل والعشائر على امتداد الأرض الليبية بالتوحد والانتفاض دفاعا عن أرضهم وكرامتهم فى مواجهه مستعمر عثمانى مقيت طامع فى استغلال مواردهم وثرواتهم ومقدراتهم ومستقبلهم بالقوة العسكرية السافرة، الساعية لاجتثاث كل ما هو وطني أو يعارض وجود تركيا ومشروعها فى دعمة لتنظيم عصابة إخوان في ليبيا بوصفه حامى حمى تلك العصابات فى دول شمال أفريقيا تحديدا.