في الذكرى الـ 47 لمعركة العاشر من رمضان.. سر بروفة الحرب التي استغرقت 12 يوماً ومهدت الطريق للنصر

السبت، 03 أكتوبر 2020 07:30 م
في الذكرى الـ 47 لمعركة العاشر من رمضان.. سر بروفة الحرب التي استغرقت 12 يوماً ومهدت الطريق للنصر
حرب أكتوبر
محمد أبو ليلة

البروفة كانت في مارس 1971 وتمت بفرع دمياط التابع لنهر النيل.. وشملت ضرب ميناء أسدود وإيلات الإسرائيليين.. والفريق فوزي رسم بخط يده خرائط الاستيلاء على سيناء
 
في الذكرى الـ ٤٧ لحرب أكتوبر لا تزال هناك أسرار وحقائق تروى بتفاصيلها المثيرة التي وصفتها المراجع والكتب العسكرية بأنها أقوى حرب شهدها القرن العشرين لما احتوته من أسلحة تكنولوجية حديثة استطاعت أن تغير معادلة موازين القوى في العالم. 
 
لحرب اكتوبر وما شهدته من إعجاز إنساني للجندي المصري الذي استطاع أن يعبر قناة السويس ويقتحم خط بارليف وهو يحمل ما يقارب ال ١٠٠ كيلوجرام معدات وأسلحة كانت وراءها حرب أخرى طويلة وإعداد جيد وبروفة منظمة، أشرف عليها الرئيس الراحل جمال عبد الناصر قبل وفاته وكانت حرب الاستنزاف طيلة ثلاث سنوات قبل مبادرة روجرز الشهيرة لوقف إطلاق النار شاهدة على الإعداد الجيد لمعركة تحرير الأرض، وطبقاً لما قرره عبد الناصر فكان ينوي أن تقوم قواتنا المسلحة بتحرير سيناء كاملةً أواخر عام ١٩٧٠ وحتى ربيع عام ١٩٧١، لكن وفاته حالت دون ذلك.  

الحرب المستحيلة 
في كتابه "اليوم السابع.. الحرب المستحيلة" يسرد الكاتب الصحفي الراحل محمود عوض مجموعة من الحقائق حول بداية تخطيط الرئيس الراحل جمال عبد الناصر لعبور قناة السويس في حرب طويلة لاسترداد سيناء، ففي الصفة رقم  246 من كتابه يقول عوض إنه في شهر أغسطس من عام 1970 اضطر عبد الناصر للسفر إلى الإسكندرية من أجل قضاء يومين راحة بعد المباحثات المرهقة التي خاضها في مبادرة روجرز، وكان السفير محمد حسن الزيات مندوب مصر الدائم في الأمم المتحدة في زيارة قصير لمصر وقتها استدعاه عبد الناصر من أجل اجتماع عاجل لتوضيح رؤية مصر الدولية واحتمالات المستقبل العسكرية حتى يتم التحرك على أساسها دبلوماسياً.
 
لم يكن اجتماع عبد الناصر بالزيات سوى جزء من سلسة اجتماعات مهمة عقدها عبد الناصر لمراجعة الخطوة القادمة بعد قبول مبادرة روجرز وكان واضح تماماً أن أهم ما يشغل بال عبد الناصر هو الخطط العسكرية المقررة وهكذا عقد سلسلة اجتماعات مع الفريق محمد فوزي وزير الحربية لمناقشة الخطة جرانيت والتي تقضي في مرحلتها الأولى بعبور القوات المسلحة المصرية قناة السويس والتقدم شرقاً في سيناء للاستيلاء على المضايق على 40-5 كيلو متر من قناة السويس.

الحرب كانت في مارس 1971
يؤكد عوض أنه طبقاً لما هو مقرر في الخطة فإن الهجوم العسكري المصري سيتم تنفيذه في مارس- إبريل عام 1971 تحت حماية حائط الصواريخ الجديد في جزئه الأكبر ثم ما أسماه عبد الناصر وقتها تعادل جوي محلي في المنطقة من القناة إلى المضايق.
 
وفي مذكراته التي حملت عنوان أمن مصر القومي في عصر التحديات يقول رئيس جهاز المخابرات العامة سنة 1970 محمد حافظ إسماعيل أن عبد الناصر أصدر تعليماته له وللجهاز نصها أنه لم يكن مستبعد أن تفشل المبادرة الأمريكية والمتوقع عندئذ أن تقوم قواتنا بعمليات حربية في ربيع 1871 وكان علينا أن أنفسنا لهذا الاحتمال ولهذا فقد احتل التعرض للمصالح الغربية في منطقتنا بالتنسيق مع عملياتنا السياسية والعسكرية مكاناً هاماً في تقديراتنا، إلا أننا لم نكن غافلين عن طبيعة هذا السلاح ذي الحدين.

مذكرات الفريق فوزي 
وفي الصفحة 365 من كتابه "حرب الثلاث سنوات" يحكى الفريق أول محمد فوزي وزير الحربية الأسبق عن بروفة حرب أكتوبر والخطة جرانيت التي وضعوها للاستيلاء على سيناء في بداية عام 1971، والتي حالت وفاة عبد الناصر دون تنفيذها.
 
ويقول فوزي: من المقرر في خطة التدريب على واجبات العمليات الحربية لعام 1970 إجراء مشروع استراتيجي على مستوى الدولة تشترك فيه كل القوات المسلحة المصرية بقياداتها وجنودها وأجهزة الدولة المدنية التي لها ارتباط وثيق بالجهد الحربي في المعركة.  
 
وكان قد تم مشروع تنسيق التعاون بين أفرع القوات المسلحة والجيوش الميدانية في شهر سبتمبر عام 1970 تمهيداً للقيام بهذا المشروع الاستراتيجي.
 
وبوفاة الرئيس جمال عبد الناصر تأجل هذا المشروع إلى أن تم في أوائل عام 1971 وتم وضعه وتجهيزه بمعرفة هيئة عمليات القوات المسلحة مشتركة مع مجموعة تخطيط وعمليات من المستشارين السوفييت وحددت توقيت المشروع الذي استغرق 12 يوماً متواصلة من يوم 14 مارس عام 1971 وحتى 25 مارس 1971، ويتابع «فوزي»: اشترك جميع قادة وضباط وجنود القوات المسلحة في هذا المشروع كما اشتركت فيه منظمات الدفاع الشعبي وأجهزة الدفاع المدني. 

الخطة جرانيت
وكان هدف المشروع هو اختبار قدرة وكفاءة القوات المسلحة على تحقيق أهداف الخطة جرانيت بالتفصيل وإتمام الخطة 200 بصفة عامة، ووضع الهدف المباشر للقوات الهجومية المكونة أساساً من 5 فرق مشاة و3 فرق ميكانيكية و2 فرقة مردعة و3 لواء مدرع مستقل و3 كتائب استطلاع بري ولواء إنزال بحري وقوات الأبرار الجوي تُعاونها القوات الجوية والقوات البحرية وقوات الدفاع الجوي ليكون احتلال المضايق الرئيسية وتأمينها حتى يوم ي + 4 وهذا يحقق الخطة جرانيت.
 
وبعدها تندفع القوات الميكانيكية والقوات المردعة عبر المضايق بعد تأمين خط فتحها للاشتباك شرق المضايق حيث يتم التصادم من الحركة مع مدرعات العدو والقضاء عليها والوصول إلى خطة الحدود الدولية وتأمينها لإتمام الخطة 200.

بروفة أكتوبر بدأت في فرع دمياط التابع لنهر النيل
يقول الفريق فوزي إنه لإعطاء الحركة الفعلية للمشروع وضع المشروع فرع دمياط على أنه قناة السويس وجعل القوات الموجودة شرقه تمثل العدو وتحركت قوات لأغراض المشروع لتكون غربه تمثل قواتنا وطُبقت هذه الفكرة عملياً على القوات الجوية التي قسمت لتمثل الطرفين ومعها قوات الدفاع الجوي المصرية والسوفيتية الموجودة في مصر على أن تظل في العمق إذ أنها في الحقيقة ليس لها واجب عمليات في تحرير الأرض.

خرائط بخط يد فوزي
رسم الفريق فوزي بخط يديه خرائط الاستيلاء على سيناء في حال نجاح تلك العملية وننشرها في مذكراته، ووزعت واجبات العمليات الحربية للمشروع في مظاريف مغلقة وباسم قائد التشكيل الشخصي وبه ساعة الصفر كما شملت الواجبات ترددات الأجهزة اللاسلكية لأغراض المشروع.
 
وحددت ساعة الصفر لتكون 15 دقيقة قبل الغروب ورمز ليوم العملية بـ حرف "ي"، وفي ساعة الصفر بدأت قواتنا الجوية والمدفعية بقذف أهدافها المجهزة في النطاق التعبوي والتكتيكي للعدو لمدة 20 دقيقة وفي نفس الوقت بدأت وحدات المهندسين فتح الثغرات في الساتر الرملي وسد مواسير اللهب التي جهزها العدو تحت سطح مياه قناة السويس.
 
وفي ساعة الصفر بدأ عبور قوات النسق الأول لعدد خمس فرق مشاة حوالي 30 ألف قائد وجندي قناة السويس بقوارب مطاطية بعضها بالمجاديف والأخرى بموتور وتسلقت الساتر الرملي واقتحمت قوات العدو في مواقعه تحت ساتر نيران المدفعية المباشرة وتبع ذلك قوات النسق الثاني بنفس الأسلوب ومعه نيران المدفعية المباشرة وتبع ذلك قوات النسق الثاني بنفس الأسلوب ومعه الأسلحة المضادة للدبابات على عبارات وناقلات مائية مختلفة.
 
ويقول الفريق فوزي أنه انطلاقا من اليوم التاسع بدأ انطلاق قواتنا في تنفيذ باقي الخطط الفرعية مثل ضرب ميناء أسدود وتل أبيب وحيفا بواسطة عمليات قواتنا البحرية علاوة على قطع مواصلات العدو البحرية في كل من البحرين الأبيض والأحمر كما قامت وحدات الأبرار الجوي بعمليات ضد إيلات في خليج العقبة وأبو زنيمة في خليج السويس.

الهجوم على مينائي إيلات وأسدود
وفي اليوم العاشر من بدء "بروفة الحرب" كانت قواتنا المدرعة والميكانيكية قد وصلت إلى خط الحدود الشرقية واستغرقت يومين في عمليات التأمين التي شملت الاستيلاء على مناطق رفح والعوجة وإيلات وبدأت في إعادة التنظيم والتجميع مرة أخرى لأوضاع تأمين سيناء بعد المعركة.
 
يقول الفريق فوزي أنه انطلاقا من اليوم التاسع بدأ انطلاق قواتنا في تنفيذ باقي الخطط الفرعية مثل ضرب ميناء أسدود وتل أبيب وحيفا بواسطة عمليات قواتنا البحرية علاوة على قطع مواصلات العدو البحرية في كل من البحرين الأبيض والأحمر كما قامت وحدات الأبرار الجوي بعمليات ضد إيلات في خليج العقبة وأبو زنيمة في خليج السويس.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق