أبطال الرياضة المصرية ثروة قومية لا تُقدَّر بثمن
الأحد، 28 سبتمبر 2025 02:40 م
شيرين سيف الدين
الرياضة ليست مجرد منافسة أو تسلية، بل هي إحدى أدوات القوة الناعمة للدول، ووسيلة لرفع اسم الوطن عاليًا بين الأمم. وفي مصر، نملك الآلاف من الأبطال الذين يشرفون وطنهم في البطولات الدولية، ويرفعون علمه فوق أعلام الدول الكبرى، ويجعلون النشيد الوطني يصدح في مدرجات العالم، نتيجة جهد وتعب سنوات طويلة، شاركت فيها أسرهم ومدربيهم بالصبر والدعم والتضحية، فهؤلاء الأبطال ليسوا مجرد رياضيين، بل هم ثروة قومية يجب الحفاظ عليها ورعايتها.
إن الاهتمام بالأبطال الرياضيين يجب أن يكون على رأس أولويات الدولة، ليس فقط من باب التكريم، بل من باب الواجب الوطني، فهم الواجهة المشرفة لمصر أمام العالم، ولا بد أن يحاطوا بدعم مادي ومعنوي كامل، يليق بما يقدمونه للوطن، كما يجب أن ينتهي عصر "الواسطة" والمحسوبية في الرياضة، وأن تُشكَّل لجان رياضية عليا، تتبع جهة رقابية مستقلة على غرار "هيئة الرقابة الإدارية"، تختص بمراقبة الاتحادات الرياضية كافة، وضمان نزاهة وعدالة اختيار اللاعبين الذين يمثلون مصر في البطولات الدولية، هذه الجهة ينبغي أن تكون الملاذ الأمين للرياضيين في حال تعرضهم للظلم أو الإهمال، وأن تحقق في شكاواهم بسرية تامة حفاظًا على مستقبلهم.
حادثة اللاعبة شروق وفا، بطلة منتخب مصر للشطرنج، التي أثير حولها الجدل مؤخرًا بشأن تفكيرها في اللعب باسم دولة أخرى، تكشف بوضوح حجم الأزمة، من المعلوم أن شروق حققت لمصر إنجازات عديدة، لكنها عانت من الإهمال والاضطهاد، حتى اضطرت إلى رفع صوتها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ولولا التدخل السريع من الدكتور أشرف صبحي وزير الشباب والرياضة، الذي أكد حرصه على دعمها ومحاسبة المقصرين، لربما خسرنا بطلة جديدة.
هذه الواقعة ليست فردية، بل تعكس واقعًا متكررًا يواجهه كثير من أبطالنا الذين لم يُسمع صوتهم، فمنهم من فقد انتماءه وقرر اللعب باسم دولة أخرى ومنهم من قرر التوقف عن ممارسة الرياضة والاعتزال المبكر بسبب سوء الإدارة داخل بعض الاتحادات.
ومن هنا، يصبح من الضروري أن يخضع المسؤولون عن الرياضة لاختيار دقيق قائم على النزاهة والكفاءة والقدرة على القيادة، كما يجب أن يُجرى تقييم سنوي سري من اللاعبين والمدربين لتحديد من يقف عقبة في طريق الإنجازات، والتخلص من العناصر غير المؤهلة مبكرًا، التجربة تثبت أن الاتحادات النزيهة والواعية تحقق نتائج عظيمة، كما هو الحال مع اتحاد كرة اليد المصري الذي أخرج أبطالًا عالميين، على عكس اتحادات أخرى غارقة في الفوضى.
كذلك، من غير المقبول أن تظل بعض الألعاب الفردية التي تحقق إنجازات قارية وعالمية – مثل الكونغ فو والكاراتيه والمبارزة – في الظل، بينما تستحوذ كرة القدم على الأضواء رغم تعثرها في كثير من الأحيان، إن أبطال هذه الرياضات يستحقون التقدير الإعلامي والتكريم الشعبي، لأنهم يقدمون القدوة الحقيقية للشباب، ويغرسون فيهم الأمل بأن الاجتهاد والصبر يؤديان إلى النجاح مهما كانت الظروف، وبدلا من أن يكون القدوة هو صاحب أكبر مشاهدات على التيك توك رغم محتواه التافه يجب أن نكرم أبطالنا ماديا ومعنويا وأن نسلط عليهم الأضواء كي يصبحوا نموذجاً يحتذى به من قبل الشباب الصغير .
في النهاية أود التأكيد على أن أبطال مصر الرياضيين هم ذخيرة الوطن، وأمانة في أعناقنا، وخسارتهم ليست خسارة فرد بل خسارة وطن، ودعمهم ورعايتهم وتنمية ولائهم لمصر هو السبيل الأمثل لبناء أجيال جديدة تؤمن بأن النجاح ممكن، وأن اسم مصر يستحق أن يُرفع عاليًا في كل محفل دولي.