أمريكا تقضي على الحلم الإيراني في الوصول إلى مياه «المتوسط»

الثلاثاء، 16 مايو 2017 09:02 م
أمريكا تقضي على الحلم الإيراني في الوصول إلى مياه «المتوسط»
مدمرات أمريكية
كتب - محمد الشرقاوي

الأيام الماضية، كشف زعيم مليشيا عصائب أهل الحق الشيعية في العراق، عن مخطط شيعي جديد تنفذه الميليشيات المدعومة إيرانيًا أسماه البدر الشيعي وليس الهلال، مضيفا أنه بظهور من وصفه بصاحب الزمان، وهو الإمام الثاني عشر الغائب عند الشيعة، فإن قواتهم ستكون اكتملت بالحرس الثوري في إيران وحزب الله اللبناني وأنصار الله (جماعة الحوثي) في اليمن وعصائب أهل الحق وإخوانهم في سوريا والعراق، وفق تعبيره.

غير أن المعطيات على الأرض، كشفت عن تلاشي الحلم الإيراني، خاصة في ظل الدفع العسكري الأمريكي في المنطقة، وعزمها على الدخول في حرب شرسة ضد تنظيم داعش، بخلاف الضغط العسكري الذي تنفذه الإدارة الأمريكية الجديدة على بشار.

في أبريل الماضي أطلق الجيش الأمريكي، 59 صاروخا من طراز «توماهوك» من مدمرتين تابعيتن للبحرية على قاعدة الشعيرات العسكرية الجوية في ريف حمص وسط سوريا، في رد أمريكي على الهجوم الكيماوي الذي شهدته بلدة خان شيخون في إدلب، الأمر الذي اعتبره الباحثون سياسة استباقية للبيت الأبيض، وإثبات وجوده على الساحة، وأن التدخل الأمريكي متاح في أي وقت.

مدمرات أمريكية

الحلم الإيراني

تقول مراكز بحثية، إن طهران أنجزت مخططتها الإقليمي في التوسع بالمنطقة بمساعدة المجندين الشيعة الجدد من لبنان والعراق وأفغانستان وباكستان، وباتت تمتلك جيشًا  قوميًا للشيعة، يخضع للحرس الثوري الإيراني، تتمثل مهمته في توفير ممرات شيعية في سوريا.

مركز واشنطن لدراسات الشرق الأدني قال إن تلك المخططات تسمى «سوريا المفيدة» - تمر إلى الحدود العراقية، حيث تمارس «وحدات الحشد الشعبي» نشاطًا كبيرًا، ولإنشاء الممر الشيعي تطلب من إيران إخلاء تلك المنطقة من السنة، وتأمينها من قبل الميليشيات الشيعية خاصة «حزب الله»، وذلك لأن هناك قيادة الحرس الثوري لا تثق في الجيش السوري.

يكمل المركز: لقد ساهم حدثان أساسيان في وضع المنطقة على مفترق طرقٍ في السنوات الثلاث الماضية هما: ظهور «داعش»، والاتفاق النووي الإيراني في 2015، وبينما كان العالَم يركّز على هذين الحدثين وتداعياتهما في المنطقة وأوروبا والولايات المتحدة، كانت إيران تعمل بانتظام من أجل تحقيق هدفيها الأساسيين، وهما تعزيز هيمنتها الإقليمية وربط طهران عبر العراق وسوريا بجنوب لبنان، وتنفيذها كلا الهدفين من خلال توفير ممر جغرافي يمتد عبر الدول الثلاث، والاستحواذ على القرار السياسي في العواصم الثلاث: بغداد ودمشق وبيروت.

ميليشيا شيعية4

الحلم يتلاشى

الجارديان البريطانية قالت في مقال لها اليوم الثلاثاء، بعنوان «الحلم الإيراني في الموصل وحلب نحو البحر المتوسط يتلاشى»، إن إيران غيَّرت مسار أحد ممراتها الأرضية التي تسعى لإقامته خوفًا من التواجد العسكري الأميركي المتنامي شمال شرقي سوريا، مشيرة الى أن مدينتي الموصل وحلب كانتا الطريق لتحقيق حلم إيران القديم بإنشاء ممر إلى البحر المتوسط.

الصحيفة أوضحت على لسان مصادر عراقية، أن القادة الإيرانيين يرون في تجمُّع القوات الأميركية ردعًا لطموحات طهران، التي لطالما كانت تحاول إقامة مناطق نفوذ عبر العراق وسوريا، تسيطر عليها هي ووكلاؤها، مشيرة الى أن الحرب في سوريا، رسمت أبعادًا جديدة وغير متوقعة، ما جعل من حلم إيران بالممر مهمةً صعبة، وأن الأوامر صدرت بتغيير مسار هذا الممر صدرت من قائد فيلق القدس قاسم سليماني وقائد قوات الحشد الشعبي في العراق هادي العامري.

ولفتت الصحيفة إلى أن الممر الجديد لإيران انتقل 140 ميلا (225.31 كم) جنوبًا لتجنُّب تجمع للقوات الأميركية حشد لمحاربة تنظيم داعش.

وأوضحت أن طهران ستستخدم الآن مدينة «الميادين» التي يحتلها داعش كمركزٍ لها في شرقي سوريا، متجنبة بذلك منطقة الشمال الشرقي التي يتواجد بها الأكراد، وهي المنطقة التي بحث القادة الإيرانيون في السابق جعلها طريقاً مهماً لهم، مشيرة إلى أن قوات الحشد الشعبي اقتربت من بلدة البعاج العراقية (غربي الموصل)، التي تمثل رابطَا رئيسيًا في ممر إيران الجديد، كما أنها المنطقة المعروفة بأن أبو بكر البغدادي، زعيم داعش، كان متمركزاً فيها معظم السنوات الثلاث الماضية.

ونقلت الجارديان عن ذات المصادر أنهم يبذلون كل ما في وسعهم لإقامة هذا الممر بأسرع ما يمكنهم، وهذا يعني الانتهاء من البعاج بأسرع ما يمكنهم، ومن ثَمَّ طرد داعش من الميادين ودير الزور، إنَّهم يريدون القيام بذلك قبل وصول الأميركيين إلى هناك، وأن البعاج أصبحت جائزةً بالغة الأهمية مع دخول الحرب ضد داعش في العراق مرحلتها الأخيرة.

ويعتقد مسؤولو الاستخبارات في المنطقة، أن البغدادي كان في المنطقة معظم شهر مارس الماضي، فيما ذكرت تقارير أنَّه كان هناك أيضاً في فبراير ، وكذلك خلال معظم معركة استعادة الموصل، وأنه في حال سقوط البعاج، فسيكون ذلك مدمِّراً لتواجد داعش الآخذ في التقلُّص بالعراق، ما يعني أن أجزاء من محافظة الأنبار ستكون هي آخر معقلٍ للتنظيم في المنطقة.

وتضيف أنه مع فقدان داعش السريع للأرض في العراق، يتحوَّل التركيز إلى المرحلة التالية، وربما الأخيرة من الحرب، والمتمثلة في معركة السيطرة على آخر معاقله في سوريا، التي تشمل الرقة ودير الزور.

وتشير الى أنه لم تنته بعد عملية تشكيل القوة التي ستُرسل لاستعادة السيطرة على كلتا المدينتين، فيما أعلن مسؤول أميركي الثلاثاء الماضي 9 مايو 2017، أن الرئيس دونالد ترامب وافق على تسليح المقاتلين الأكراد الذين يواجهون تنظيم داعش في سوريا، وذلك رغم معارضة الحليف التركي الذي ينتقد بشدة الدعم الأميركي المقدم للأكراد.

المرشد الأعلى للثورة الإيرانية4

التغيرات السياسية

وبحسب الصحيفة فإن هذا التدافع السياسي جعل ساحة المعركة في سوريا أكثر تعقيدًا، حتى أجبر إيران على تغيير مسار أحد أهم أهدافها طويلة الأمد، في الوقت الذي كان يبدو إحرازها للتقدُّم فيه أمراً أكيدًا، وإن ممرها القديم في سوريا كان يتميز بعبوره من الحدود الإيرانية إلى مدينة جلولاء العراقية في محافظة ديالى، ثم عبر جنوبي الموصل إلى الشرقاط، وبعد ذلك شمالاً إلى تلعفر.

وتضيف أما الآن، فقد أدخل الاتجاه غرباً مروراً بسنجار، القوات المدعومة إيرانيًا في مواجهةٍ مباشرة مع داعش، الأمر الذي يخدم هدفًا مزدوجًا يتمثَّل في القيام بدور أكبر في الحرب ووضع حجر أساس على طول المسار الجديد.

وتنقل الصحيفة عن مسؤولين عراقيين لم تسمهم القول إن الطريق الذي اختير حديثًا من دير الزور إلى السخنة وحتى تدمر، ثُمَّ دمشق، باتجاه الحدود اللبنانية، حيث يمكن تحقيق الهدف الرئيسي لدعم حزب الله عن طريق المقايضات الديمغرافية.

وتضيف الغارديان من هناك، يوجد تصوُّر لممر يصل إلى اللاذقية والبحر المتوسط، الأمر الذي يمنح إيران خطَّ إمدادٍ يتجنَّب مياه الخليج العربي، التي تعجُّ بدوريات المراقبة.

ميليشيات شيعية4

زيارة ترامب للسعودية

مؤشرات أخرى تؤكد تلاشي الحلم الإيراني، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية الأمريكي، ريكس تيلرسون أن أحد أهداف زيارة رئيس الولايات المتحدة، دونالد ترامب إلى السعودية، إيجاد تحالف ضد سياسات إيران، وذلك في حديثه مع قناة «إن بي سي» الأمريكية: «أعتقد أن هناك إجماعاً في جميع دول المنطقة، حول أنشطة إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة».


وأكد وزير الخارجية الأمريكي أن مسألة الوقوف بوجه إيران وليس بالتحديد ضد مذهب معين، باتت ضرورة.

ونشرت مواقع عبرية، أن زيارة الرئيس الأمريكي للمملكة السعودية في أول رحلة له خارج بلاده منذ توليه مهام منصبه، سيعلن خلالها من العاصمة السعودية الرياض عن تشكيل ما أسمته «ناتو عربي إسلامي سُني».

ووفقًا للمواقع، فإن السعودية تبدي اهتمامًا كبيرًا بالزيارة التي سيجريها الرئيس ترمب، مشيرة إلى أن العاهل السعودي، سلمان بن عبد العزيز، سوف يوجه الدعوة إلى 17 من رؤساء الدول العربية والإسلامية للمشاركة في لقاء القمة الذي سيجمعه  بترمب في العاصمة السعودية الرياض والمزمع عقده في 22 مايو الجاري.

ونوهت المصادر إلى أن من بين المدعوين، قادة وزعماء دول مجلس التعاون الخليجي، والعاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، وملك المغرب محمد السادس، والرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة، والرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ورئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي.

ومن المقرر أن يبدأ الرئيس الأمريكي، بجولة في المنطقة يزور فيها المملكة العربية السعودية وإسرائيل والفاتيكان أواخر مايو الجاري.

ترامب ومحمد بن سلمان

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة