أنبياء الله.. دين واحد..وأنبياء متعددون

الثلاثاء، 05 سبتمبر 2017 09:00 م
أنبياء الله.. دين واحد..وأنبياء متعددون
صورة أرشيفية
عبدالحليم قنديل

ليس أصفى من فهم الإسلام لقصة أديان السماء، فالمسلم الحق يؤمن بالله وكتبه ورسالاته وأنبيائه جميعا، لا يفرق بين أحد منهم، والإسلام معنى جامع لأديان التوحيد، فكل أديان السماء هى إسلام الوجه لله تعالى، وقد نزل الإسلام الحنيف أول ما نزل على قلب سيدنا إبراهيم «أبو الأنبياء»، ونزل فى صورته الختامية على قلب النبى محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، والمسلم يختم صلواته الخمس بالتحيات الطيبات لرسل الله جميعا، ويصلى ويبارك على سيدنا إبراهيم وآل سيدنا إبراهيم، كما يصلى ويبارك على سيدنا محمد وآل سيدنا محمد، وبين نبى البدء ونبى الختام، لا يستثنى المسلم نبيا ولا رسولا من عند الله، منهم من قص علينا القرآن الكريم، وأكثرهم ممن لم يقصص، والدعوة هى ذاتها، حفز على الإيمان بالله واليوم الآخر، والتسابق إلى الخيرات والعمل الصالح فى الدنيا، والأمل فى رحمة الرب وغفرانه، فإن الله يغفر كل شىء إلا أن يشرك به.
 
الدين - إذن - واحد فى جوهره، وإن تعدد الأنبياء وتلاحقت الرسالات والصور، من فطام البشرية إلى نضجها، ومن إقناعها بالمعجزات والخوارق، إلى إقناعها بالعقل والتأمل فى الأكوان والسنن، وصولا إلى معنى التوحيد الخالص بلا شبهة، فالله سبحانه يتعالى عما يصفون، وله الأسماء الحسنى، بإطلاق المعانى من أسرها الضيق الذى نعرفه، والله ليس فى مكان بذاته، ولا فى زمان بعينه، فله مطلق المكان واتساع الزمان، وطلاقة القدرة، لا يلد ولا يولد، وليس له كفوا أحد، قوة مطلقة مجردة، هى «قانون القوانين» كما كان يصفها الفيلسوف الإسلامى العقلانى ابن رشد، وقد كان التوحيد هو خلاصة دعوات الأديان، وإن بدت صورته أصفى وأنقى وأرقى مع توالى الأنبياء والرسل، وتوالى طبعات الإسلام الحنيفية واليهودية والمسيحية من إبراهيم الخليل إلى موسى الكليم إلى عيسى المسيح، وإلى محمد النبى الأخير، الذى اصطفاه الله وخصّه بطبعة الإسلام الأخيرة الكاملة، وإلى أن يرث الله الأرض، وتقوم موازين الحساب.
 
أديان السماء - إذن - ليست دعوة للاقتتال ولا للتغلب، ولا للتنابز بالألقاب والرسل والشرائع، ولا هى لوحات إرشاد معلقة على حوائط، بل دعوة لإدراك الجوهر الواحد، وإطلاق التجربة الإنسانية المسئولة أمام الله وحده، وكلٌ طائره فى عنقه، فالرسل كانوا بشرا كالبشر، وكل الفارق أنه أوحى إليهم، وقد تركوا للدنيا ما نزل عليهم من وحى الله، لا لكى يتحارب الناس، ويتلاعبوا ويتاجروا بكلمات الله، وإنما لكى يدركوا أن دين الله واحد، وإن تنوعت السُّبل وتعدد الأنبياء فى رحلة الهداية المقدسة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق