أزمة الـ750 ألف فدان مستمرة

زراعة الأرز.. معركة المصير بين الحكومة والفلاحين وبينهما النواب

الإثنين، 19 مارس 2018 01:00 ص
زراعة الأرز.. معركة المصير بين الحكومة والفلاحين وبينهما النواب
سامي بلتاجي

حددت وزارة الموارد المائية والري المساحات المسموح بها، لزراعة الأرز لموسم 2018، وذلك بالتنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي؛ حيث رأت الوزارتان ومعهما لجنة الزراعة بمجلس النواب، أن القرار يأتي وفقا لضوابط فنية، تتعلق بالكميات المتاحة من مياه الري اللازمة لزراعة المحصول، بينا رأي ممثلو الفلاحين والمزارعين وعدد من أساتذة مركز البحوث والجامعات المصرية، أن القرار يهدد المزارع في معيشته التي تتأثر بالعائد من الزراعة.

من جانبه قال الدكتور حامد عبد الدايم، المتحدث الرسمي باسم وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، في تصريح خاص لـ"صوت الأمة"، أن تحديد مساحات ومحافظات زراعة الأرز، ليس لوزارة الزراعة دخل فيه؛ فهو مسؤولية وزارة الري؛ نافيا وجود مشاورات داخل الوزارة لزيادة المساحات بالمحافظات التي تم الاتفاق على زراعة المحصول فيها؛ وهي محافظات الغربية، كفر الشيخ، البحيرة، دمياط، دقهلية، بورسعيد، والإسماعيلية.

واتصالا بحديث المتحدث باسم وزارة الزراعة، أشار الدكتور حسام الإمام، المتحدث الرسمي باسم وزارة الموارد المائية والري، في تصريح خاص ل"صوت الأمة"، أن إجمالي المساحات المسموح بزراعتها بمحصول الأرز، لموسم 2018، بلغ 724200 فدان؛ باعتبارها المساحة التي تستطيع وزارة الري توفير كميات مياه الري اللازمة لزراعة الأرز فيها؛ منوها إلى أن أية مساحات ستتم زراعتها زيادة على المساحة والمواقع التي حددتها الوزارة مع وزارة الزراعة، سيتم توقيع العقوبات والغرامات المقررة ضد المخالفين.

وفي تصريح خاص لـ"صوت الأمة"، أوضح النائب هشام الحصري، وكيل لجنة الزراعة والري والأمن الغذائي، بمجلس النواب، أن القرار يخضع لدراسات فنية، تتعلق بكميات المياه المستخدمة للري، ونوع التربة التي ستتم زراعة الأرز فيها؛ وهي الدراسات التي قامت بها وزارة الموارد المائية والري، بالتنسيق مع وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وشاركتهما بالرأي والمناقشة لجنة الزراعة بمجلس النواب؛ لافتا إلى أن المساحات المسموح بها من قبل وزارة الري لزراعة الأرز، تنخفض عن المساحات التي كان مسموحا بها العام الماضي، وذلك بأكثر من 350 ألف فدان.

حسين عبد الرحمن أبو صدام نقيب الفلاحين، من جهته، أبدى تحفظه على تقليل المساحات المسموح بزراعتها بمحصول الأرز؛ وفي تصريح خاص ل"صوت الأمة"، قال نقيب الفلاحين: وجهة نظري أن تقليص مساحات زراعة الأرز غير مجدية، وتضر أكثر مما تنفع -على حد قوله - لأن هذه المساحات لا تنتج محاصيل مربحة غير الأرز؛ وحرمانها من زراعة المحصول، تعرضها لزيادة ملوحتها.

 وبالنسبة لترشيد المياه، يتابع نقيب الفلاحين: تقليل مساحات زراعة الأرز إلى هذا الحد، لن يرشد مياه كما يظن البعض، لأن الأرز لا يستهلك كل المياه، وإنما يحتاج لأرض رطبة فقط، وقد تستخدم معظم هذه المياه في زراعات أخرى بعد تصفيتها من أرض الأرز؛ كما أننا في حالة عدم زراعة الأرز سنزرع محاصيل أخرى تستهلك مياه أيضا؛ مستدركا: لكن كان من الممكن بدلا من حظر زراعة الأرز، أن يتم تعميم زراعة أرز الجاف أو التقليل من زراعة محاصيل أخرى ليست أساسية، كالموز والبرسيم؛ وتكثيف العمل على تعميم الزراعة بالتنقيط بدلا من الزراعة بالغمر؛ و كذلك تطهير الترع وتبطينها.

محمد فرج، رئيس اتحاد الفلاحين المصريين، اتفق مع نقيب الفلاحين،  حيث قال لنا أن المساحات التي حددتها وزارة الري مع وزارة الزراعة، محدودة جدا؛ وإذا كان هذا هو قرار الحكومة، فعليها أن توجد البديل للفلاح، لكنها خضعت لمافيا الأرز التي تنشط مع كل موسم لزراعة الأرز، وتضغط على بعض أعضاء الحكومة، حتى لا تخسر نفوذها في أسواق تداول الأرز، سواء في التصدير أو الاستيراد؛ متسائلا: لماذا لا يتم تعميم زراعة أرز الجفاف، والذي يتم ريه كل 12 أو 15 يوم.

من جانبه أفاض الدكتور سعيد سليمان، أستاذ علوم الوراثة، بكلية الزراعة بجامعة الزقازيق، حول مميزات أرز الجفاف، المعروف بأرز عرابي؛ لافتا إلى أن أصناف الأرز التي أعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، تخص الأصناف المبكرة، أي التي يتم حصادها بعد نحو 125 يوما بدلا من 130 يوما، أو 135 يوما، لكنها ليست من الأصناف غير الشرهة للمياه؛ وتابع: الموسم الماضي كان إجمالي المساحات المسموح بزراعتها بمحصول الأرز 1.1 مليون فدان، في تمت زراعة نحو 1.8 مليون فدان؛ أي أن المساحات التي تمت زراعتها بالمخالفة بلغ إجماليها نحو 700 ألف فدان، بما يقترب من إجمالي المساحات المسموح بها لموسم 2018.

وقال الأستاذ بزراعة الزقازيق، أن أرز الجفاف الذي قام هو بأبحاثه وتجربة زراعته في العديد من المواقع بمحافظات مختلفة من الجمهورية؛ مضيفا: وزير الري لديه علم عن أرز الجفاف (عرابي 1 و2 و3 و4)، ووزير الزراعة يحارب انتشار وتعميم زراعتها؛ بالرغم من أن المياه التي ستستخدم لزراعة 740 ألف فدان، يمكن بها زراعة مليون ونصف المليون فدان؛ وأوضح أن هذه الأصناف المقاومة للجفاف، تمت زراعتها في كل من محافظات الدقهلية، الشرقية، كفر الشيخ، البحيرة، الغربية؛ كما تمت زراعتها في محافظات لم تكن تزرع الأرز قبل ذلك، بالمساحات المعروفة للمحافظات السابقة الإشارة إليها؛ حيث تمت زراعة أرز الجفاف، في كل من الفيوم والمنوفية؛ وكذلك تمت زراعة 500 فدان في منطقة سهل الطينة بشمال سيناء، وأكثر من 200 فدان بجنوب بورسعيد؛ كما تمت زراعته في كل من سيوة والفرارة؛ وبلغ إجمالي المساحات التي تمت زراعتها في الموسم الماضي أكثر من 200 ألف فدان؛ مؤكدا أنه إذا تم تسجيله منذ البداية، لوصلت مساحات زراعته ٱلى مليون فدان.

من جانبه، طالب الدكتور عبد السلام دراز الأستاذ بقسم الأرز بمعهد المحاصيل الحقلية، الحكومة ممثلة في وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، بالتوسع في مساحات زراعة محصول الأرز، لتصل إلى مليون فدان، لتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، والتي يتم تعويضها من خلال الاستيراد.

وفي تصريح خاص لـ"صوت الأمة"، أشار الأستاذ بمعهد المحاصيل الحقلية إلى أن وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي حددت إجمالي مساحة 720200 فدان، لزراعة الأرز، خلال الموسم القادم، على مستوى محافظات الجمهورية، حسب المناطق التي حددها قرار وزير الزراعة للمحصول، على أن تتم زراعة الأصناف المبكرة، وعالية الاتتاحية، حتى لا يتم استهلاك كميات كبيرة من المياه؛ مضيفا: ستتم إضافة صنف جديد من الأرز، وذلك لأول مرة؛ وهو صنف "سخا 108"، وهو محصول عالي الجودة، ويتم حصاده بعد 125 يوما.

ولفت الدكتور عبد السلام دراز إلى تنفيذ برنامج إرشادي للمزارعين، مناشدا وزارة الزراعة ببذل المزيد من الجهد في مجال الإرشاد الزراعي، من خلال العديد من القنوات الفضائية، بالإضافة إلى القناة الزراعية التابعة للوزارة، بالاستعانة بالخبراء المتخصصين، لتوصيل رسالة توعوية للمزارعين عموما، ولمزارعي الأرز خاصة، لحثهم على زراعة الأصناف عالية الإنتاجية المبكرة في الزراعة، والتي تستغرق زراعتها من 125 و135 يوما من بداية زراعة المحصول وحتى حصاده، لترشيد الكميات المستخدمة في زراعة الأرز؛ وهي أصناف تعطى نحو 3.5 أردب للفدان، بحسب خبير المحاصيل الحقلية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق