«اليونيفورم» باب خلفي لفساد الإدارات التعليمية.. هل يتدخل الوزير لإيقاف معاناة أولياء الأمور؟

الجمعة، 27 يوليو 2018 12:00 ص
«اليونيفورم» باب خلفي لفساد الإدارات التعليمية.. هل يتدخل الوزير لإيقاف معاناة أولياء الأمور؟
الدكتور طارق شوقي - وزير التربية والتعليم
إبراهيم الديب

معاناة سنوية يعيشها أولياء الأمور تبدأ مع أوائل شهر يوليو بالتقدم للمدارس التجريبية لألحاق أطفالهم بمرحلة رياض الأطفال، يعقبها «بيزنس التحويلات» بين الصفوف المختلفة وماتشهدة تلك المراحل من أعباء مالية تقع على كاهل الأسرة، والتي تتزايد بحسب «سماسرة التحويلات» ومدى إمكانية سدادهم لتسعيرة قبول الملف بالمدرسة أو تحويل الطالب إلى أخرى لأسباب بعضها مشروع والأخر لافائدة من ورائه إلا أن يظل السبب في استمرار مسلسل المخالفات خلال شهري يوليو وأغسطس مستمرا لزيادة نسبة العرض والطلب بين ولي الأمر و«المخلصاتي» بدواوين المدارس والإدرارات والمديريات التعليمية، والذي يتولى عبء إنهاء الإجراءات المقعده لولي الأمر.
 
وزارة التربية والتعليم في الأونة الأخيرة، وضعت فكرة التقديم الإلكتروني للحد من فساد بيع ملفات التقديم للمدارس المختلفة، وخاصة التجريبية، إلأ أنها أغفلت تطبيق النظام الإلكتروني في التحويلات بين المدارس والإدارات، وتشديد الرقابة وآليات المنع لأي أعمال تقديم أو تحويل يدوية والتي لازالت تشهدها بعض الإدارات حتى الأن.
 
ولم تتوقف أزمة التحويلات فقط عن طلاب المرحلة التمهيدية ولكنها امتدت لطلبة الصفوف والمراحل التعليمية المختلفة، وسط مخالفات تمنعها اللوائح والشروط المحددة لتلك العملية.
 
وبعد أن ينتهي أولياء الأمور من كل تلك التعقيدات أملا في إلحاق أبنائهم بمدارس تليق بتقديم مستوى تعليمي يرقى لتحقيق الأمل المنشود من العملية التعليمية ككل، يدخلون في «مفرمة» الزي المدرسي والأدوات والوسائل التي يحتاجها أبنائهم للاستخدام طوال العام الدراسي، ومع ارتفاع أسعار تلك المواد لجأت الأسر إلى شراء فقط مايحتاجونه «قطاعي» لرأب الصدع الذي زلزل ميزانيتهم الشهرية، ولكن يظل «اليونيفورم» هو الصداع الأكبر في رأس أولياء الأمور كل عام، لاسيما وأن أسعاره تتفاوت حسب كل مدرسة، والتي شهدت طفرة كبيرة في الأونة الأخيرة نتيجة ارتفاع أسعار الخامات.
 
فكرة الزي المدرسي «اليونيفورم»، بدأت في بريطانيا أواخر القرن السادس عشر، وفُرض في البداية على الأطفال في در الأيتام وذلك لتمييز التلاميذ عن بعضهم، ثم تم تعميمها في القرن التاسع عشر وتعميمها في كافة مدارس بريطانيا الخاصة والحكومية، وانتقلت الفكرة البريطانية إلى مستعمراتها في الشرق ومنها مصر والتي عرفت في ذلك الوقت فكرة الزي المدرسي الموحد.
 
لم تمر سنوات طوال حتى اندثرت تلك الفكرة وبدأت في الاختفاء الكامل بعد ظهور طبقات اقتصادية واجتماعية مختلفة بين المواطنين، وأصبح الزي المدرسي وهيئة الطالب معتمده على الحالة المادية للأسرة وهو الأمر الذي عاد بالسلب على نفسية العديد من الطلاب الفقراء لعدم مقدرتهم على ارتداء زي مماثل لأقرانهم، وتسبب ذلك في عزوف البعض عن استكمال دارسته، إلى أن بدأت كل مدرسة ومحافظة في تطبيق فكرة «كرنفال الألوان» وتخصيص زيا خاصا بها.
 
«بيزنس اليونيفورم»، يحقق أرباحا طائلة لدى القائمين على تلك التجارة، ويبدأ بتعاقد مسئول الوحدة المنتجة بالمدرسة، تحت إشراف المدير، مع المصنع الذي تم الاتفاق معه على تفاصيل الزي وشكله ولونه والسعر المباع به، على أن يتم إخطار الإدارة التعليمية بعروض الأسعار وتفاصيل التعاقد، ودراسة جدوى للمشروع، على أن يكون مناسب لظروف البيئة والمستوى الاقتصادي للطلاب وعدد قطع الطقم، وبناء عليه يصدر القرار بالتعامل موقعا من قبل مسئول التوجيه المالي والإداري، وميدر عام الإدارة، ويبدأ المصنع في التنفيذ.
 
وبعد إتمام عملية البيع لأولياء الأمور بإيصالات رسمية يتم تخصيص نسبه من الأرباح للمدرسة، والإدارة التعليمية ليتم إنفاقها في الخدمات والجهات المخصصة لذلك، إلا أن الواقع شابه العديد من المخالفات التي وضعت ولي الأمر في عناء مستمر طوال شهري يوليو وأغسطس، حيث تتعمد بعض المدارس إعلان الزي الخاص بها قبل وقت قصير من بدء الدراسة، وذلك بعد تنسيقها مع مصنع محدد لتفويت الفرصة على المصانع الأخرى من صناعة تلك الألوان بهيئتها المرادة لدى المدرسة، وإجبارهم على الشراء من مكان واحد ومعين، لتحقيق أرباح يتم تقاسمها بين المستفيدين من تلك السبوبة.
 
علاقات أسرية وصداقات تحكم تربيطات بعض مسؤولي الوحدات المنتجة، ومديري المدارس، والإدارات، مع أصحاب المصانع، والتي يعمل أغلبها دون ترخيص وأوراق رسمية، ويتم الاتفاق على اللون والشكل والسعر، وتعمد المدارس حاليا إلى تغيره كل عام لإجبار ولي الأمر على الشراء من جديد، أو وضع شارة المدرسة على الـ«تي شيرت»، ليتم البيع من خلال منفذ واحد، قد يتم من خلال أحد عمال الخدمات المعاونة، أو تحديد عنوان المحل الذي تم توريد الزي إليه ليبدأ أولياء الأمور في التوجه والشراء منه.
 
 وتختلف أسعار الزي بحسب كل مدرسة، ونوعيتها فالتعليم الخاص الأعلى نسبة في ارتفاع أسعار الزي، ومرتبط بارتفاع قيمة المصروفات، والتي كلما زادت اترفع معها سعر الزي والباص وغيرها، وتشترك المدارس الخاصة، والحكومية، في اشتراط بعضها على شراء الزي من أحد المنافذ التي تحددها سلفا، والتي غالبا تكون أضعاف سعر السوق العادي والمحال التجارية المختلفة، ولا تقبل أوراق الطالب إلا إذا نفذ هذا الشرط، وتتقاضى المدارس نسبة من المصنع أو السلسلة التجاري لتحديده للشراء.
 
وبالطبع وعلى أقل تقدير تقوم الأسرة بشراء طقمين للعام الدراسي، بخلاف «البلوفر أو الجاكت» الشتوي، وطقم الألعاب، وهي الأزمة التي تواجه رب المنزل لاسيما وإن كان له أكثر من أبن في مراحل التعليم، وتحمله آلاف الجنيهات من النفقات.
 
«الحفاظ على درجة الألوان وتوحيد المظهر وجودة الخامات».. هو سبب تحديد منفذ البيع من بعض المدارس، والخاصة منها تحديدا، لإجبار ولي الأمر على الشراء من المنفذ وعدم التوجه إلى الأسواق المختلفة لشراء الزي، وهو الأمر الذي يعد بابا خلفيا للتربح فقط دون الاهتمام بمعاناة أولياء الأمور، والذين تقودهم رحلتة عنائهم في أخر مطافها إلى أزمة الشنطة المدرسية وارتفاع أسعارها هي الأخرى.
 
طارق نورالدين معاون وزير التربية والتعليم سابقا، يرى أن الحل الأمثل لتلك المشكلة هو توحيد الزي المدرسي، على الأقل بالمدارس الحكومية فقط، والتي تستوعب نحو 17 مليون تلميذ، من خلال وضع مجموعة من التصميمات والألوان الموحدة بشكل وقور ومناسب، يتم تصنيعه بمعرفة كل محافظة طبقا لمجموعة التصميمات والألوان التي من المفترض أن تحددها الوزارة لكل محافظة معبرة عن روح البيئة التعليمية، ومتماشية مع ما يرتبط بها من أصول تربوية وضوابط، ومناسبة في أشكالها وألوانها لكل مرحلة دراسية وعمرية، ومنسجمة في الوقت ذاته مع المظهر الحضاري رفيع المستوى للمدرسة المصرية.
 
على أن يتم تحديد تسعيرة موحدة للزي، وإعلان أماكن الشراء، بشرط الابتعاد عن تدخل كبار رجال الأعمال وكبار الشركات المتخصصة في بيع وتصنيع هذا الزى وحتى لا تكون «سبوبة» جديدة لضعاف النفوس وباب جديد في الفساد المالي والإداري، وابتزاز واستنزاف أولياء الأمور.
 
وأضاف «نور الدين»، أنه من المفترض أن تقوم كل محافظة بتصنيع الأزياء المدرسية من خلال أصحاب المشروعات الصناعية الصغيرة والمتناهية الصغر وليست الشركات والمصانع الكبيرة ويوزع الزى على الطلاب بسعر التكلفة من خلال المجمعات بالمحافظة وبالتقسيط لغير القادرين والأيتام.

من جانبه طالب محمود العسقلاني، رئيس جمعية «مواطنون ضد الغلاء»، الدكتور طارق شوقي، التدخل لحل أزمة الزي المدرسي، وتغييره كل عام، وتحديد منافذ بعينها لبيعه، وتشديد الرقابة على المدارس، وفرض إجراءات جديدة تتماشى مع خطة تطوير وهيكلة العملية التعليمية ككل بما يحد من زيادة أعباء الأسرة المصرية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق