5 ملايين ضحية في حرب السبع عقود.. حكايات مأساوية لا نهاية لها في كوريا الشمالية

الإثنين، 13 أغسطس 2018 11:00 ص
5 ملايين ضحية في حرب السبع عقود.. حكايات مأساوية لا نهاية لها في كوريا الشمالية
زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون

بلد صغير يخوض صراعا مريرا منذ سبعة عقود تقريبا. هذا حال كوريا الشمالية رغم كل العناد الذي يبدو مسيطرا على مواقف بيونج يانج في العقود الأخيرة، ورغم تراجعها مؤخرا بحثا عن السلام.
 
كثيرون لا يعرفون شيئا عن كوريا الشمالية، وينظرون لها نظرة سياحية أسطورية مبعثها مواقف النظام الحاكم وسيره العنيد طوال السنوات الماضية على طريق امتلاك ترسانة نووية. الحكاية الخفية والكواليس تحمل قصصا مأساوية ومعاناة إنسانية ضخمة، يمكن استكشافها والإمساك بخيوطها مع الاقتراب من هذا البلد والنظر له من حيز إنساني قريب.
 

كثيرًا ما يتساءل البعض عن ما يدور داخل شبه الجزيرة الكورية، ولكن في الأغلب لم تكن المعلومات متوفرة بشكل كبير إلا في الوكالات الكورية الجنوبية أو في الوكالات العالمية وهو ما يدفع البعض إلى البحث أكثر للتدقيق من المعلومات المتوفرة عن تلك المنطقة وما دار بها خلال العقود السابقة.

التقارير الأكثر تداولا حول الأوضاع في شبه الجزيرة الكورية التي تضم الدولتين كوريا الشمالية ونظيرتها الجنوبية في الآونة الأخيرة، أن بيونج يانج تدعو أمريكا إلى إعلان إنهاء الحرب الكورية ، إلا أن السؤال المطروح حاليًا كيف يعني ذلك وهل ستنتهي الحرب بهذه السهولة؟ وخلفية الصراع الذي استمر أكثر من 65 عامًا في هذه المنطقة.

الصحيفة الرسمية لحزب العمال الحاكم الكوري الشمالي أكدت أن إنهاء الحرب الكورية هو مطلب في الوقت الراهن وسيكون العملية الأولى نحو ضمان الأمن والسلام، مضيفة  من غير الطبيعي استمرار عدم الثقة والعداء مع والولايات المتحدة كل هذه الفترة فقد حان الوقت لاتخاذ إجراء نحو إعلان انتهاء الحرب.

ويتطلب لفهم ما يدور من أحداث في الوقت الراهن الرجوع لـ 65 عامًا ماضية للتعرف على أسباب الحرب الكورية، ففي عام 1920، نجحت الإمبراطورية اليابانية في احتلال شبه الجزيرة الكورية، التي ظلت تحت حكمها 25 عامًا إلا أن هزمت في الحرب العالمية الثانية في عام 1945، حيث اتفق الاتحاد السوفيتي مع الولايات المتحدة على تقسيم شبة الجزيرة لتكون شقين الأول شمالي تحت سيطرة السوفيت والجنوبي يخضع للأمريكان.

وبعد صفقة التقسيم بـ 3 سنوات، تشكلت دولتان كوريتان شمالية وجنوبية، لتظل تابعية الشقين سواء الشمالي برئاسة كيم إل سونج للسوفيتية الشيوعية، والجنوبي برئاسة سينجمان رى لأمريكا، في حين أثرت الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي على كل طرف سواء الشمالي أو الجنوبي، حتى عام 1950 التي انطلقت فيها الحرب ففي 25 يونيو من هذا العام بدأ 75 ألفا من جنود جيش الشعب الكورى الشمالى الانطلاق ليغزو حدود كوريا الجنوبية ليعتبر ذلك أول تدخل عسكري، وفى ظل جاهزية الجيش الشمالي فرت القوات الجنوبية مما استدعى تدخل الولايات المتحدة لنصرة حليفتها ضد القوى الشيوعية، ولم تكتف بهذا فحسب إنما دعت بقية الدول الغريبة لمساعدتها فى هذه الحرب.

وامتدت الحرب الكورية منذ عام 1950 إلى 1953،ورغم قصر مدتها إلا أنها اتسمت بدموية  استثنائية، حيث قتل نحو 5 ملايين شخص أكثر من نصفهم من المدنيين، إلى ذلك قتل في الحرب قرابة 40 ألفا من العسكريين الأمريكيين وجرح فيها أكثر من 100 ألف منهم، وبالرغم من ما شهدته الحرب من دموية لم يتوصل الطرفين إلى قرار نهائي بشأن إنهاء الحرب، ولكن وقع المتحاربون على هدنة فى يوليو 1953، وبموجبها تم السماح للأسرى الكوريين الشماليين والصينيين بالعودة إلى بلدانهم، كما منحت كوريا الجنوبية مساحة أراض إضافية، تبلغ مساحتها 1500 ميل .

وبمرور عقود من الزمن، لم ينته الصراع بين الكوريتين، لكن الأحوال تغيرت كثيرًا فقد أصبح الشق الجنوبي أقوى بفضل الدعم الغربي، بينما قلت قوة الجانب الشمالي كثيرًا، ولكن رغم ذلك فالمناوشات بين الجانب الشمالي والجنوبي استمر حيث ظلت بيونج يانج طيلة هذه السنوات تطور من برامجها النووي والولايات المتحدة لم تتوقف.

وبرز الصراع الأمريكي الكوري الشمالي مجددًا على السطح في العامين الماضيين، فمنذ وصول الرئيس الأمريكي إلى سدة الحكم اشتد الخلاف وأطلقت تصريحات بين الجانبين كادت أن تؤول إلى حرب نووية بين البلدين، ولكن بعد اللقاء الاستثنائي والتاريخي في شبه الجزيرة الكورية، بين زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن في المنطقة منزوعة السلاح ، تعهدا الرئيسين بالسعي لتحقيق السلام بعد عقود من النزاع!.

وفى 12 يونيو، التقي الرئيس الأمريكى ترامب ونظيره كيم جونج أون فى قمة استثنائية بكل المقاييس استضافتها سنغافورة وتركزت على نزع الترسانة النووية الكورية، وإقامة السلام الدائم في شبه الجزيرة الكورية،  وفى الوقت الحالى تتحدث التقارير الإخبارية عن إمكانية عقد قمة أخرى بين الثنائى كيم وترامب من أجل استكمال بعض الملفات العالقة.

إذا أجريت استطلاعا مصغرا فى محيط تواجدك عن معلومات المحيطين بك عن شبه الجزيرة الكورية ففى الغالب الإجابة ستأتيك عن نوادر الزعيم الكورى الشمالى كيم جونج أون!.. وما يشاع عنه على السوشيال ميديا رغم أن الموضوع أكبر من ذلك بكثير وهناك أبعاد عدة تتكون منها إشكاليات هذه المنطقة على مر عقود من الزمن.

ومن أحدث ما أثير من تقارير حول الأوضاع فى شبه الجزيرة الكورية_ وهى تضم الدولتين كوريا الشمالية ونظيرتها الجنوبية_ أن دولة كوريا الشمالية تدعو الولايات المتحدة إلى إعلان إنهاء الحرب الكورية لكن ماذا تعنى تلك التقارير؟.. وهل يمكن المرور عليها مرور الكرام أم أنها تستحق وقفة؟.
 
اقترب النصر الأمريكى !
التقارير الإخبارية أشارت إلى أن الصحيفة الرسمية لحزب العمال الحاكم الكورى الشمالى، قالت إن إعلان إنهاء الحرب الكورية هو "مطلبنا فى الوقت الحالي" وسيكون "العملية الأولى" نحو ضمان الأمن والسلام، مضيفة :"من غير الطبيعى استمرار عدم الثقة والعداء بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة حتى الآن، فقد حان الوقت لاتخاذ إجراء نحو إعلان انتهاء الحرب".
 
 
فهم ما يدور فى الوقت الحالى داخل شبه الجزيرة الكورية يستلزم العودة إلى الوراء 65 عامًا للتعرف على أسباب الحرب فى تلك البقعة التى قال عنها مسئولون أمريكيون يوما إنها أسوأ مكان يمكن أن تحارب فيه!.
 
فى عام 1920 نجحت الإمبراطورية اليابانية فى احتلال شبه الجزيرة الكورية، وظلت تحت سيطرتها حتى هزيمتها فى الحرب العالمية الثانية، وفى عام 1945 اتفق الاتحاد السوفيتى مع الولايات المتحدة فى تقسيم شبه الجزيرة إلى شقين الأول شمالى ويكون تحت سيطرة السوفيت والجنوبى يخضع للأمريكان.
 
حكاية حرب
بعد مرور ثلاث سنوات من صفقة التقسيم الأمريكى / السوفيتى وتحديدًا فى عام 1948 تشكلت دولتان كوريتان شمالية وجنوبية إلا أن تابعية الشقين سواء الشمالى برئاسة كيم إل سونج للسوفيتية الشيوعية، والجنوبى برئاسة سينجمان رى لأمريكا لم تتغير.
 
بكل تأكيد أوزار الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى لم تكن بعيدة عن شبه الجزيرة الكورية فقد كان كل طرف سواء الشمالى أو الجنوبى يرى أنها الأحق بفرض سيطرته الكاملة!.
 
فى 25 يونيو 1950 كانت شبه الجزيرة الكورية على موعد فارق فى تاريخها فقد انطلق 75 ألفا من جنود جيش الشعب الكورى الشمالى عبر الحدود مع كوريا الجنوبية المعروفة بـ"خط العرض 38" أو الحدود الفاصلة بين الكوريتين!.
 
الغزو الشمالى للشق الجنوبى اعتبر أنه أول تدخل عسكرى فى الحرب الباردة، وفى ظل الجاهزية الشمالية فقد فرت القوات الجنوبية مما استدعى تدخل الولايات المتحدة لنصرة حليفتها ضد القوى الشيوعية، ولم تكتف بهذا فحسب إنما دعت بقية الدول الغريبة لمساعدتها فى هذه الحرب.
 
الصراع الغربى / الشيوعى
ووفقا لهيئة الإذاعة البريطانية "بى بى سى" فإن الرئيس الأمريكى آنذاك هارى ترومان، قال :"إذا خذلنا كوريا، سيواصل السوفيت تقدمهم وسيبتلعون البلد إثر الآخر"..  ومن هنا فإن الموضوع بالنسبة للأمريكيين كان رمز للصراع بين الشرق والغرب، وبين "الخير والشر"، لذا أعدت الولايات المتحدة قوتها لحرب ضد الشيوعية بحد ذاتها.
 
وطبقا لـ"بى بى سى" فإن الحرب الكورية التى امتدت من عام 1950 إلى 1953 كانت قصيرة إلا أنها اتسمت بدموية  استثنائية، فقد قتل فيها اكثر من 5 ملايين انسان أكثر من نصفهم من المدنيين أى بنسبة 10 % من مجموع سكان الكوريتين مع العلم أن هذه النسبة أعلى من الخسائر المدنية فى الحرب العالمية الثانية وحرب فيتنام، إضافة إلى ذلك قتل في الحرب قرابة 40 ألفا من العسكريين الأمريكيين وجرح فيها أكثر من 100 ألف منهم.
 
وبالنسبة لنهاية الحرب فإنه لم يتم التوصل إلى قرار نهائى بوقفها إنما وقع المتحاربون على هدنة فى يوليو 1953، وبموجبها تم السماح للأسرى الكوريين الشماليين والصينيين بالعودة إلى بلدانهم، كما منحت كوريا الجنوبية مساحة أراض إضافية، تبلغ مساحتها 1500 ميل مربع، قرب خط العرض 38، أيضًا تم الاتفاق على تحديد "منطقة منزوعة السلاح"، يبلغ عرضها نحو ميلين، ومازالت موجودة حتى يومنا هذا.
 
ميل الكفة نحو السلام
تمر عقود من الزمن، والصراع ما بين الكوريتين لم ينته لكن كثيرًا من الأحوال تبدلت فقد أصبح الشق الجنوبى أقوى بفضل الدعم الغربى، بينما ضعف الجانب الشمالى كثيرًا بعد خفوت بريق القوى الشيوعية فى العالم جراء انهيار الاتحاد السوفيتى ومع ذلك فالمناوشات بين كوريا الشمالية التى سعت طول السنوات لتطوير برامجها النووية والولايات المتحدة لم تتوقف.
 
فى العامين الماضيين، ومع تولى الرئيس الأمريكى دونالد ترامب برز الصراع الأمريكى/ الكورى الشمالى على السطح مجددًا لكن بصورة يغلب عليها الطابع الساخر إلى حد ما فى ظل تبادل التصريحات النارية ما بين حاكم بلاد العم سام ونظيره الكورى الشمالى إلا أن تغير حاد حدث فى الشهور الأخير بعدما تم توجهت أغلب الأطراف نحو دفة السلام وابتعدوا قليلاً عن اللغة العدائية المعتادة منذ عقد.
 
وفى 27 أبريل الماضى، وقع حدث استثنائي فى تاريخى شبه الجزيرة الكورية بعدما التقى كل من زعيم كوريا الشمالية كيم جونج أون ورئيس كوريا الجنوبية مون جيه-إن فى المنطقة منزوعة السلاح شديدة التحصين بين البلدين، وتعهدا بالسعي لتحقيق السلام بعد عقود من النزاع!.
 
كذلك وقع حدث أكثر أهمية فى 12 يونيو بعدما التقى كل من الرئيس الأمريكى ترامب ونظيره كيم جونج أون فى قمة استثنائية بكل المقاييس استضافتها سنغافورة وتركزت على نزع الترسانة النووية الكورية، وإقامة السلام الدائم فى شبه الجزيرة الكورية. وفى الوقت الحالى تتحدث التقارير الإخبارية عن إمكانية عقد قمة أخرى بين الثنائى كيم وترامب من أجل استكمال بعض الملفات العالقة.
 
وما يحدث فى الوقت الحالى من مفاوضات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية يمكن اعتباره النصر الساحق على الشيوعية التى انتظرته بلاد العم سام منذ وقت طويل خصوصا أنه رغم معاناة كوريا الشمالية من أوضاع اقتصادية صعبة طيلة السنوات الماضية لكن لغتها لم تكن بتلك النبرة الراغبة والساعية إلى إنهاء النزاع طويل الأمد بأى صورة ممكنة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق