نظرية «الوضع الظاهر» بين النظرية والتطبيق.. خبير قانوني يجيب

الأحد، 26 أغسطس 2018 09:00 ص
نظرية «الوضع الظاهر» بين النظرية والتطبيق.. خبير قانوني يجيب
محكمة-صورة أرشيفية
علاء رضوان

هناك ما يُعرف فى الفقه والقضاء بـ «نظرية حماية الأوضاع الظاهرة» ولئن كانت هذه النظرية لا يتضمنها أى نص قانونى، إلا أنها مُستقرة فى الفقه والقضاء، إذ أن تطبيقها تقتضيه مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة، وذلك نفاذاً لنص الفقرة الثانية من المادة الأولى من القانون المدنى، والتى أوجبت على القاضى فى حالة عدم وجود نص تشريعى يمكن تطبيقه، أن يحكم بمقتضى العرف، فإذا لم يجد، فبمقتضى مبادئ الشريعة الإسلامية، فإذا لم يجد فبمقتضى مبادئ القانون الطبيعى وقواعد العدالة.

وحدد - الفقه والقضاء –بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض سامح مريت- للوضع الظاهر ركنين، لابد من توافرهما لإضفاء الحماية التى قررتها نظرية الأوضاع الظاهرة على الغير الذى تعامل مع صاحب الوضع الظاهر المخالف للحقيقة، وهذان الركنان هما كالتالى:

الركن المادى للوضع الظاهر:

ويتمثل الركن المادى للوضع الظاهر، فى استقرار المركز الفعلى لصاحب الوضع الظاهر، بالقدر الذى يوهم الغير والكافة، بأنه مركز قانونى صحيح يتفق مع الحقيقة، وذلك بإحاطة صاحب الوضع الظاهر بعوامل ومظاهر مادية مُحيطة به، تؤكد تطابق مركزه الظاهر مع الحقيقة-وفقا لـ«مريت».

الركن المعنوى للوضع الظاهر:

ويتمثل الركن المعنوى للوضع الظاهر، فى ضرورة توافر حسن النية فى الغير المتعامل مع صاحب الوضع الظاهر. ولا يكفى فى هذا الشأن توافر حسن النية الذاتى لدى الغير، وإنما يتعيَّن فوق ذلك أن يَشيع الغلط لدى الكافة فى شأن المركز الظاهر، باعتقاد الكافة بأنه يُطابق المركز الحقيقى. من ثم فلا يُعتبر حُسن النية متوفراً إلا إذا كان ليس فى وسع ذلك الغير والكافة التوصل إلى معرفة المركز الحقيقى المخالف للوضع الظاهر، ولو بذل ذلك الغير عناية الرجل العادى ولم يُقصِّر فى استطلاع حقيقة الأمر المخالف للظاهر. حيث ينتفى حسن النية إذا ما كان الغلط فى معرفة المركز الحقيقى المخالف للمركز الظاهر، ناتج عن السذاجة أو الإهمال، وذلك نظراً لوضوح الحقيقة أو إمكانية التوصل إليها لو كان ذلك الغير قد بذل عناية الرجل العادى لاستطلاعها، لهذا يُشترط انتفاء تقصير الغير فى استطلاع الحقيقة ؛ وإلا زال عنه إفتراض حسن النية، وفقد الحماية التى تقررها نظرية الأوضاع الظاهرة-طبقا لـ«مريت»-.

(راجع فى ذلك الدكتورعبد الباسط جميعى – نظرية الأوضاع الظاهرة – طبعة 1955 ص 99، وكذلك الدكتور/ نعمان جمعة – أركان الظاهر كمصدر للحق – ص60 وما بعدها، وكذلك المستشار/ فتيحة قرة – النظرية القضائية المستحدثة للأوضاع الظاهرة – من ص 35 إلى ص 39).

وقد قضت محكمة النقض - بشأن إضفاء الحماية على الغير حسن النية المتعامل مع صاحب الوضع الظاهر، ونفاذ التصرف فى مواجهة المالك الحقيقى - قضت بما نصه:

(من المقرر فى قضاء هذه المحكمة، أن التصرف المبرم بعوض بين صاحب الوضع الظاهر والغير حسن النية، يُعَد نافذاً فى مواجهة صاحب الحق، متى كان الأخير قد أسهم بخطئه – سلباً

أو إيجاباً – فى ظهور المتصرف على الحق بمظهر صاحبه، مما يدفع الغير حسن النية إلى التعاقد معه للشواهد المحيطة بهذا المركز والتى من شأنها أن تولد الاعتقاد الشائع لدى الكافة بُمطابقة هذا المظهر للحقيقة، دون أن يرتكب هذا الغير خطأ أو تقصير فى استطلاع الحقيقة، ولقاضى الموضوع بماله من سلطة تقدير الأدلة وفهم الواقع فى الدعوى، استخلاص تلك الشواهد ومدى إسهام صاحب الحق فى قيامها، والجهد الذى بذله المتعاقد مع صاحب المركز الظاهر فى استطلاع حقيقة هذا المظهر، على أن يُقيم قضاءه على أسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق).

(نقض مدنى بجلسة 19/3/1987 الطعن رقم 806 لسنة 50 ق، وذات المبدأ بنقض مدنى بجلسة 25/12/1991 الطعن رقم 3419 لسنة 59 ق، وذات المبدأ بنقض مدنى بجلسة 10/7/1996 الطعن رقم 560 لسنة 65 ق.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق