لا عقوبة إلا بنص.. كل ما تريد معرفته عن التجريم والعقاب أمام المحكمة التأديبية

الخميس، 30 أغسطس 2018 02:00 م
 لا عقوبة إلا بنص.. كل ما تريد معرفته عن التجريم والعقاب أمام المحكمة التأديبية
محكمة -أرشيفية
علاء رضوان

تمارس الدولة نشاطها المرفقي عن طريق موظفيها بإعتبار أنهم أداة الدولة لتحقيق أهدافها، حيث تحظى الوظيفة العامة بعناية المشرع والفقهاء في مختلف دول العالم، ويتحدد دور الموظف العام ضيقاً واتساعاً حسب الفلسفة الاجتماعية والاقتصادية لكل دولة، فاتساع نشاط الدولة وعدم اقتصار دورها على حماية الأمن الداخلي والخارجي وحل المنازعات بين الأفراد، وقيامها ببعض الأشغال العامة وازدياد تدخلها في مجالات اقتصادية واجتماعية شتى، قاد بالضرورة إلى ازدياد عدد الموظفين واهتمام الدولة بتنظيم الجهاز الإداري .  

ومن ثم فقد أصبح للوظيفة العامة نظاماً خاصاً بها يحدد حقوق وواجبات الموظفين العامين وشروط التحاقهم بالوظيفة وأيضاً مسائلتهم تأديبياً. 

نرصد فى التقرير التالى مسألة التجريم والعقاب أمام المحكمة التأديبية من حيث شرعيـة، و العقوبـة، والفعـل السلبـي والايجابـي، والمسئوليـة الشخصيـة والشيـوع، وشخصيـة العقوبـة، و استظهـار جسامـة الفعـل لتقديـر العقوبـة، وتحديـد أبعـاد الجريمـة، وعـدم الاتصـال بالواقعـة وغيرها-بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض ياسر سيد أحمد.

تنص المادة (66) من الدستور على أن : «العقوبة شخصية ولا جريمة ولا عقوبة إلا بناء على قانون عقوبة إلا بحكم قضائي وعقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون»، وتنص المادة (67) من الدستور أيضاً على أنه : «المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل فيها ضمانات الدفاع عن نفسه ....».

وتنص المادة (70) على أنه: «لا تقام الدعوى الجنائية إلا بأمر من جهة قضائية فيما عدا الأحوال التي حددها القانون».

كما نصت المادة (14) على أن : «الوظائف العامة حق للمواطنين وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وتكفل الدولة لهم حمايتهم وقيامهم بأداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، ولا يجوز فصلهم بغير الطريق التأديبي إلا في الأحوال التي حددها القانون».

يبين من هذه النصوص الدستورية-وفقا لـ«أحمد»- أن المشرع قد قرر في المادة (66) بصفه عامة مطلقة المبادئ التي قررتها الأديان السماوية وخاتمها الإسلام ورددتها نصوص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عن المبادئ العامة الحاكمة لمشروعية العقاب سواء أكان جنائياً أو تأديبياً وهو أنه شخصي يتعلق بشخص المتهم وحده ولا يمتد لغيره وأنه يتعين أن يتم التجريم وتحديد العقاب بأداة تشريعية عامة سواء بقانون أو بناء على قانون، ولا يجوز أن يعاقب أحد بأية عقوبة إلا عن فعل لاحق على نفاذ القانون بالتحريم وتحديد العقاب، كذلك فإن المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية يكفل له فيها تحقيق دفاعه». 

اقرأ أيضا: ماذا قالت النقض فى حيثيات إلغاء إدراج ابوتريكه و 1537 من على قوائم الكيانات الإرهابية؟

شرعيـة العقوبـة

ووفقا لـ«أحمد»: «الأصل أنه لا عقوبة ولا جريمة إلا بناء على قانون، هذا الأصل نصت عليه المادة (66) من الدستور ويشمل المجال الجنائي وأيضاً المجال التأديبي، ولطبيعة النظام الإداري التي تنعكس حتما على النظام التأديبي فأن هذا النظام لا يحدد الجريمة التأديبية على النحو المستقر والمتميز التي تحدد بمقتضاه الجريمة الجنائية وذلك حتى يواجه النظام التأديبي تعدد وتنوع واجبات الوظائف العامة وتعدد أساليب العاملين ومخالفة هذه الواجبات وإتيان أفعال تتعارض مع مقتضياتها ولتحقيق المرونة للسلطة التأديبية سواء كانت السلطة الرئاسي أو المحاكم التأديبية لوزن وتقدير صورة ومساحة المخالفة والجريمة التأديبية التي يتعين أن تدخل أصلاً بحسب تكييفها في الوصف العام الذي يحدده المشرع في القانون والذي يحقق الشرعية بالنسبة لكل الأفعال والموازين التي ينطبق عليها ويحقق بالتالي شرعية الجريمة التأديبية إلا أن النظام التأديبي يتفق مع النظام الجنائي في أنهما نظامان عقابيان، يتعين أن يتحدد بالقانون على وجه الدقة العقوبة في كل منهما بدقة، ولا تملك سلطة سوى المشرع اسباغ الشرعية على عقاب تأديبي، كما أنه لا يملك سوى القانون تحديد أية عقوبة جنائية في النظام الجنائي».

الفعـل السلبـي والايجابـي

أن المخالفات التأديبية لم ترد في أي من التشريعات الخاصة بالعاملين على سبيل الحصر، وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن أي خروج على مقتضيات الوظيفة أو ما تفرضه على شاغليها من واجبات يعد ذنباً إدارياً، وهذا هو سبب القرار التأديبي فكل فعل أو مسلك من جانب العامل يرجع إلى إدارته ايجابياً أو سلباً تتحقق به المخالفة لواجبات الوظيفة أو الخروج على مقتضى الواجب في أعمالها أو الإخلال بالنهى عن الأعمال المحرمة عليه أنما يعد ذنباً إدارياً يسوغ مؤاخذته تأديبياً.

( الطعن رقم 62 لسنة 28 ق جلسة 4/3/1986 )

المسئوليـة التأديبيـة مسئوليـة شخصيـة

«من المسلم به أن المسئولية التأديبية شأنها شأن المسئولية الجنائية لا تكون إلا شخصية، وبالتالي يمتنع أعمال المسئولية التضامنية والتي مجالها المسئولية المدنية في نطاق الذنب الإداري، الذي قوامة إتيان العامل فعلاً ايجابياً أو سلباً يشكل إخلالاً بواجبات وظيفته أو خروجا على مقتضياتها.

ولما كان الثابت أن المخالفة محل الاتهام تكمن وتنحصر في قرار طبع الامتحانات لدى مطبعة خاصة، وأنه أيا كانت مشروعية هذا القرار وسلامته، فأنه لما كان الطاعن ليس مصدراً لهذا القرار ولا مسئولاً عنه بأي وجه فليس ثمة ذنب إداري وقع منه يكون سندا لمجازاته تأديبيا».

( الطعن رقم 2579 لسنة 35 ق جلسة 30/4/1994 )

المسئوليـة الشخصيـة والشيـوع

«لما كانت المسئولية التأديبية مسئولية شخصية فيتعين لإدانة العامل في حالة شيوع التهمة أن يثبت أنه وقع منه فعل إيجابي أو سلبي محدد يعد مساهمة منه في وقوع المخالفة الإدارية.

وإذا كان الاتهام الموجة للطاعنين المذكورين قد انتهى إلى أن مسلكهم أدى إلى وقوع مخالفات هي في حقيقتها استنتاج لما ترتب على واقعة الضبط التي تمت بمعرفه الرقابة الإدارية في 3/11/1983 والتي تكشف بذاتها عن وقائع محددة يمكن إسنادها لكل من الطاعنين على حدة، أو مخالفة محددة المعالم يكون الطاعنون المذكورون قد شاركوا في أحداثها بفعل إيجابي أو سلبي من جانبهم إخلالاً بواجبات وظيفتهم، وإذا لم يثبت أيا من ذلك فأنه يتعين تبرئتهم مما نسب إليهم»

( الطعن رقم 8212 لسنة 32 ق جلسة 10/2/1990)

شخصيـة العقوبـة

ومن حيث أن المادة (66) من الدستور قد نصت في فقرتها الأولى على أن « العقوبة شخصية » كما نصت المادة (67) في فقرتها الأولى على أن «المتهم برئ حتى تثبت إدانته في محاكمة قانونية تكفل له فيها ضمانات الدفاع عن نفسه» ومن ثم فأن المبدأ العام الحاكم للتشريع العقابي سواء أكان جنائياً أو تأديبياً هو أن المسئولية شخصية وكذلك «العقوبة شخصية»، وهذا المبدأ العام الذي قررته نصوص الدستور يجد أصلة الأعلى في الشرائع السماوية وبصفه خاصة في الشريعة الإسلامية، ومن ثم فهذا أصل من أصول المسئولية العقابية تردده نصوص دساتر الدول المتقدمة المتمدينة القائمة على سيادة القانون وقداسة حقوق الإنسان، وقد التزمت به صراحة أحكام المادة (78) من نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 عندما قضت في فقرتها الأولى بأن «كل عامل يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته أو يظهر بمظهر من شأنه الإخلال بكرامة الوظيفة يجازى تأديبياً، وقضت في فقرتها الثالثة بأنه «لا يسأل العامل مدنيا إلا عن خطئه الشخصي»، وكذلك المادة (79) فقرة أولى من ذات القانون عندما قضت بأنه لا يجوز توقيع جزاء على العامل إلا بعد التحقيق معه كتابه وسماع أقوالة وتحقيق دفاعه ويجب أن يكون القرار الصادر بتوقيع الجزاء مسببا «ومن ثم فأنه يتعين أن يثبت قبل العامل بيقين ارتكابه جريمة تأديبية سواء بفعل إيجابي أو سلبي يدخل ضمن الوصف العام للجريمة التأديبية من حيث كونها مخالفة لواجبات الوظيفة أو مقتضياتها ولا يسوغ مساءلة العامل ومجازاته تأديبياً ما لم يثبت قبله بالتحديد بعد التحقيق معه وتحقيق دفاعه عن ذلك الفعل المؤثم الذي يبرر مجازاته تأديبياً ».

( الطعن رقم 1154 لسنة 33 ق عليا جلسة 25/2/1989 )

استظهـار جسامـة الفعـل لتقديـر العقوبـة

ولا مراء في أن «......جسامة العمل المادي المشكل للمخالفة التأديبية يرتبط بالضرورة بالاعتبار المعنوي المصاحب لارتكابها بحيث لا تتساوى المخالفة القائمة على الغفلة والإهمال بتلك القائمة على عمد والهادفة إلى غاية غير مشروعة إذ من البديهي أن الأولى أقل جسامة من الثانية وهذا ما يجب أن يدخل في تقدير من يقوم بتوقيع الجزاء التأديبي على ضوء ما يستخلصه استخلاصاً سائغاً من الأوراق».

( الطعن رقم 3683 لسنة 39 ق عليا جلسة 27/1/1996 غير منشور )

تحديـد أبعـاد الجريمـة

ومن حيث انه علي ضوء ما تقدم عدم ارتباط الخطأ والضرر فقد كان علي النيابة الإدارية وقد وجهت إلي الطاعن أنه أهمل بالإشراف علي مشروعات الدواجن والنجارة والبلاط بالوحدة المحلية التي يرأسها مما ألحق بها خسارة أشارت إلي قيمتها، أن تحدد وجه الإهمال في الإشراف علي تلك المشروعات بأن تحدد بداءة الأخطاء التي شابت إدارة كل مشروع منها، ثم تحدد وجه الخطأ الذي وقع من المسئول عن كل مشروع، ثم تنتهي إلي إسناد وصف الإهمال غلي الطاعن باعتباره رئيس الوحدة المحلية التي تتبعها هذه المشروعات ذلك أن الإهمال في الإشراف إنما يمثل مخالفة تأديبية، وكل مخالفة تأديبية هي خروج علي واجب وظيفي لابد وان يكون محدد البعاد من حيث المكان والزمان والأشخاص وسائر العناصر الأخرى المحددة لذاتية المخالفة، ذلك التحديد الذي لابد وأن يواجه به المتهم في التحقيق بعد بلورته في صورة دقيقة المعالم علي النحو الذي يمكن المتهم من الدفاع عن نفسه وإلا كان الاتهام مطاطاً يتعذر علي المتهم تنفيذه وهو ما يعتبر إخلالاً بحق الدفاع.

ومن حيث أن الحكم المطعون فيه قد انتهي إلي إدانة الطاعن في هذا الاتهام رغم وروده مبهماً دون أن –تجلي إبهامه الأوراق، فإنه يكون قد خالف صحيح حكم القانون في هذا الشق من القضاء.

( الطعن رقم 813 لسنة 34 ق عليا جلسة 9/12/1989)

عـدم الاتصـال بالواقعـة

ومتي كان العامل قد انشغل بأعمال أخرى خارج مقر وظيفته، وخلت الأوراق مما يقيد عرض الأمر عليه للمراجعة أو اتخاذ ثمة إجراء، ولم يمتنع عمداً أو تقاعساً أو إهمالاً، فلا يمكن نسبة خطأ في جانبه.

في ذلك قضي بأنه «......لا يوجد ثمة خطأ في جانب الطاعن سواء كان إيجابياً أو سلبياً يمكن أن يكون سبباً لتوقيع الجزاء عليه .....».

( الطعنان رقمي 3338 ، 3351 لسنة 39 ق عليا جلسة 17/12/1994 غير منشور ) 

اقرأ أيضا: نظرية «الوضع الظاهر» بين النظرية والتطبيق.. خبير قانوني يجيب

إرادة الفعـل تكفـي لقيـام الركـن المعنـوي

والركن المعنوي في جرائم الإهمال التأديبية تكفي لتوافره إرادة الفعل، لذا فأن " ...... ما ذهب إليه الطاعن من ضرورة توافر الإرادة الآثمة لقيام الجريمة التأديبية هو فهم غير دقيق لعنصر الإرادة في الجريمة التأديبية ففي نصوص جرائم الإهمال ومنها الاتهام الموجه للطاعن فإنه يكفي أن تتجه إرادته بحرية ودون قيام وسائل تعيب الإرادة وتبطل ما يصدر عنها من تصرفات، إلي إتيان الفعل المؤثم مما يتوفر معه الركن المعنوي لجريمة الإهمال وهو ما يكفي لقيام المخالفة التي أدين بسببها الطاعن، ولا ترتفع عنه مسئولية الفعل المؤثم إلا إذا ثبت بطلان إرادته لقوة قاهرة أو إكراه أو لصدور أمر من الرئيس توافرت فيه الشروط التي يتطلبها القانون لرفع المسئولية عن المرؤوس وهو ما لم يقل به الطاعن أو يدفع به مسئوليته ».

( الطعن رقم 510 لسنة 38 ق عليا جلسة 22/5/1993 )

يلـزم إثبـات الإهمـال

«ومن حيث أن القاعدة الواجبة المراعاة في مجال التأديب هي أن للموظف التحرك في حدود السلطة التقديرية المخولة له فيما يخضع لتقدير الخبراء دون أن يترتب علي ما ينتهي إليه اعتباره مرتكباً لخطأ تأديبي طالما انه يمارس عمله بحسن نية متجرداً من سوء القصد أو الإهمال أو مخالفة القانون أو الغدر بالمصلحة العامة لتحقيق مصلحة خاصة له أو لغيره ذلك أن القول بغير ذلك مؤداه أن يحجم كل مختص عن ممارسة سلطته التقديرية بالمرونة الواجبة، ومن ثم تسود البيروقراطية وتنمو روح التسيب والتسلب من ممارسة المسئولية تجنباً للمساءلة عن كل إجراء يتخذه الموظف في حدود سلطته التقديرية التي تفترض القدرة علي التحرك في المجال المتاح له قانوناً».

(الطعن رقم 1154 لسنة 33 ق عليا جلسة 25/2/1989 )

لا يلـزم إثبـات العمـد أو سـوء القصـد

د« ومن حيث أنه لا يصح المحاجة – نفياً للمسئولية عن الطاعن – بالقول بأنه لم يكن سيئ القصد وأن ما ينسب إليه لم يصدر عن إرادة آثمة، ذلك أنه لا يشترط لتحقق المسئولية عن المخالفة التأديبية أن يكون الفعل غير المشروع الذي ارتكبه العامل إيجاباً أو سلباً – قد تم بسوء قصد أو صدر عن إرادة آثمة ، وإنما يكفي لتحقق هذه المسئولية أن يكون العامل – فيما آتاه أو امتنع عنه– قد خرج علي مقتضي الواجب في أعمال وظيفته ، أو أتي عملاً من الأعمال المحظورة عليه قانوناً دون حاجة إلي ثبوت سوء القصد أو الإرادة الآثمة ".

( الطعن رقم 4276 لسنة 35 ق عليا جلسة 17/11/1990 )

العمـد غيـر لازم كركـن

لذا قضي بأنه «.....في مجال الدعوى التأديبية لا يشترط توافر الركن المعنوي أي تعمد الموظف مخالفة القانون أو التعليمات وإنما يكفي أن يثبت إهماله وعدم مراعاة الدقة والحيطة والحذر فيما يسند إليه من عمل لثبوت المخالفات التأديبية في حقه».

( الطعن رقم 1101 لسنة 38 ق عليا جلسة 17/2/1996 )

الغفلــة واللامبــالاة

أن الاستخفاف أو الغفلة أو اللامبالاة يعد خروجاً علي واجب أداء العمل بدقة وأمانة وأنه«......... من ثم يكون العامل «مرتكباً لمخالفة تأديبية تستوجب المساءلة ولو كان الموظف حسن النية سليم الطوية، لأن الخطأ التأديبي المتمثل في مخالفة واجب أداء العمل بدقة وأمانة لا يتطلب عنصر العمد وإنما هو يتحقق بمجرد إغفال أداء الواجب الوظيفي علي الوجه المطلوب ».

( الطعن رقم 835 لسنة 34 ق عليا جلسة 23/12/1989 )

الأسبـاب الخارجـة علـي الإرادة

وإذا وقعت الجريمة التأديبية لأسباب خارجة عن إرادة المتهم، أو لسبب أجنبي فإن ذلك يحول دون مساءلته فإذا كانت التعليمات الجزئية تستوجب عدم إضافة أي إضافة بعد صرفها واستعمالها ، إلا أنه وقد ثبت«....... أن ارتكاب الطاعن للمخالفة التي نسبت إليه في تقرير الاتهام كانت لأسباب خارجة عن إرادته وهي عدم إمكانية إدخال المهمات المشتراة بمبالغ السلفة المؤقتة إلي المخازن لانشغالها بعملية التسليم بين أمين المخزن القديم والجديد وأن عدم إتباعه للتعليمات الجزئية كان يتجه السبب الأجنبي مما يستوجب القضاء ببراءته مما هو منسوب إليه ».

( الطعن رقم 469 لسنة 37 ق عليا جلسة 23/5/1993 غير منشور )

انتفـاء القصـد الجنائـي

«ومن حيث أنه يجدر بادي الرأي الإشارة إلي أن النيابة العامة قد نفت عن المحالين بالدعوى التأديبية المطعون علي الحكم الصادر فيها ، توافر القصد الجنائي لجريمة إهدار المال العام، وهو ما يعني انتفاء الجانب الجنائي الذي قد يستشف من المخالفات المنسوبة للمحالين، فيقتصر الأمر علي مسئوليتهم عن مخالفات واجبات الوظيفة ومقتضياتها وذلك في ضوء النظام القانوني المرفق وظروف تسييره ».

( الطعن رقم 8212 لسنة 32 ق عليا )

الإهمـال الجسيـم يصـل إلـي العمـد

«ومن حيث أنه يستخلص مما تقدم أن الطاعنين الثلاثة اعترفوا وأقروا بصحة جميع المخالفات المنسوبة إليهم وبرروها بحسن النية تارة وبضغط العمل تارة أخرى وتارة ثالثة بأن كل واحد منهم اعتمد علي وجود توقيع الآخر علي التقارير المخالفة وغير الصحيحة وهي أعذار لا تنفي عنهم ارتكاب المخالفات المنسوبة إليهم وثبوتها في حقهم كما أن دفاعهم بأن ما ينسب لهم هو الإهمال فقط لعدم تعمدهم ما حدث، فإنه لو سلم فرضاً بذلك فإن هذا الإهمال من الجسامة إلي الدرجة التي يرقي فيها إلي درجة العمد، إذ ترتب علي المخالفات المنسوبة إليه والثابتة في حقهم باعترافهم نتائج مالية وإدارية كبيرة علي خلاف الحقيقة بحيث استحق من لا يستحق قانوناً ما ينتج عن هذه المخالفات».

( الطعن رقم 597 لسنة 34 ق عليا جلسة 27/8/1994 غير منشور )

عـدم ارتبـاط الخطـأ والضـرر

«........ من المقرر أنه لا ارتباط بين الخطأ والضرر في مجال تقدير المسئولية التأديبية فأنه قد تتحقق المسئولية التأديبية للعامل بثبوت وقوع الخطأ من جانبه ولو لم يثبت وقوع ضرر ما، وكذلك لا تتحقق المسئولية التأديبية للعامل رغم وقوع ضرر أصاب جهة العامل الذي يتولى الموقع القيادي فيها ذلك أنه ليس من المحتم أن يكون كل ضرر مترتباً علي خطأ، إذ هناك حالات يمكن أن يقع فيها الضرر نتيجة اعتبارات خارجة عن إرادة العاملين بالموقع أو العامل المنوط به قيادته ، وعندئذ لا تترتب المسئولية التأديبية لأي منهم وإنما يكون علي جهة الإدارة تتدارس أسباب وقوع الضرر لتلافي تكرار وقوعه ».

( الطعن رقم 813 لسنة 34 ق عليا جلسة 9/12/1989 )

الضـرر ليـس ركنـاً

«...لا سند للطاعن في الحكم قوله بانتفاء الضرر إذ أن ذلك حتى لو صح فإنه لا ينفي عن الطاعن صحة الواقعة المسندة غليه من إهماله بصفته مديراً للجمعية المذكورة في متابعة التزام المشتري لشرط الاتفاق المبرم معه وذلك علي الرغم من إخطار الجمعية التي كان يتولى إدارتها من قبل الإصلاح الزراعي بضرورة متابعة التزام المشتري لشرط التعاقد».

( الطعن رقم 1669 لسنة 34 ق عليا جلسة 19/11/1994 )الدقـة والمستـوي الوظيفـي

 

ومن حيث أن البين من الأوراق أن الوظيفة التي يعمل بها الطاعن هي " عامل مخزن " وأنه قد طلب من الشركة المطعون ضدها أن تقدم بياناً بتوصيف هذه الوظيفة حتى تبين للمحكمة اختصاصات ومسئوليات من يشغلها من واقع الهيكل الوظيفي للشركة إلا أن الشركة المطعون ضدها تقاعست عن تقديمه بالرغم من منحها علي نحو ما هو ثابت بمحاضر الجلسات ، أربعة آجال لتنفيذ ذلك بدءً من جلسة 29/12/1984 وحتى 13/4/1985 نهاية الآجل الذي منح لها لتقديم هذا البيان عند تقرير حجز الطعن للحكم واكتفت بتقديم مذكرة بتاريخ 13/2/1985 لم تشر فيها من قريب أو بعيد إلي البيان المطلوب أو ما كان يتعين أن يوضحه هذا البيان ونظراً لأن من يشغل وظيفة عامل مخزن شأن الطاعن يتأتى أن تسند إليه مسئولية أمور يتطلب البت فيها والقيام بها تمتعه بدراية فنية تسمح له أن يمارسها علي النحو السليم وإنما طبائع الأمور تقضي بأن تكون العمال الموكولة إليه والتي يسأل عنها من قبيل الأعمال المادية التي لا تلتزم مهارة فنية معينة ، ولا يقدح في هذا النظر عبارة " متضامن في العهدة " المضافة أمام الوظيفة ... ولا ينال من ذلك توقيع الطاعن علي إذن الإضافة .... وبالتالي فإنه لا سند من القانون أو الواقع لإدانة الطاعن بأنه أخل بواجبات وظيفته لأنه لم يؤدي العمل المنوط به بدقة .

( الطعن رقم 211 لسنة 26 ق عليا جلسة 4/5/1985 )

 

إصـلاح الخطـأ وتداركـه

 

لذا قضي بأنه " ... إذا كان المحال قد أخطأ بأن وافق علي تسليم الشيك للمورد رغم إخلاله بتسليم الإفراجات الجمركية للأصناف الموردة ، فإنه قد سعي إلي إصلاح نتائج هذا الخطأ وتدارك آثاره من خلال الاتفاق مع المورد علي أن يصطحب المحال السابع إلي البنك الذي يتعامل معه لتسليمه شيكاً مقبول الدفع يمكن أن يحل محل الشيك الذي أخطأ بالموافقة علي تسليمه للمورد ، وهذا الذي أتاه المحال المشار إليه لا يضعه موضع الريب والشبهات وإنما يضعه موضع الموظف الحريص علي أن ينفي بعض ما علق به من أوجه القصور في حدود الإمكان وهو مالا يمكن أن يوصف بأنه يشكل مخالفة تأديبية يستأهل عنها العقاب ".

( الطعن رقم 3681 ، 3702 لسنة 33 ق عليا جلسة 17/2/1990 )

 

الإجـراءات القانونيـة التـي لا تخالـف نصـاً

 

وإذا كان المتهم " قد أتي بتصرف لا يتعارض مع صريح حكم قانوني أو تعليمات تنظمه محددة وواضحة وإنما باشر واجبات وظيفته في حدود فهم سائغ للقواعد التنظيمية المعمول بها ، فهذا ما ينفي قيام أي خطا تأديبي في حقه ، لأن المخالفة التأديبية إنما تتمثل في الخروج علي قاعدة قانونية أو تنظيمية مستقرة المفهوم ، بحيث لا يمكن أن يدخل في عداد المخالفات التأديبية الإجراء القانوني الذي يتخذه الموظف ولا يخالف به نصاً واضح الدلالة محدد المضمون ما دام أن الموظف العمومي في أدائه هذا العمل لم يكن سيئ النية أو قاصداً الغدر بالمصلحة العامة وتحقيق مصلحة خاصة له أو لغيره .

 

( الطعن رقم 1154 لسنة 33 ق عليا جلسة 25/2/1989 )

 

والتـي لا تخالـف تعليمـات محـددة إذا كان المتهم «قد أتي بتصرف لا يتعارض مع صريح حكم قانوني أو تعليمات تنظيمية محددة وواضحة ، ... فهذا ما ينفي قيام أي خطأ تأديبي في حقه ...».

( 1154س 33 ق عليا جلسة 25/89 )

 

الخطـأ فـي فهـم القانـون

 

" ......... إذا كانت مسألة مدي أحقية العاملين بالمركز لبدل الإقامة في المناطق النائية هي مسألة قانونية محل جدل وخلاف في الرأي حتى بين المتخصصين أنفسهم كما اقر بذلك الحكم المطعون فيه فإنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن الخطأ في فهم القانون أو تفسيره لا يشكل كقاعدة عامة ذنباً إدارياً باعتبار أن ذلك من الأمور الفنية التي تدق علي ذوي الخبرة والتخصص ، وبناء عليه فإنه إذا كان الحكم المطعون فيه قد أدان الطاعن علي أساس استقل برأيه ومفهومه لحكم القانون في هذه المسألة القانونية التي قد تختلف فيها وجهات النظر حتى بين القانونين أنفسهم فإنه يكون قد أدان الطاعن عن واقعة لا تشكل ذنباً إدارياً خاصة وان الطاعن ليس قانونياً وانه من العلميين المتخصصين في الجيولوجيا ".

( الطعن رقم 1250 لسنة 32 ق عليا جلسة 10/6/1995 غير منشور )

 

المسائـل الخلافيـة والاجتهاديـة

( تقديـر ضريبـة )

 

واختلاف وجهات النظر وإبداء الرأي في مسألة خلافية لا خطأ فيه " ... ومن ثم فإن تقدير الطاعن لضريبة الأرض الفضاء عن مسطح 418 متر فقط إنما كان يستند إلي وجهة نظر وإلي رأي قانوني له ما يبرره وأيا ما كانت صحة هذا الرأي ... وبالتالي تنتفي مسئولية الطاعن عما نسب إليه ويكون الحكم إذا قضي بغير ذلك قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله ".

( الطعن رقم 3726 لسنة 35 ق عليا جلسة 5/2/1994 )

 

مستـوى الخبـرة والفهـم

 

" ومن حيث أن الطاعنين في ممارسة أعمال وظيفتهما كعضوي أحد لجان المراجعة الداخلية لم يثبت في حقهما إتيانهما خطأً جسيماً لمقتضيات أعمال وظيفتهما كما لم يثبت في حقهما سوء نية في ممارستهما لأعمال وظيفتهما ، كما لم تكشف الأوراق عن وجود تعليمات صريحة تقضي في موضوع النزاع الذي نظرته اللجنة علي خلاف ما أتاه الطاعنان ، فمن ثم فإنه وقد اجتهد الطاعنان في أدائهما واجبات الوظيفة من غير خطأ جسيم أو سوء نية فإن ما قاما به لا يكون ذنباً إدارياً يمكن أن يكون موضعاً لمساءلتهما ".

( الطعن رقم 29 لسنة 34 ق عليا جلسة 4/3/1989 )

 

مخالفـة الأصـول الفنيـة

 

«ومن حيث أن الحكم المطعون فيه إذ أدان الطاعن فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون للأسباب السائغة التي ارتكن إليها إذ أجمع الشهود والخبراء المتخصصون علي أن الطاعن قد أخطأ خطأً جسيماً وخالف الأصول والقواعد العلمية المقررة في مثل هذه الحالة إذ كان يتعين عليه لتفريغ الرحم إعطاء المريضة محاليل تساعد علي انقباض الرحم أو بطريقة العملية القيصرية طالما أن الجنين يزيد علي 12 أسبوع وأن ما اتبعه في هذا الشأن يتجاوز الحد المقرر من الناحية الطبية ومخالف لأصول القواعد الفنية والعلمية التي يقتضيها علم الطب، ولا يغير من ذلك ما جاء بأسباب الطعن المشار إليها التي تعد ترديداً لدفاعه السابق للاعتراف بالخطأ وهي عودة لمعاودة الجدل فيما اطمأنت إليه المحكمة التأديبية من أقوال الشهود والخبراء وهو ما لا يجوز أمام هذه المحكمة ما دامت النتيجة التي انتهت إليها المحكمة مستخلصة استخلاصاً سائغاً من أصول تنتجها مما لا يتعين معه رفض الطعن».

( الطعن رقم 1279 لسنة 40 ق عليا جلسة 15/6/1986 )

الأمانـة فـي العـرض

«ومن حيث أنه عما يتمسك به الطعن من أن ما صدر عن الطاعن الثاني يعتبر من قبيل إبداء الرأي القانوني الذي لا يحاسب عنه العامل تأديبياً ذلك أنه وإن كان المستقر عليه أن العامل لا يسأل تأديبياً عن الرأي الذي يبديه في مسألة فنية أو قانونية ، إلا أن مناط ذلك أن يكون هناك أمانة في عرض الوقائع ، كان الطاعن قد اغفل بعض الوقائع ، ... الأمر الذي يكون من شأنه أن إبداء الرأي من جانب الطاعن لم يقم بناء علي أمانة في العرض ، وبالتالي فلا يجوز له التمسك بالقول بأن ما أبداه يعتبر مجرد رأي قانوني للتوصل لعدم مساءلته ...»

( الطعن رقم 824 لسنة 40 ق عليا جلسة 27/8/1992 غير منشور )

إدانـة مسـلك الموظـف داخـل وخـارج العمـل

«... الموظف العام يساءل عن الإخلال بواجب الحفاظ على كرامة الوظيفة في كل مجالات نشاطه داخل وخارج عملة الرسمي بحيث تكون الأفعال التأديبية وكذلك الخطأ المؤثر على سمعته والمساس بكرامة الوظيفة وهيبتها في أية جهة يتعامل معها مرتباً لمسئوليته التأديبية...».

الدفـع بعـدم النـص علـى المخالفـات خـارج العمـل

اقرأ أيضا: تفاصيل أول طعن على «ضريبة الدخل»: القرار مخالف للقانون والدستور (مستند)

«.... القول بأن نصوص قانون العاملين المدنيين قصر المساءلة التأديبية على المخالفات التي ترتكب في مجال العمل ولا تمتد إلى ما يرتكبه خارجة فأن ذلك مردود عليه بأن المستقر في أحكام هذه المحكمة أن الموظف العام يسأل تأديبياً عن الأفعال والتصرفات التي تصدر عنه خارج نطاق أعمال وظيفته إذا كان من شأنها الخروج على واجبات الوظيفة أو الإخلال بكرامتها أو الاحترام الواجب لها ولا شك في أن ارتكاب الطاعنين للمخالفات المنسوبة إليهما من شأنها المساس بوظيفتهما وتعد خروجاً على واجبات الوظيفة إذ أن حيازة شهادات مزورة تخصها يعد عملاً يمس الأمانة كما أن القول بأن المخالفات التأديبية محدودة حصراً ونوعاً فأن ذلك مردود عليه بأن قضاء هذه المحكمة مستقر على أن المخالفات التأديبية ليست محدودة حصراً ونوعاً ويكفى لمؤاخذة العامل تأديبياً أن يصدر منه ما يمكن أن يعتبر خروجاً على واجبات الوظيفة أو متعارضاً مع الثقة الواجبة والمساس بالاحترام الواجب له».

( الطعن رقم 1906 لسنة 36 ق عليا جلسة 13/1/1996 )

 

تحريـر شيـك بـدون رصيـد

 

لذا قضى بأن ذلك«..... يشكل إخلالاً بواجبات وظيفته وتعدياً على كرامتها والثقة والأمانة التي تفرضها الوظيفة عليه إذ أنه كان حريا به أن ينأى بنفسه عن الخوض في جرائم تعتبر من الجرائم المخلة بالشرف حفاظاً على كرامة الوظيفة واحتراماً لها .....»

( الطعن رقم 2313 لسنة 34 ق عليا جلسة 3/12/94 غير منشور )

 

مخالفـة القانـون مـؤداها مسئوليـة الرئيـس والمـرءوس

 

" ومن حيث أن تأشيرة المحافظ التي أقر فيها الطاعن على ما آتاه لا تعفى الطاعن من المسئولية ذلك أنه مادام قد خالف صريح نص القانون فإنه لا يشفع له في ذلك ، ولا يهدر مسئوليته ، موافقة رئيسه على ذلك ، بل أن المسئولية تقع على عاتق المرؤوس والرئيس معاً في هذه الحالة باعتبار أن الاثنين قد خالفا صحيح حكم القانون ".

( الطعن رقم 2311 لسنة 29 ق عليا جلسة 17/11/1990 )

 

وتقول المحكمة الإدارية العليا " ومن حيث أن مقتضى هذه النصوص أن الموظف العام يجب أن يمارس الوظيفة العامة مستهدفاً غاية الصالح العام فذلك هو الهدف الأسمى ليلك الوظيفة ، وحتى يحقق الموظف تلك الغاية في إطار من المشروعية ، يلزم أن يؤديها طبقاً للقوانين واللوائح والنظم المعمول بها ........ وحتى يتم الانضباط في ممارسة العمل بما يحقق حسن سير الوظيفة الإدارية يجب على كل موظف عام أن ينفذ ما يصدر إليه من أوامر وتعليمات من الرؤساء ، على أن تكون هذه الأوامر متفقة مع أحكام القوانين واللوائح والنظم المعمول بها التي يحظر القانون مخالفتها أو تعدى حدودها.

 

( الطعن رقم 2853 لسنة 33 ق عليا جلسة 27/5/1989 )

 

وجـوب تنفيـذ القـرارات

 

متى أصدر الرئيس قراره فقد تعين على المرؤوس تنفيذه ، مع تنبيه الرئيس إلى ما يراه في شأنه.

وفـي ذلـك قضـى بأنـه :

" ........ و أيا كانت المبررات التي ساقها الطاعن وقلة خبرته وعدم درايته بما كلف به ، فإن ذلك لا يجدية نفعاً فما كان له أن يعترض على قرار تكليفه بهذا العمل بل كان عليه فقط أن ينبه المسئولين بالشركة إلى كافة ما أورده من مبررات واعتبارات حتى إذا ما صدر قرار بتكليفه بها تعين عليه أن يصدع له ويبادر إلى تنفيذه ، ويترك الأمر بعد ذلك للمسئول صاحب القرار ...... ".

( الطعن رقم 2940 لسنة 37 ق عليا جلسة 3/8/1993 )

 

موافقـة الرئيـس لا تبـرر مخالفـة القانـون أو القواعـد التنظيميـة العامـة

 

إذا أصدر عن الرئيس قرار يخالف صراحة نصاً قانونياً كما إذا قام بتشكيل لجنة من اللجان تشكيلاً يخالف التشكيل المنصوص عليه في القرار الوزاري ، فإنه لا يصح لمرءوسيه أن ينفذه دون الاعتراض عليه كتابه وإلا قامت مسئوليته إلى جانب مسئولية الرئيس.

لــذا قضــى بأنــه :

" ..... عدم قانونية اللجنة التي شكلها الطاعن الأول .... ترجع إلى عدم موافقتها للتشكيل المنصوص عليه في القرار الوزاري الذي حدد التشكيل الواجب المراعاة ..... وعدم الاعتراض على تشكيل اللجنة من جانب المدير العام لا يعنى بالضرورة الموافقة عليه ، ولا يسوغ أن تنسب الموافقة على ما يخالف القانون أو القواعد التنظيمية العامة المقررة لرئيس إداري أو لغيرة ما دام لم يصدر عنه تعبير صريح عن الإرادة يدل على ارتكابه لهذه المخالفة وهي لا تعفى بذاتها العامل المرؤوس من المسئولية عن ارتكابها بما يخالف القانون ولو وافق عليه الرئيس الإداري ذلك لأن موافقة الرئيس لا تبرر مخالفة القانون بل أن أمره المخالف للقانون للمرءوس لا يعفيه من المسئولية إلا لو ثبت أن أمر الرئيس قد صدر إلى المرؤوس كتابة لرئيسة فأصر على تنفيذ مرؤوسة للمخالفة وفي هذه الحالة تكون المسئولية على الرئيس مصدر الأمر وحدة ".

( الطعن رقم 966 لسنة 32 ق عليا جلسة 25/3/1989 )

 

أوامـر الرؤسـاء الشفهيـة

 

" .... ومن حيث أنه عما يتمسك به الطاعن من أنه كان يقوم بتنفيذ أوامر رئيسه في العمل الشفهية ، فأن المقرر أن إعفاء العامل من المسئولية ، إذا ارتكب المخالفة تنفيذاً لأمر رئيس تجب طاعته ، لا يكون إلا إذا كانت تلك الأوامر كتابية ، وبعد أن يقوم العامل بتنبيه الرئيس كتابة بمخالفة تلك الأوامر للقانون ثم إصرار الرئيس مع هذا على تنفيذها ".

 

( الطعن رقم 1414 لسنة 39 ق جلسة 12/2/1994 )

 

مسئوليــة الرؤســاء

 

النصــوص القانونيــة

 

نصت الفقرة الثانية من البند الثامن من المادة (76) من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة رقم (47/1978) ، على أنه

" ويتحمل كل رئيس مسئولية الأوامر التي تصدر منه كما يكون مسئولاً عن حسن سير العمل في حدود اختصاصاته ".

كما تضمنت الفقرة الثانية من البند الثامن من المادة (78) من قانون نظام العاملين بالقطاع العام ذات النص بذات صياغته.

 

مفهـوم المسئوليـة الإشرافيـة للرؤسـاء

يستوجب القانون فيمن يتولى المسئوليات الإشرافية والرئاسية في العمل الإداري أن يكون على دراية معقولة بالقواعد التشريعية والتنظيمية التي تحكم مساره بغض النظر عن التخصص الفني والعلمي.

لكن ذلك ليس معناه الاحاطة بكل دقائق العمل اليومي الإداري والمالي ، طالما كانت واجباته العلمية أو الفنية تستغرق الجانب الأكبر من وقته وجهده ، ولا عليه إلا أن يحيط العاملين برقابته العامة في حدود إمكانياته وفقاً للظروف والملابسات.

وليس للرئيس الأعلى أن يتسلب من مسئوليته بدعوى أن العامل لا يتبعه إذا كانت مخالفات هذا العامل مما هو مشاع ومعروف لهذا الرئيس بالضرورة.

وليس للمتخصص أن يدفع مسئوليته بعدم الاحاطة بفنه أو عملة.

فإذا عمل صاحب الموقع القيادي بوقوع خطأ من أحد العاملين، كان عليه أن يقومه تحقيقاً للانضباط وإلا كان مسئولاً.

ومن الطبيعي أن مسئولية الرئيس عن الإشراف والمتابعة، لا تعنى أن يحل الرئيس محل مرءوسيه لاستحالة الحلول الكامل، ومن ثم لا يتحمل بكافة المخالفات التي تقع من مرءوسيه عن تنفيذ الأعمال.

فإذا تولى الرئيس بنفسه عملاً من أعمال مرءوسيه ، فقد تعين أن تكون ممارسته لهذا العمل سليمة مجردة من الهوى والغرض والخطأ ، و إلا اتسم مثل هذا العمل بعدم المشروعية ، ولا يقلل من هذا أن يكون الرئيس هو المختص بتوزيع العمل بين مرءوسيه.

والرئيس هو المسئول عن توزيع العمل، وتوزيع الأمكنة بما يحقق حسن الإنتاج والبعد عن الريب والشبهات، بل إن مراعاة ذلك مما يدخل في مسئولية الرئيس الأعلى ويستوجب محاسبته.

ومن أبسط واجبات الرئيس الإداري أن يثبت من مدى مطابقة ما يعرض عليه من تقارير وأوراق رسمية لواقع الحال ، فلا يقبل منه أن يدفع مسئوليته بأنه مجرد سلطة اعتماد.

والمستقر عليه هو أن سلطة الاعتماد أي اعتماد توقيعات المرؤوسين ، لا تتطلب من الرئيس صاحب سلطة الاعتماد أن يعاود التحقق من صدق البيانات والأرقام المدونة بالمحررات التي يتولى اعتمادها ، على أن الحد الأدنى لسلطة الاعتماد تستوجب التثبت من استيفاء المستندات.

فإذا كان الرئيس مكلفاً بمراجعة نسبة عشوائية من أعمال مرءوسيه ، فأنه لا يكون مسئولاً عن أعمال مرءوسيه التي لم يقم بمراجعتها.

لكنة يشترط لقيام مسئولية الرئيس أن يثبت الخطأ في جانب مرؤوسه، فإذا انتفت المخالفة في حق المرؤوس فقد انتفت مسئولية الرئيس.

إضافة إلى ذلك لابد من توافر ثمة خطأ شخصي في جانب الرئيس، وهو ما يقتضى أن يكون الرئيس عالماً بالخطأ الذي وقع فيه المرؤوس أو أن يكون متعيناً عليه أن يعلم به، ولا يصححه.

كما يشترط لقيام مسئولية الرئيس إلا يوجد ما يحول بين الرئيس وبين مباشرة الإشراف والمتابعة.

والمسئولية الإشرافية العامة والإجمالية، لا تؤدى إلى تحميل صاحبها بالعجز كما في حالة الإشراف العام على أقسام البيع بما فيها من العاملين والعهد.

ولا مخالفة على الرئيس إذا ما أحاله مرءوسه إلى التحقيق، وأسفر التحقيق عن عدم صحة الاتهام.

وتفتيش أماكن العمل حق للرؤساء ولا يشترط لصحته أن يجرى عن طريق النيابة الإدارية وحدها.

إثبـات خطـأ الرئيـس

" ومن حيث أن المستقر عليه أن مناط مسئولية الرئيس الإشرافية على أعمال مرءوسيه لا تقوم إلا حيث يثبت خطأ شخصي في جانب الرئيس في إشرافه على أعمال مرءوسيه إذ لا يقبل أن يسأل الرئيس عن الأخطاء التي يرتكبها المرءوس في أداء الأعمال المنوط به القيام بها ، و إلا يستوجب الأمر قيام الرئيس بكافة أعمال المرؤوس وهذا يتعارض مع توزيع العمل والاختصاصات ويترتب عليه توقف العمل وتعطله ...... ".

( الطعن رقم 235 لسنة 40 ق عليا جلسة 18/1/1997 )

 

علـم الرئيـس بالخطـأ

 

" ...... حيث أنه عن المخالفة .... المنسوبة إلى للطاعن الثاني والمتمثلة في أنه أهمل الإشراف على مرءوسيه .... مما مكنهم من صرف كمية 501 طن حديد مدعم بدون وجه حق لبعض المواطنين بحي مدينة نصر ، فإن قضاء هذه المحكمة قد جرى على أن مسئولية الرئيس عن الرقابة والإشراف على أعمال مرءوسيه منوطة بثبوت خطأ سواء أكان ذلك ايجابياً أو سلبياً وهو ما يعنى بحكم الضرورة أن يكون الرئيس على علم بالخطأ الذي وقع المرؤوس فيه أو على الأقل كان متعيناً عليه العلم به وتراخى في تصحيح الخطأ ، إما إذا لم يتوافر العلم على النحو المتقدم فإنه لا يمكن مساءلته عما لا يعلم به و إلا أصبحت الرقابة أمراً يستحيل القيام بها ، ولما كان هناك حاجة إلى موظف مختص مسئول عن الأعمال المنوطة به ".

(الطعون أرقام 2981، 3020، 3051 لسنة 40 ق عليا جلسة 25/5/1996 غير منشور)

 

مسئوليـة الرئيـس حـال العلـم بالمخالفـة

 

لا مراء في أن كل عامل يشغل موقعاً قيادياً على أي مستوى كان ، مسئول عن إدارة العمل الذي يتولى قيادته بدقة وأمانة ، ومقتضى ذلك أنه ملتزم مباشرة مهام الإدارة العلمية للعمل المعهود به إليه بما ينطوي عليه ذلك من عناصر التخطيط ، والتنظيم والرقابة بحيث يكون عليه مباشرة أعباء هذه المهام بأقصى درجات الإخلاص والجدية الهادفة إلى تحقيق غايات العمل الذي يتولى قيادته ويكون العامل صاحب الموقع القيادي مسئولاً عن كل خطأ أو تقصير يثبت أنه وقع من أحد العاملين تحت رئاسته طالما ثبت أنه علم به ولم يقومه أو كان بوسعه ذلك ولكنه قصر في أداء مهمة المتابعة الهادفة إلى تحقيق الانضباط على طريق تحقيق الغايات المستهدفة من الإدارة الرشيدة ".

(من أحكام المحكمة العليا الطعن 813 لسنة 34 جلسة 9/12/89 )

 

وليـس علـى الرئيـس أن يحـل محـل مرءوسيـه

 

فقـد قضـى بـأن : " .... تحديد مسئولية صاحب الوظيفة الإشرافية ليس معناه تحميله بكل الأعمال التي تتم أو ترتكب بمعرفه مرءوسيه خاصة ما يقع منهم في التنفيذ بما لا يتفق واللوائح والتعليمات ، أو بما يخالف أصول الصناعة ، ذلك أنه ليس مطلوباً من الرئيس أن يحل محل كل مرؤوس في أداء واجباته لتعارض ذلك مع طبيعة العمل الإداري ولاستحالة الحلول الكامل ، إنما يسأل الرئيس عن سوء ممارسته مسئولياته الرئاسية خاصة الإشراف والمتابعة ".

(الطعن 1707 لسنة 36 ق عليا جلسة 27/4/93 )

 

حداثـة العهـد بالخدمـة

 

" ومن حيث أن هذا الذي هب إليه الحكم المطعون فيه لا سند له من القانون لأن حداثة العهد بالخدمة وإن بررت التخفيف عند العقوبة التأديبية إذا كان ما نسب منهم قد وقع بغير عمد وبحسن نية إلا أنها لا تصلح لأن تكون مانعاً من موانع المسئولية التأديبية أو العقاب التأديبي خاصة وأن حداثة العهد بالخدمة تستتبع بساطة نوعية الواجبات الوظيفية بما يتناسب وقدرة العامل حديث العهد بالخدمة ، وإمكانياته وحدود خبرته ومعلوماته ويفترض طبقاً لمقتضيات التنظيم الإداري للعامل بالجهة الإدارية الملحق بالعمل بها زملاء أقدم ورؤساء يمكنهم إذا لجأ إليهم توجيهه إلى الأداء السليم لواجباته دون خطأ أو مخالفة تتحرك بمقتضاها مسئوليته التأديبية .... ".

(الطعنان رقمي 2815، 2872 لسنة 31 ق عليا جلسة 18/3/1989 )

 

ضغــط العمــل

 

وتقول في حكم آخر " ومن حيث أنه ولئن كانت المخالفات المنسوبة للطاعن ثابتة في حقه بإقراره بها في الأوراق فإنه لا يدرءوها عنه ما تعلل به من ضغط العمل الملقى على عاتقة وكثرته فضلاً عن حالته المرضية ، وذلك أن الموظف مسئول عن الإهمال والخطأ والتهاون أو الإخلال الذي يقع منه حال تأديته للأعمال الموكولة إليه ولأن كثرة الأعمال ليست من الاعذار التي تعدم المسئولية الإدارية ولو أخذ بها كذريعة لكل من يخل بواجبات وظيفية لأضحى الأمر فوضى لا ضابط له ، ولكنها قد تكون عذراً مخففاً إذا ثبت أن الأعباء التي يقدم بها الموظف فوق قدراته ، وأحاطت به ظروف لم يستطع أن يسيطر عليها تماماً ، كما أن القانون قد رسم طريقاً لمواجهة المرض الذي يجتاح الموظف بما يحول بينه وبين التهاون في العمل ".

(الطعن رقم 1562 لسنة 37 ق عليا جلسة 26/12/1992 )

 

تحديـد النـص الـذي جـرت مخالفتـه

 

ومن حيث أن أدانه الطاعن استندت إلى ادعاء لم يتم تمحيص مدى صحته والتيقن من وقوع فضلاً عما شاب الحكم من غموض وقصور في بيان السند القانوني للمخالفة إذ ساير قرار الاتهام فيما أبداه من أن المخالفة المنسوبة إلى الطاعن تمثل مخالفة لأحكام القانون رقم 9 لسنة 1983 بشأن تنظيم المناقصات والمزايدات دون بيان موقع المخالفة من أحكام هذا القانون أو لائحته التنفيذية فضلاً عن أن تاريخ المخالفة المنسوبة للطاعن يرجع إلى السادس من شهر مارس سنة 1983 في حين أن القانون المذكور عمل به اعتباراً من شهر أبريل سنة 1984 بعد ثلاثين يوماً من نشره بالجريدة الرسمية في الثالث من شهر مارس 1984 وفق ما قضت به المادة الخامسة من القانون رقم 9 لسنة 1983 بإصدار قانون تنظيم المناقصات والمزايدات مما يكون من شأنه بطلات إسناد المخالفة للطاعن ".

(الطعن رقم 2858 لسنة 37 ق عليا جلسة 24/2/1996 غير منشور )

 

مسئوليــة العضـو الفنـي فـي اللجـان

 

«...... الأصل أن تقرير مدى مطابقة الأصناف الواردة بالعطاءات للمواصفات الفنية منوطة بالتقرير الفني الذي يعرض على لجنة البت لدى النظر في اختيار أفضل العروض ، والثابت من الإطلاع على حافظة المستندات .... أنها طويت على مح-ضر لجنة البت المنعقدة بتاريخ 3/11/87 برئاسة المهندس / ....... وباعتباره المسئول الفني باللجنة وأنه قد أوضح أن العطاءين 2/3 ، 3/3 متشابهان في المواصفات ومن ثم فقد اختبر العطاء رقم 3/3 باعتباره أقل الأسعار ، ومن ثم فأن مفاد ذلك أن المسئول الفني في اللجنة وهو في ذات الوقت رئيس لجنة البت قد أوضح أن العطاء الذي أرسيت عليه عملية التوريد يتوافر في شأنه المواصفات المطلوبة ومن ثم فلا سند لإدانة الطاعن وهو لا يختص فنياً بالقول في مدى المطابقة للمواصفات ما دام المسئول الفني للجنة قد أوضح تشابه مواصفات المعدات الواردة بالعطاء مع المواصفات المطلوبة وعلى ذلك يتعين براءة الطاعن من هذا الاتهام ».

 

(الطعن رقم 1336/37 ق عليا جلسة 25/3/1995 غير منشور )

 

 

 

 

 

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق