«إي يكست إيطالي» مُحتمل يثير ذعر الاتحاد الأوروبي.. هل تسير روما على خطى لندن؟

الخميس، 04 أكتوبر 2018 02:00 م
«إي يكست إيطالي» مُحتمل يثير ذعر الاتحاد الأوروبي.. هل تسير روما على خطى لندن؟
رئيس وزراء ايطاليا جوزيبي كونتي وفيديريكا موجيرينى مفوضه الاتحاد الاوروبى
محمود علي

«هل تسير إيطاليا على خطى بريطانيا وتكون الخطر القادم على الاتحاد الأوروبي؟».. سؤال بات مطروحًا في الغرف المغلقة بمقر الاتحاد في العاصمة البلجيكية بروكسل في الأونة الأخيرة، لا سيما مع تأكيد مسؤول إيطالي كبير أن روما ستكون أفضل حالًا حال خرجت من الاتحاد الأوروبي الذي قد يسمى (إي يكست) على غرار (بريكست البريطاني) ، وهو الأمر الذي يسبب ذعرًا قويا داخل الاتحاد.

في الوقت الذي يطالب فيه المسؤول الإيطالي بلاده بسرعة السير في تجاه الخروج من الاتحاد، لعوامل عدة قد تعود بالنفع على البلاد، يشهد الأخير مفاوضات صعبة مع بريطانيا التي شهدت استفتاء قبل عامين، صوّت فيه الشعب بأغلبية 51% على قرار المغادرة من الاتحاد، ما زاد الضغط على بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي)، لا سيما مع زيادة مطالب الشعبويين اليمنيين في ألمانيا وفرنسا، بضرورة أن تخطو بلادهما خطوات جادة نحو الخروج من الاتحاد.

تتزامن المطالب الإيطالية بالخروج من الاتحاد الأوروبي مع توتر تشهده العلاقات بين إيطاليا والاتحاد، على خلفية مواجهة بين الجانبين فيما يتعلق بملف اللاجئيين، إذ صعّدت روما لهجتها ضد الاتحاد بسبب التوزيع غير العادل للاجئين على الدول الأعضاء، بحسب وصفها، وأكدت روما أن نحو 150 لاجئا ما زالوا عالقين على متن سفينة لخفر السواحل الإيطالية منذ أكثر من أسبوع، فيما وصل تهديدها وشدة لهجتها إلى تقليص حجم مساهمتها في ميزانية التكتل إذا ما بقي الوضع على ما هو عليه.

التصريحات الإيطالية التي لوّحت بالخروج من الاتحاد الأوروبي لم تخرج من مسؤول صغير بالحكومة الإيطالية، ولكنها خرجت من عضو بارز بالائتلاف الحاكم الشعبوي في روما ورئيس لجنة الموازنة بمجلس النواب، كما أنه يشغل منصب المستشار الاقتصادي لنائب رئيس الوزراء ووزير الداخلية ماتيو سالفيني، زعيم حزب الرابطة المتشدّد، ما أثار تخوّفات داخل الاتحاد ما كان له تأثيرات على الأسواق المالية الأوروبية، إذ أكد «كلاوديو بورجي» اقتناعه وفقًا لآرائه الشخصية بأن إيطاليا حال الخروج من الاتحاد ستكون أفضل، لا سيما مع تبنّي عملتها الخاصة التي ستحل معظم مشكلات الإيطاليين.

عواقب تصريحات كلاوديو بورجي كانت شديدة بالفعل على الأسواق المالية الأوروبية، ما أدّى لارتفاع مؤشر يقيس فرق العائدات بين السندات الإيطالية والألمانية، إذ قفز فوق 300 نقطة أساسية، وهو أعلى مستوى منذ مارس 2014، مقارنة بـ282 عند الإغلاق يوم الاثنين الماضي.

103044-arton10552

اقرأ أيضًا: فيضان محلّي وطوق نجاة أوروبي مثقوب.. تيريزا ماي بين مطرقة لندن وسندان بروكسل

 

رغم أن احتمالات خروج إيطاليا من الاتحاد الأوروبي صعبة في هذه الفترة، مع تأكيد رئيس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي، المنتمي لحركة خمس نجوم اليمينية المتشددة، والمنتخب في أول يونيو 2018، عدم تفكير إيطاليا في مغادرة الاتحاد الأوروبي أبدًا، إلا أن تحركات اليمين المتشدد والحركة التي يترأسها كونتي، وهما الحزبان المتزعمان للحكومة، قد تتسبّب في تغذية رؤية مناهضة للوحدة الأوروبية من جانب الإيطاليين، حتى لو لم يكن اتخاذ قرار الخروج في المستقبل القريب، إلا أن هذا الخروج حتى مع تأخره ستكون له تداعيات واسعة على إيطاليا والاتحاد الأوروبي في وقت واحد.

1
 

خسائر إيطاليا من خروجها بالاتحاد الأوروبي

تشهد روما كثيرا من الأزمات الاقتصادية في السنوات الأخيرة، على خلفية زيادة القروض المتعثرة ـ التي وصلت إلى ما يقارب 540 مليار دولار - في ظل الحاجة إلى رأس مال جديد، بجانب تراجع أسهم القطاع المصرفي بنسبة تصل إلى 67%، كل هذا يحدث وإيطاليا داخل الاتحاد الأوروبي الذي يقدم مساعدات مالية للخروج من هذه الأزمة، بل يفرض كثيرا من الإجراءات التي تحدّ من الاستدانات الجديدة، لذا يُؤكد المدافعون والمؤيدون للبقاء داخل منطقة اليورو أن خسائر إيطاليا ستكون وخيمة، لا سيما أنه دائمًا ما كان الاتحاد يمثل حماية لإيطاليا في فترات عدة، لا سيما أن روما هي التي شهدت مولد فكرة الاتحاد الأوروبي منذ نحو ستين عامًا، لم تكن قادرة على القفز من بروكسل دون أن تشهد خسائر أكبر من التي تشهدها بريطانيا.

وبدا المؤشر الرئيسي لبورصة ميلانو متأثرًا كثيرًا بالضجة الأخيرة التي أثارها بعض المسؤولين الإيطاليين بالمطالبة بالخروج من الاتحاد الأوروبي، فبعد تصريح كلاوديو بورجي، وتهديد أكثر من عضو بالحكومة بالانسلاخ عن أوروبا ضربت بورصة ميلانو في مقتل، حيث تراجع التداول بنسبة 1.5%.

20180120085548231

بالنظر إلى خسائر بريطانيا من مغادرة الاتحاد الأوروبي، وفي مقدمتها معوقات الاستثمار، يمكن توقع أن يتكرر الأمر بشكل أو بآخر مع إيطاليا، بل وربما بصورة أكثر قسوة، لا سيما أن روما لم يكن اقتصادها متماسكًا مثل المملكة المتحدة، التي تُعدّ من أكبر الأحياء المالية والتجارية في العالم، والتي تفوقت أكثر من مرة على حي المال الأمريكي في "وول ستريت". 

اقرأ أيضًا: هل كُتبت شهادة وفاة حكومة تيريزا ماي؟.. قصة 80 دقيقة لحملة «أنقذوا بريكست»


دوافع إيطاليا  للخروج من الاتحاد الأوروبي

رغم تعقد الملف وسوء المسارات المستقبلية المتوقعة من ورائه، فإن الشعبويين يرون دوافع إيطاليا للخروج من الاتحاد الأوروبي مقنعة جدًا، على خلفية ترويجهم الدائم لفكرة السيادة، مشيرين إلى أن الاتحاد أضعف السيادة البرلمانية والحكومية لإيطاليا على بلادها، إضافة إلى أن ضوابط بروكسل فيما يتعلق بكل المجالات تخنق إيطاليا على المستويين السياسي والاقتصادي، مشيرين إلى أن البيروقراطية الأوروبية ستظل تُكلف روما تكلفة باهظة.

 

اقرأ أيضًا: اضرب بريطانيا حتى تخاف أوروبا.. هل تدافع بروكسل عن تماسكها الهشّ على جثة لندن؟

إضافة إلى أن كثيرين من المطالبين بالخروج من الاتحاد الأوروبي في إيطاليا يؤكدون أن الانسلاخ من الاتحاد يعني تخفيف العبء على الدولة فيما يخص ملف اللاجئيين، لا سيما بعدما فشل الجانبان في التوصل لاتفاق خلال اجتماع عُقد في بروكسل مؤخرًا لبحث قضية المهاجرين، ليخرج زعيما الغالبية الحكومية لويجي دي مايو، نائب رئيس الحكومة الإيطالية ووزير الداخلية الايطالي، بتهديد بروكسل بخفض الأموال التي تقدمها روما  للاتحاد الأوروبي.

2


صعوبة مفاوضات خروج بريطانيا من الاتحاد

اعتمد الاتحاد الأوروبي في مفاوضاته مع «بريطانيا» بعد التصويت على البريكست (خروج لندن من الاتحاد) نظرية "اضرب المربوط يخاف السايب"، وهي الاستراتيجية التي ترى بروكسل أنها مفيدة في كبح جماح أي رغبة انفصالية لدى دول أخرى بالاتحاد، بجانب تقليل الخسائر الاقتصادية التي سيتكبدها نتيجة هذا الخروج المزعج.

يستهدف الاتحاد تهديد باقي الدول الأعضاء من المصير المحتمل حال اتخاذهم قرارا شبيها بقرار لندن، وتأكيد أن الخروج لن يكون سهلًا، لا سيما مع علوّ صوت النزعة الانفصالية التي شهدتها دول أوروبا في الفترة الأخيرة، مع وصول الشعبويين إلى الحكم في إيطاليا وبريطانيا، ومنافسة اليمين المتطرف للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وضغوطه على السياسة الفرنسية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق