«أطباء لكن فشله».. تعرف على المسئولية القانونية الناتجة عن الأخطاء الطبية

الأربعاء، 07 نوفمبر 2018 08:00 ص
«أطباء لكن فشله».. تعرف على المسئولية القانونية الناتجة عن الأخطاء الطبية
طبيب
علاء رضوان

«أطباء لكن فشله».. واحدا من الأوصاف التي ألحقت في الأونة الأخيرة لبعض الأطباء، نتيجة تكرار وقائع الإهمال الصحي المنتهية إلى وفاة المرضى، والواقعة دون النظر إلى حقوق المريض والتغاطي عن الحماية الجنائية له في إطار خدمة القانون للمجتمع، وتطبيق منظومة الرعاية الصحية، بالإضافة إلى مسؤولية الحكومة في تقديم خدمة طبية جيدة للمريض وتأهيل جيد للطبيب.

بالأمس، أمر النائب العام المستشار نبيل صادق، بإحالة 4 متهمين في القضية المعروفة إعلاميًا بـ«وفاة طبيبة المطرية»، للمحاكمة العاجلة، وضم أمر الإحالة كبار الأطباء المسئولين بمستشفى المطرية هم كبير مهندسين بالهيئة العامة بالمستشفيات والمعاهد - مسئول أعمال مستشفى المطرية التعليمي وملحقاتها، ونائب مدير مستشفى المطرية التعليمي للخدمات، ومدير الإدارة الهندسية بالمستشفى المختص بمتابعة أعمال الصيانة، ورئيس شئون المقر بالمستشفى - جميعهم محبوسين.    

2018_10_21_15_20_14_477

بينما يظل هناك سؤالاَ عالقاَ فى أذهان الجميع بالنسبة لوقائع الإهمال الطبى داخل المستشفيات الحكومية تارة والخاصة تارة أخرى، ماهى المسئولية القانونية الناتجة عن الأخطاء الطبية؟..ومتى يتم تغليظ العقوبة الجنائية على من يثبت تورطهم بالإهمال؟ 

اقرأ أيضا: كواليس واقعة مستشفى ديرب نجم.. هل يحمي القانون المرضى من الطبيب «الفاشل»؟

المسئولية القانونية الناتجة عن الأخطاء الطبية  

يُجيب الدكتور أحمد مهران، المحامي، ومدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية، أن مهنة الطب تُعتبر من المهن الإنسانية النبيلة البالغة الأهمية والخطورة، فالطبيب يمارس مهنة إنسانية نبيلة الهدف تتعلق بحياة الإنسان وسلامته الجسدية وصحته النفسية والتي هي من أهم وأثمن ما يحرص الشخص والمجتمع على حمايتهما، فالطبيب يقوم بالكشف السريري وصولاً إلى تشخيص المرض وانتهاءً بالمعالجة للحصول على النتائج فيحتاج إلى قدر كبير من الحرية والاجتهاد والثقة، حيث أن الطبيب وحده يتخذ القرار المناسب ويسلك السلوك الذي يضمن إنقاذ المريض ويحقق سلامته وعليه يكون مسئولا عن أدنى خطأ يصدر منه يكون سببه الإهمال أو عدم الحرص أو عدم تقدير العناية اللازمة للحالة المرضية.

مشكلة الأخطاء الطبية-وفقا لـ«مهران» فى تصريح لـ«صوت الأمة» لم تعد مشكلة مهنية محصورة ضمن كوادرها في الساحة الطبية بل هي مشكلة اجتماعية تحوز على أهمية خاصة لدى جميع فئات المجتمع وشرائحه، وبما أن تحديد مسئولية الطبيب الجنائية من الأمور الفنية الدقيقة والمعقدة والمتشعبة لابد من معرفة وتسليط الضوء حول طبيعة الالتزام الطبي فهل الالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو التزام ببذل عناية أم بتحقيق نتيجة وما هي الشروط الواجب توفرها لقيام المسئولية الطبية الجنائية .

أولاً: طبيعة الالتزام الطبي :-

الالتزام الذي يقع على عاتق الطبيب هو من حيث المبدأ إلتزام ببذل عناية لا بتحقيق نتيجة ويكون ذلك في بذل الجهود الصادقة واليقظة التي تتفق والظروف القائمة والأصول العلمية الثابتة بهدف شفاء المريض وتحسين حالته الصحية فعلى الطبيب العناية بالمريض العناية الكافية، ووصف العلاج المناسب لشفائه من مرضه حتى لو ساءت حالة المريض الصحية مادام انه لم يقع في خطأ يمكن أن يترتب عليه المسئوليةوهناك عدة عوامل يجب أن ننظر في سلوك الطبيب وهي :- 

download (1)

– القواعد المهنية .

– المستوى المهني للطبيب .

– الظروف الخارجية التي يوجد فيها الطبيب ويعالج فيها المريض .

– أن تكون الجهود المبذولة من الطبيب متفقة مع الأصول العلمية الثابتة .

وبما أن الطبيب غير ملزم بتحقيق نتيجة معينة وهي شفاء المريض وإنما ملتزم بمراعاة الحيطة والحذر وإتباع أصول المهنة ولكي ينفذ الطبيب التزامه بالعناية يلزمه القيام بما يلي:-

1-تشخيص المرض.

2-اختيار طريقة العلاج .

3-التدخل الجراحي ومن المتفق عليه بين الأطباء أن العملية الجراحية تمر بثلاث مراحل، مرحلة الإعداد للعملية ومرحلة إجراء العملية، ومرحلة الرقابة والإشراف

4-تحرير الوصفة الطبية . 

اقرأ أيضا: "شربات".. ربة منزل نسى طبيب "فوطة" داخل بطنها لمدة عام

وإذا كانت القاعدة أن التزام الطبيب هو التزام ببذل عناية إلا انه في حالات استثنائية يقع على عاتق الطبيب التزام بتحقيق نتيجة، تتمثل في سلامة المريض، وهذا لا يعني الالتزام بشفاء المريض بل بأن لا يعرضه لأي أذى من جراء ما يستعمله من أدوات أو أجهزة أو ما يعطيه من أدوية، وأن لا ينتقل إليه مرضا آخر نتيجة العدوى بسبب المكان أو بسبب ما ينقله إليه من دم أو غيره، ومن هذه الحالات:

– نقل الدم

– الأدوات والأجهزة الطبية

– تركيبات الأعضاء الصناعية

– التحصين

– الأدوية

– جراحة التجميل

download

ثانياً: قيام المسئولية الجنائية الطبية

 

مما لاشك فيه-الكلام لـ«مهران»- أن موضوع المسئولية الجنائية للأطباء يعد من أكثر الموضوعات التي أثارت الجدل والنقاش والاجتهاد في مجال الفقه الجنائي والتطبيق القضائي، إضافة إلى إثارته الخلاف بين رجال القانون والأطباء ويمكن تحديد مسئولية الأطباء الجنائية بالالتزام القانوني القاضي بتحمل الطبيب الجزاء أو العقاب نتيجة ايتائه فعلا أو الامتناع عن فعل يشكل خروجا أو مخالفة للقواعد أو الأحكام التي قررتها التشريعات الجنائية أو الطبية.

 

فإذا اقترن هذا العمل بخطأ سُئل الطبيب عنه مسئولية غير عمدية والخطأ الطبي يتحقق إذا خرج الطبيب عن القواعد الطبية المقررة أو أهمل إهمالا لا يصح أن يصدر من مثله ويخضع تقدير الخطأ الطبي للقواعد العامة التي يخضع لها تقدير الخطأ غير العمدى فيسأل الطبيب إذا أجرى عملية علاج بأدوات غير معقمة أو أجراها وهو في حالة سكر أو ترك سهوا في جسم المريض أداة جراحية، وعليه تتحقق المسئولية الجنائية.

 

 أركان المسئولية الجنائية

 

فيما أكد رجب السيد قاسم، المحكم الدولى والمحامى بالنقض، فى تصريح خاص أن المسئولية الجنائية للطبيب تتحقق حال تحقق أركان الجريمة الثلاث وهي :-

1-خطأ يقع فيه الطبيب «ركن الخطأ» فمسئولية الطبيب تتحقق بوجود خطأ مهما كان نوعه سواء أكان خطأ فنياً أو مادياً جسيماً أو يسيراً وعليه فمن الصعب حصر صور الخطأ الطبي الشائعة في العمل والتي تثور حولها الكثير من المشاكل فحصرها أمر مستحيل يتناقض مع ظروف الواقع المتغيرة والمتطورة ولهذا يصح الحكم على الطبيب الذي يرتكب خطأ يسيراً ولكن يجب التأكد من وجود الخطأ بأن يكون ثابتاً ثبوتاً كافيا.

اقرأ ايضا: رحلة التنقيب عن المساخيط من الإسكندرية إلى أسوان.. هل يكفي القانون لحماية آثار مصر؟

2-الضرر، كالتسبب في موت مريض، أو إلحاق أذى بجسمه أو صحته كالعاهة الدائمة أو الجرح وهي نتيجة ، فلابد من وقوع الضرر سواء كان قاتل أو غير قاتل لكي يعتبر الطبيب مسئولاً جنائيا عن فعله، فان لم يقع الضرر فلا محل للعقاب مهما كان خطأ الطبيب ومهما يكن الخطر الذي يمكن أن يترتب عليه فلا عقاب على الشروع، والضرر المقصود هنا ليس هو الضرر الناجم عن عدم شفاء المريض أو عدم نجاح الطبيب أو الجراح في العلاج، لان مجرد عدم شفاء المريض شفاءً تاما أو جزئيا لا يُكون ركن الضرر لان الطبيب لا يلزم بشفاء المريض، وإنما يبذل قصارى جهده في سبيل الشفاء فالتزامه هو التزام ببذل عناية قد يؤدي أو لا يؤدي إلى تحقيق غاية معينة-وفقا لـ«قاسم».

3-رابطة سببية مباشرة بين الخطأ وبين حدوث الضرر.

إن مجرد وقوع الضرر للمريض وثبوت خطأ الطبيب لا يكفي لقيام المسئولية بل يلزم لتوافرها قيام علاقة السببية بين هذا الخطأ وذلك الضرر فإذا انتفت علاقة السببية انتفت المسئولية، وتحديد رابطة السببية في المجال الطبي يعد من الأمور الشاقة والعسيرة نظرا لتعقيد الجسم الإنساني وتغير حالاته وخصائصه وعدم وضوح أسباب المضاعفات فقد تعود أسباب الضرر إلى عوامل بعيدة أو خفية تعود إلى طبيعة جسم المريض واستعداده مما يصعب معه تبينها.

فالقضاء كان يعمل على الحيلولة دون إرهاق الطبيب فيقرر مبادئ فيها كل الحماية والاطمئنان للجانبين، فهو لم يترك المريض عرضة لاستهتار الطبيب أو إهماله، فيحدد للطبيب حدودا وقواعد إذا تجاوزها اعتبرته مسئولاً، وهو بهذا ضمن حق المريض وراعى مصلحته وحفظ سلامة الإنسان، كما انه لم يترك الطبيب تحت رحمة مريض جاهل-الكلام لـ«المحكم الدولى» .

201809151256265626

ومن خلال استقراء أحكام القضاء في موضوع مسئولية الطبيب نجد أن المريض في بلادنا العربية قليل التمسك والإلمام بحقوقه، ويعود ذلك إلى تدني مستوى الثقافة بصفة عامة كونه مواطنا يخلط بين مسألة الإيمان بالقضاء والقدر وإمكانية وقوع خطأ من الطبيب يسبب وفاة المريض معتقدين بأن مقاضاة الطبيب هو اعتراض على قضاء الله وقدره لذلك لا بد من نشر الوعي والثقافة الطبية عبر وسائل الإعلام المختلفة حتى يتمكن المواطن من معرفة حقوقه والتزاماته تجاه الطبيب ومعرفة الطبيب أيضا حقوقه والتزاماته تجاه مريضه.

عدم توافر الدليل

بحسب «قاسم»-كما أن البراءة هي نتيجة الغالبية العظمى من الشكاوى والقضايا المقدمة لنقابة الأطباء وتم الحكم فيها حيث لم يقم أي دليل على إدانة الطبيب المشكو فى حقه لعدم وجود أي خطأ فني أو مهني أو سلوكي أو إهمال أو تقصير، فهل هذه النتيجة تعود لأن الطبيب يحقق معه من قبل مؤسسة هو عضوا فيها أصلا ؟..أو من قبل أعضاء هم في الأصل زملاء له؟..أم يعود ذلك إلى نقص المعرفة وقلة الثقافة الصحية لدى الناس حيث أن الغالبية العظمى من الناس تعتقد وتتصرف على أساس أن الإجراءات الطبية التي يقوم بها الأطباء هي التزام بتحقيق نتيجة والأطباء يتعاملون مع المرضى ومع الحالات المرضية من منطلق الالتزام بتقديم عناية.

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق