الإرهاب الفكري والمنهج التكفيري

الخميس، 08 نوفمبر 2018 09:21 ص
الإرهاب الفكري والمنهج التكفيري
رشا الشايب تكتب:

لا أعرف من أين أبدأ، أو كيف، أو ماذا أكتب؟! فقتل المُسالمين المُتعبّدين الأبرياء؛ لاختلاف دينهم وعقائدهم؛ كارثة إنسانية كبرى، وتعصّب أعمى، وإرهاب فكري، قبل أن يكون دموية صادرة من عقول ونفوس مريضة، افتقدت لأبسط معاني الإنسانية، ونسفت كل مبادئ وقيم الديانات السماوية.
 
أنقل لكم هنا رأي واحد من الشيوخ الأفاضل الذين تعلّمت على أيديهم علوم الشريعة الإسلامية في أحد المعاهد التابعة للأزهر الشريف. وفي رأيه تعقيبًا على حادثة دير الأنبا صموئيل، يقول: "عندما مرّت جنازة يهودي أمام النبي صلى الله عليه وسلم، هبّ واقفًا، ولمّا سُئل عن ذلك قال: أوليست نفسًا؟! عندما ذهب عمر رضي الله عنه لاستلام مفاتيح القدس لم يُصلّ في كنيسة القيامة، لئلا يتّخذ المُسلمون ذلك سببًا ويحوّلونها مسجدًا".
 
هكذا تعلّمنا من ديننا، التسامح واحترام الديانات الأخرى، واحترام حق كل إنسان في تحديد هويته. 
 
لا يمكن تصور أن عاقلًا يعتقد أنه يتعبّد لله تعالى بالقتل في حالة السلم.
لا يمكن تصوّر أن عاقلًا لا يفهم حرمة الدماء المُسالمة البريئة. 
لا يمكن تصوّر أن عاقلًا يعتقد أنه يدعو في سبيل الله بهذه الوحشية.
 
العجيب أنهم يُردّدون الشعارات التي لا تتجاوز حناجرهم، مثل دين الرحمة ودين الإنسانية ودين الحق. فأي رحمة وأي إنسانية في قتل الأبرياء؟!
 
يا سادة، طالما توجد مساجد ومعاهد معلومة بالاسم ما زالت تُروِّج للتكفير والتطرّف، بحجة اتّباع السنة والسلف وصحيح الإيمان، فلا تأملوا في انتهاء الإرهاب والإقصاء والتكفير، فهم يُربّونهم على ذلك.
 
يا سادة، لن تقوم لنا قائمة إلا بثورة فكرية تنويرية تشمل الدين والعلم والأخلاق، لا بدّ من العودة للفهم الصحيح للدين، واستعادة القيم والأخلاق، واللحاق بركب العلم، لا بدّ من تكاتف الجميع لاستعادة الأمّة ممّن سرقوها.
 
 إلى هنا ينتهي كلام الشيخ المُستنير.
 
ولا شكّ في أننا نرى جميعًا، وبعين اليقين، توغل المنهج التكفيري شديد التطرف، وتأثّر البعض به، وبالطبع هذا نتاج انتشار المعاهد الإسلامية غير التابعة للأزهر الشريف، التي تُسمّي نفسها "المعاهد الشرعية"، واستمرارها فى نشر افتراءتها وتعدّيها الصارخ على مفاهيم الدين السمحة، وذلك على مدار أزمنة طويلة، فهذه المعاهد تأسَّست منذ عقود طويلة، و تُركت هكذا بلا ضابط أو رابط، تُدرِّس المنهج التكفيري المُتشدِّد مُستغنية به عن منهج الأزهر الشريف.
 
لا ننكر الدور الفعّال لوزارة الأوقاف مؤخّرًا في تقنين وضع بعض هذه المعاهد وتغيير منهجها التكفيري بالمنهج الوسطي المُعتدل، وتوحيدها تحت راية الأزهر، ومنع خرّيجي هذه المعاهد من اعتلاء المنابر وبثّ سمومهم الفكرية وأفكارهم الدموية بين الناس، وقصر اعتلاء المنابر على خرّيجي الأزهر أو المعاهد التابعة لوزارة الأوقاف، لكن القضية جدّ خطيرة، وأعلم أن حلّها ليس بين ليلة وضحاها، فالمعاهد المُشار إليها تَدّعي أنها تمتثل في العلن لقرارات الأوقاف، ولكن في السرّ تنشر بين الطلاب الفكر المُتشدِّد  التكفيري، والمطلوب توحيد الجهود بين كل المؤسّسات الدينية بمصر، وتغيير القائمين على تلك المعاهد، واستبدالهم بدعاة وشيوخ أزهريين، مع التحرّك السريع في نسف وتدمير هذه المناهج الدموية المُضلِّة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق