قصة منتصف الليل.. ومن الشك ما «أجهض الجنين»

الأحد، 30 ديسمبر 2018 10:00 م
قصة منتصف الليل.. ومن الشك ما «أجهض الجنين»
إسراء بدر

 
دخلت «مروة» منزلها وهي تتحسس خطواتها خوفا من أن تتسبب في إزعاج زوجها الغارق في النوم وبدأت في تنظيف المنزل وتحضير الطعام بهدوء ليكون كل شيء على ما يرام فور استيقاظه من قيلولته المعتادة، بعد عودته من العمل الذي تنتهي ساعاته قبل رجوعها من عملها، ولكنهما اعتادا منذ زواجهما على أن يعود الزوج ليستريح وتعود الزوجة من عملها لتعد الطعام وتدير المنزل.
 
لكن، كل هذه الأمور لا تهتم بها «مروة» الفتاة العشرينية التي تربت وسط عائلة بسيطة الحال اعتادت على رؤية أمها وهي مسئولة عن كافة أمور المنزل في الوقت الذي يلعب والدها دور خزينة الأموال المتحركة فيتوجه للعمل ويعود إلى قضاء وقت ممتع وهادئ دون مسئوليات.
 
وفور انتهاء «مروة» من كافة مهامها استيقظ زوجها فجأة وعيناه مفتوحتان بشكل مخيف وأخذ يلتفت هنا وهناك كأنه يبحث عن شيء ثم توجه إلى باب المنزل وفتحه فلم يجد أحد، وعاد مجددا ولكن عيناه تحمل كلمات عجيبة لم تفهمها «مروة» في بداية الأمر إلا بعد سؤاله عن ماهية الشخص الذي دخل المنزل خلال غفلته، وهنا وقفت «مروة مذهولة فمنذ متى يدخل أحد المنزل دون علم زوجها، وهي على يقين بغيرته المبالغ فيها فبدأت تتحدث بكلمات متلعثمة من الصدمة وتؤكد عدم استقبالها لأحد أو فتح باب المنزل منذ عودتها من عملها.
 
images (1)
 
الزوج كعادته لا يصدق أحاديثها مهما أقسمت أو حاولت إثبات براءتها من اتهاماته المتتالية وأخذ يصيح في وجهها فتركته «مروة» حتى يهدأ ويبدأ التعامل بشكل طبيعي كعادته، وبعد عدة أيام شعرت «مروة» بإعياء شديد لا تتحمله رغم تحملها الصعاب فتوجهت إلى الطبيب، الذي أخبرها بحملها في طفلها الأول فامتلأ قلبها فرحا وشعرت أن الله يهون عليها ما تمر به مع زوجها، آملة في أن يتغير حال زوجها إلى الأفضل بعد سماع هذا الخبر، وتوجهت إلى الفور للمنزل فوجدت زوجها يجلس أمام التلفاز وعيناه مليئة بالأسئلة كعادته، ولكنها لم تهتم هذه المرة واقتربت منه إلى أن جلست على فخذيه وضمت رأسه بين يديها وبصوت خافت أخبرته في أذنيه بخبر حملها ثم نظرت إليه منتظرة ابتسامته فرحا.
 
 
ولكن حتى الابتسامة لم تجدها ووجدت عيناه المخيفتان تتفحص جسدها وفجأة صفعها على وجهها فوقفت مذهولة من رد فعله الغير مناسب للخبر، وبدأ زوجها يصرخ ويتهمها بالزنا والخيانة وأن هذا الجنين ليس له علاقة بزواجهما، لأنه لم يمارس الجنس معها بشكل مستمر، فحاولت الرد عليه لتؤكد أن الحمل لا يتوقف على عدد مرات ممارسة العلاقة الحميمة، ومن الممكن أن يحدث من المرة الأولى ولكنه ألقى بحديثها عرض الحائط وظل متمسكا باتهاماته، وبعد دقائق بدأ يهدأ ويلتقط أنفاسه وأخبرها على ضرورة تأكده من أن هذا الجنين ابنه بالفعل وصمم على إجراءها تحاليل طبية لإثبات النسب رغم أن ما في رحمها ما هو إلا كتلة دموية.
 
توجها سويا إلى الطبيب وطلبت «مروة» من الطبيب أن ينتظر زوجها في الخارج عند الكشف عليها وهو ما حدث بالفعل، ثم أخبرت الطبيب بعيون دامعة أنها تريد التخلص من الحمل خاصة أنها في الشهور الأولى، ومن السهل تنفيذ طلبها فتعجب الطبيب لتحول فرحتها فور سماع خبر حملها إلى غضب شديد وإرادتها في التخلص من مصدر فرحتها، وهى الكلمات التي قرأتها «مروة» في عيون الطبيب، فأخبرته بحقيقة ما حدث وأنها قررت إنهاء العلاقة الزوجية بالطلاق والتخلص من أي شيء يربطها بزوجها خاصة الجنين الذي من الممكن أن يرى العذاب على أيدي والده مثلما رأته طوال فترة زواجهما.
 
images
 
وافقها الطبيب ولكن طلب منها إجراء التحاليل المثبتة للنسب قبل الإجهاض حتى لا يظن الزوج أنها تخلصت من الحمل لخيانته له وإخفاء فضيحتها فوافقت «مروة» على الفور لأنها لم تفكر في الأمر جيدا من البداية بسبب غضبها الشديد، وبعد الانتهاء تماما خرجت «مروة» لزوجها وتطلب منه الطلاق أمام الجميع ومع وصول مساعد الطبيب بنتيجة التحاليل أمسكت بها وأعطتها لزوجها وأخبرته التحاليل تؤكد أنك والد الجنين الذي كان يحتضنه رحمها.
 
توقفت آذان زوجها عند كلمة «كان» فسألها عن سبب استخدام هذه الكلمة فأخبرته بتخلصها من الحمل وإرادتها في التخلص من هذا الرباط المقدس الذي عكر صفو حياتها وشكوكه المستمرة فب أخلاقها وأنها لن تقبل يوما أن يسمع طفلها أحاديث زوجها في شكوكه المبالغ فيه، وتركته وهي مرفوعة الرأس حابسة دموعها وفي كل خطوة تخطوها في طريق البعد تتذكر ما تنازلت عنه في سبيل هذا الزواج من اليوم الأول وحتى فقدانها طفلها الأول، وهنا فقدت السيطرة على دموعها فخرجت دون أن تدري ولكنها فوجئت بدموع كثيفة تظهر على وجهها فنظرت لأعلى فوجدت السماء تمطر وتغسل وجهها من الدموع، وكأن الله يحاول جبر خاطرها ومسح دموعها فرفعت يديها إلى السماء لتطلب من الله بداية جديدة تهون عليها ما مرت به ويلهمها القوة لطوي هذه الصفحة المريرة من حياتها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق