جريمة في الحي العثماني.. انتحار مدرس تركي بسبب تعيينات المعلمين بأنقرة

الإثنين، 11 فبراير 2019 01:00 م
جريمة في الحي العثماني.. انتحار مدرس تركي بسبب تعيينات المعلمين بأنقرة
انتحار - أرشيفية
منة خالد

نحو 50% من المعلمين الأتراك لا يستطيعون الحصول على الاحتياجات الأساسية من الطعام والشراب، وتأهيل أبنائهم بشكل متزن يتماشى مع ظروف الحياة، ويعجزون إلى توفير الملابس لأبنائهم، بسبب عدم كفاية رواتبهم،  يمرون بمشاكل معنوية ونفسية داخل أسرهم، ويجدون صعوبة في المعيشة بسبب الإيجار والديون ما يجعلهم يفتقدون الاستقرار في الحياة الاجتماعية.

تحدث اتحاد المعلمين التركيين عن الظروف التي دفعت أنصاف أعداداهم غلى العزوف لمهن أخرى، تلك الظروف التي فرضها النظام التركي على المعلم والتي أفقدته الاهتمام بالشق الإبداعي في حياته لينعكس ذلك على أفكارهم.

حكومة العدالة والتنمية مازالت تفضح سياسة أردوغان تجاه كوادر بلاده العلمية، وتتطويق رقابهم بالبطالة، واستغلال عجزهم وضياع فُرض تعيينهم، حتى تكررت حوادث انتحار المعلمين في تركيا بشكلِ لفت أنظار الصحف العالمية، عن مُسببات هذه الخطوة التي يتخذها المعلمين الأتراك.. ولماذا مُفارقة الحياة ؟

ليل بوزكورت، المُنتحر يوم السبت لم يكن المعلم الأول، بل حصل على الرقم 43 على قائمة الذين تخلصوا من حياتهم بسبب استبعاد حكومة أردوغان لعملية تعينهم، رغم حصول 20 ألف معلم مقربون من الحزب الحاكم على الوظيفة يوم السبت، فيما ينتظر نصف مليون معلم لم يشملهم القرار مصيرا مجهولا في ظل سياسة المحسوبية والفساد.

"اعتنوا جيدًا بكلابي" .. كانت هذه آخر كلمات معلم اللغة الإنجليزية خليل مصطفي بوزكورت الذي شنق نفسه في منزله بالقرب من جسر تشومار في مقاطعة تشوروم، ووفقا لما نشرته صحيفة "بيرجون" التركية اليوم الأحد، كتب أحد أصدقائه على موقع "أخبار المعلمين": "إنه كان ينتظر خطاب التعيين منذ سنوات"

في نوفمبر الماضي، قام اتحاد المعلمين التركي بدراسة رصد فيها ما وصل إليه حال المدرسين من بؤس، اعتمد فيها على لقاءات مع أكثر من 60 ألف معلم في 23 إقليما، أكدوا انخفاض جودة التعليم في المدارس الحكومية، بينما اعتبر 46% منهم  أن الحل يكمن فى إيقاف إغلاق المدارس واعتقال المدرسين والمطالبة بالحقوق الضائعة للعاملين بوزارة التعليم.

3
ليل بوزكورت .. أخر المعلمين المنتحرين 


5000 معلم بلا عمل

توالت واقعة الانتحار التي شهدتها وزارة التربية والتعليم التركية، مع وجود معلمون بلا عمل يصل أعدادهم إلى 5 آلاف معلم، إذ علّق رئيس نقابة اتحاد المعلمين فيراي أيتيكين أيدوغان، على الواقعة قائلا "يكفي إلى هذا الحد ..على السلطة أن تتخذ الخطوات اللازمة بوعي وإصرار لحل مشكلة عدم تعيين المعلمين الذين وصل عددهم إلى نصف مليون"، لافتا إلى أن ميزانية الدولة تدعم المدارس الخاصة والمؤسسات الدينية، فيما تدعي الحكومة أن عجز الموازنة السبب في عدم التعيين، حسب مواقع تركية.


اولوية التعيين لأنصار إردوغان

شن نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري ولي آغا بابا هجوم عنيف على مبادرة تعيين المعلمين الجدد، قائلا: "اختبارات القبول تشهد جملة من الانتهاكات لا يمكن التغاضي عنها. القائمون عليها يمنحون الأولوية لأنصار حزب العدالة والتنمية".

آغا بابا كشف وجود تمييز في مقابلات المتقدمين، إذا قال " تم تصفية المرشحين لوظائف المعلمين خلال اختبارات موظفي الحكومة، وتجري معهم مقابلة مدتها 3 دقائق، يسألون فيها من هو الرئيس؟".

تابع: من يجتاز الاختبار التحريري بنسبة 80% يجري مقابلة مدتها 3 دقائق، معقبا "هذا انعدام ضمير، المعلمون ينفقون عمرهم للحصول على درجة عالية في الاختبار التحريري، فيما يتحولون في نهاية الأمر إلى ضحايا للحزب الحاكم الحريص على توظيف رجاله في القطاع الحكومي".

سياسات قمع بائسة على المعلمين

المعلم لا يتحمل نتائج سياسات النظام وحده، فقد تكبدت المنظومة التعليمية كلها خسائر فادحة وتراجعت تركيا في التصنيفات الدولية، ونشرت منصة الاقتصاد الدولية تقريرا بعنوان "جودة التعليم 2018" يكشف تراجع أنقرة إلى المركز 99 بين 137 دولة في جودة التعليم بعدما حصلت على 3.1 نقطة من 7 نقاط يدور حولها التقييم.

الإبداع والتقدم العلمي جاء على قائمة الخسائر جراء التضييق واعتقال المدرسين وتراجع أحوالهم الاقتصادية والاجتماعية، ففي عام 2016 توقف نشر الأبحاث والمقالات العملية ولم تتقدم جامعة واحدة بطلب اختراع، وفي عام 2017 تراجعت إلى المركز 58 في تصنيفات دراسات العلوم، ويحذر خبراء تعليم ومؤسسات دولية من تفاقم الوضع أكثر حال استمرار تلك سياسات القمع البائسة.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق