معركة تطهير إدلب من الإرهاب أوشكت.. لكن هناك تحديات

الجمعة، 22 فبراير 2019 09:00 م
معركة تطهير إدلب من الإرهاب أوشكت.. لكن هناك تحديات
إدلب
محمد الشرقاوي

 
تتجه المؤشرات على الساحة السورية، إلى قرب معركة إدلب- أخر معاقل التنظيمات الإرهابية- في ظل الحرص الروسي، في الوقت الحالي، على طرح قضية إدلب، بشكل يعزز من احتمالات التدخل العسكري، حيث تؤكد موسكو أنه لا بديل له عن ظل ذلك في ظل توقف الحل السياسي واتفاق سوتشي.
 
ويرى مراقبون أن النقاط العشر للاتفاق، لم يلب الغرض منه على مدار خمسة أشهر، مع السيطرة الميدانية للتنظيمات الإرهابية، دون أن تتخذ تركيا خطوات إجرائية رغم تلويحها بردع من يهدد الاتفاق أكثر من مرة، وهو ما فرض عليها التوافق، ظاهريًا، مع الأطراف الأخرى التي تتفاهم معها حول القيام بعمل عسكري في إدلب. ورغم ما يواجه هذا الخيار من تحديات وما سيفرضه من تداعيات، إلا أنه بات السيناريو الذي يفرض نفسه مرحليًا على الساحة السورية. 

فشل سوتشي
 
مركز المستقبل للدراسات المتقدمة، قال في عرض بحثي، بعنوان: "الخيار الأخير: تأثير معركة إدلب على مسارات الصراع السوري"، عرض فيها آخر تطورات الأوضاع في تلك المنطقة، في ظل تحديات تواجه "اتفاق سوتشي" الذي تم التوصل إليه في 17 سبتمبر 2018، قائلًا إن موسكو لا تقر بفشل اتفاق سوتشي بشأن إدلب، فعنوان قمة سوتشي الرابعة، التي عقدت في 14 فبراير الجاري وهيمن خلالها ملف إدلب على محاور المحادثات الثلاثية بين موسكو وأنقرة وطهران، ركز على أن الاتفاق كان مؤقتًا وأنه تعثر.
 
وأوضح العرض البحثي أن المرحلة الإقرار بالفشل الضمني في المرحلة الرابعة خلال الشهر الجاري، في محاولة للهروب من الإقرار بفشله في تحقيق أهدافه، لا سيما مع إظهار مدى سيطرة التنظيمات الإرهابية على الأوضاع، بشكل يُفرِغ الاتفاق من مضمونه باعتبار أنه أعلن لتأسيس منطقة خفض التصعيد، على نحو جعل الرئيس الروسي فيلاديمير بوتين يؤكد على أنه أمر لا يمكن التسامح معه، وأن الاتفاق لا يمكن أن يقوض جهود مكافحة الإرهاب في سوريا، وهو السياق ذاته الذي اتفق معه الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي أشار، خلال اجتماع سوتشي الأخير، إلى أن "هيئة تحرير الشام"، التي تهيمن عليها "جبهة النصرة"، حالت دون تطبيق الاتفاق بالكامل، لافتًا إلى ضرورة أن تضاعف طهران وموسكو وأنقرة جهودها لتنفيذه.
 
وعرض المركز احتمالات التحرك للأطراف الفاعلة على الساحة السورية بشأن إدلب، قائلا إنه في ضوء هذا التصور الميداني ورؤية أطراف سوتشي لتقييم حالة الاتفاق، أصبح من الصعوبة بمكان استمراره، الأمر الذي أشار له المتحدث باسم الرئاسة الروسية ديميتري بيسكوف، في مع صحيفة "حرييت" التركية، إذ كشف عن أن العملية العسكرية في إدلب أصبحت أمرًا حتميًا، مشيرًا إلى صعوبة التعويل على الإرهابيين في صفقة معهم في إدلب، حيث قال: "يجب ألا نأمل في التوصل إلى اتفاق مع التنظيمات الإرهابية، هذا أمل كاذب فهم إرهابيون، هم "جبهة النصرة"، أبناء "القاعدة" مهما غيروا من تسمياتهم".

الوضع في إدلب 
ويمثل الوضع في محافظة إدلب تحديا للقوات السورية المدعومة روسيا وإيرانيا، في حال اتخذت قرارا ببدء المعركة، يتمثل أبرزها في «أوضاع المدنيين»، حيث تضم إدلب ما يقرب من 3 مليون نسمة، على نحو دفع أطرافًا عديدة إلى التحذير من التداعيات التي يمكن أن يفرضها التدخل العسكري على المدنيين، بحسب المركز. 
 
يضيف أنه انطلاقا من ذلك، اتجهت روسيا إلى توجيه رسائل بأن التدخل العسكري سيعتمد على آلية "الخطوة خطوة" وليس القصف الشامل على النحو الذي جرى في الرقة، بما يعني أنها ستحاول تجنب التداعيات التي يمكن أن تفرضها العملية العسكرية على المدنيين، مشيرًا إلى أنه حتى في حال افتراض تجنب القوات المشتركة التي يمكن أن تشن تلك العملية، فإن التنظيمات الإرهابية أذرع «القاعدة»، ستحاول استغلال ورقة المدنيين، وهو احتمال لا يبدو مستبعدًا، لا سيما بعد أن كشفت تقارير دولية عديدة عن توسع تلك التنظيمات في استخدام الألغام، بشكل يمكن أن يتسبب في خسائر بشرية كبيرة.  
 
ومن بين التحديات، «تباين الموقف تجاه الإرهابيين»، يقول المركز إن تركيا لم تبد خلال شهور سريان الاتفاق، أي ردود فعل جادة حيال الانتهاكات التي ارتكبتها تلك التنظيمات، حيث اكتفت بالتلويح بأنها لن تسمح بتكرار أى منها وهو ما لم يحدث في النهاية، مضيفًا أن الخلاف الأهم ربما يظهر حول الموقف من مشاركة المعارضة المسلحة في العملية المحتملة، إذ لم تكتف موسكو وطهران بالتحفظ على أى دور محتمل لتلك الأطراف في هذه العملية، وإنما دعت إلى ضرورة تكريس سيطرة القوات النظامية السورية على كافة الأراضي السورية، على نحو يعني أن تلك القوات سيكون لها دور سواء في العمليات العسكرية أو خلال المرحلة التالية عليها، وهو ما لم تقبل به أنقرة.
 
وأبرز التحديات «الوضع في شرق الفرات»، أشار المركز إلى أن الانتهاء من العمليات العسكرية في شرق الفرات والإعلان عن هزيمة تنظيم داعش، بالتزامن مع الانسحاب الأمريكي منها، سيفرض على الأطراف المعنية طرح رؤيتها لخطة الانتشار وترتيبات الأمن في تلك المساحات، وهو ما قد يؤثر على التحرك العسكري في إدلب، خاصة في ضوء الاهتمام التركي بمنع الميليشيات الكردية، من محاولة استغلال دورها في الحرب ضد التنظيم، لتحقيق مكاسب استراتيجية في المرحلة القادمة.
 
وانتهى المركز إلى أنه يمكن القول بإن احتمال نشوب معركة إدلب في المرحلة القادمة يتزايد تدريجيًا، لا سيما بعد أن تحولت، في رؤية اتجاهات عديدة، إلى ما يشبه "خزان التنظيمات الإرهابية"، التي تسيطر على أغلبها، وهو ما يشير إلى أنها ربما تكون المعركة الأعنف في الصراع السوري، خاصة بالنسبة لروسيا وحلفائها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق