بعد إعلان محمود نظمى قتل طفليه..متى يكون الإعتراف «سيد الأدلة»؟

الأحد، 17 مارس 2019 07:00 م
بعد إعلان محمود نظمى قتل طفليه..متى يكون الإعتراف «سيد الأدلة»؟
المتهم محمود نظمى
علاء رضوان

«محمود نظمى»..الإسم الذى تردد على ألسنة المصريين خلال الفترة الماضية وهو المتهم    بقاتل طفليه ريان ومحمد بقرية ميت سلسيل والمشهورة إعلاميا بقضية «عصافير الجنة» وإلقائهم أحياء من أعلى كوبرى فارسكور التابعة لمحافظة دمياط فى أول أيام عيد الأضحى الماضى.

«نظمى» قاتل طفليه اعترف، اليوم، أمام المحكمة بعد أن خدع دفاعه والبسطاء من المتعاطفين معه بجريمته، وسط ذهول من دفاعه ومن الجميع بعد أن جاء تقرير ابحاث التزييف والتزوير ليؤكد أن الرسالة كانت بخط يديه التى وصفها المراقبون بـ«اليد القذرة». 

201808270937523752

وقال نظمى، خلال جلسة محاكمته اليوم الأحد، أمام محكمة الجنايات بالمنصورة برئاسة المستشار نسيم بيومى: «أنا من قام بقتل أبنائى وإن لله وإنا إليه راجعون»، وكانت هذه المرة الأولى التى يعترف فيها محمود نظمى أمام هيئة المحكمة بارتكاب الجريمة، حيث وجه القاضى السؤال مرة أخرى لمحمود نظمى بعد سماع قرر الإحالة، ما رأيك فيما سمعت فردد قائلاَ: «ايوة يا فندم، أنا عملت كدة»، مما أدى لحدوث حالة من الهرج، فاضطر القاضى بتوجيه تحذير بحفظ الأمن داخل القاعة.

وفى تلك الأثناء، أصيبت أسرة المتهم بحالة من الصدمة، بعدما اعترف لأول مرة أمام هيئة المحكمة بارتكابه بجريمة قتل طفليه ريان ومحمد، وطلب القاضى من النيابة التعقيب على طلبات الدفاع، فأكد بأن المتهم اعترف اعترافا كاملا ومثل الجريمة، كما أنه كتب «جواب» لزوجته يعترف فيه بارتكاب الجريمة، وأكد خبراء الخطوط بأن الخط هو لمحمود، وطالبت النيابة العامة بتوقيع أقصى العقوبة على المتهم وهى الإعدام شنقا.

وفى الواقع أن الذى فصل فى قضية محمود نظمى هو الإعتراف الذى يُطلق عليه فى القانون بـ«سيد الأدلة» وبذلك تكون حُسمت المسألة خاصة أمام المشككين والمضللين، ولكن يبقى السؤال متى يكون الإعتراف سيد الأدلة؟ وهل هناك حالات لا تأخذ فيها المحكمة بالإعتراف؟ 

20180826010326326

يقول الدكتور أحمد الجنزورى، أستاذ القانون الجنائى والمحامى بالنقض، أنه يقصد بالإعتراف إقرار المتهم على نفسه بالتهمة المنسوبة إليه، لذلك لا يُعد من قبيل الاعتراف أقوال المتهم على شخص أخر في نفس الدعوى، بل يُعد من قبيل الشهادة، وليس من قبيل الاعتراف، أيضا تسليم محامي المتهم بصحة إسناد التهمة إلى موكله متى كان المتهم نفسه منكرا لها.

الاعتراف سيد الأدلة

وينبغي أن ينصب الاعتراف – بحسب «الجنزورى» في تصريح لـ«صوت الأمة»- على الوقائع المكونة للجريمة كلا أو بعضًا، فإقرار المتهم ببعض الوقائع التي لا تتعلق بالجريمة لا يعد اعترافًا، كما لا يعد اعترافًا أيضا إقرار المتهم بصحة التهمة المنسوبة إليه من دون إقراره صراحة، بارتكابه الأفعال المكونة لها بغض النظر عن الوصف القانوني للواقعة الذي تسبغه عليها سلطة التحقيق أو الحكم، كما أنه يجب أن يكون الاعتراف متعلقًا بالواقعة الاجرامية ذاتها لا بملابساتها المختلفة، كما إذا اعترف المتهم بأنه كان على علاقة مشبوهة بالمجني عليها، من دون أن يعترف بقتلها فيجوز للمحكمة، هنا أن تستند إلى اعترافه بأنه على علاقة غير مشروعة بالمجني عليها، كباعث لقتلها من دون أن يعد ذلك اعترافا بالمعنى القانوني.

والاعتراف قد يكون كاملا وهو الذي يُقر فيه المتهم بصحة إسناد التهمة اليه، كما صورتها ووصفتها المحكمة وقد يكون الاعتراف جزئيا في الأحوال التي يقر فيها المتهم بإتيانه سلوكا يندرج في جزء منه تحت التهمة المنسوبة إليه، حتى لو أورد في أقواله من الوقائع التي تنفي المسألة الجنائية، ويكون الاعتراف جزئيا كذلك إذا أقر المتهم بارتكابه الجريمة، ولكن في صورة مخففة تختلف عما هو منسوب إليه، كما لو كانت التهمة المنسوبة إليه هي القتل العمد، فيعترف بأنه قتل المجني عليه خطأً – الكلام لـ«الجنزورى». 

20180825030949949  

ويعد الاعتراف قديما هو سيد الأدلة، وأقواها دلالة على الحقيقة، وهو كذلك في الوقت الحاضر لا يزال يتمتع بتلك القوة في الإثبات، فهو يعد من أقوى الأدلة تأثيرًا في نفس القاضي، وإدعاها إلى اتجاهه نحو الإدانة إذ ليس هناك من دليل أقوى على المتهم من إقراره على نفسه بالجريمة، حيث أن الاعتراف بوصفه دليلًا من أدلة الإثبات يخضع لتقدير المحكمة انطلاقًا من حريتها في الاقتناع –هكذا يقول «الجنزورى».

قانونى آخر

ويؤكد محمد الصادق، أنه للمحكمة إذا توافرت للاعتراف شروط صحته، أن تستند إليه كدليل في الدعوى متى ما اطمئنت إليه، ولها ألّا تأخذ به على الرغم من ذلك إذا لم تطمئن اليه، وقد نصت الفقرة (د) من المادة 181 من قانون الأصول الجزائية، على أنه: «اذا اعترف المتهم بالتهمة الموجهة إليه واقتنعت المحكمة بصحة اعترافه، وبأنه يقدر نتائجه فتستمع إلى دفاعه، وتصدر حكمها في الدعوى بلا حاجة إلى دلائل أخرى، أما إذا إنكر التهمة أو لم يبد دفاعه أو أنه طلب محاكمته أو رأت المحكمة أن اعترافه مشوب أو أنه لا يقدر نتائجه أو أن الجريمة معاقب عليها بالاعدام فتجري محاكمته»، واستنادًا إلى النص المذكور فإن المشرع أجاز للمحكمة أن تأخذ بالاعتراف وحده، من دون الحاجة إلى أدلة أخرى في جميع الجرائم ما عدا الجرائم المعاقب عليها بالاعدام. 

201810250555475547

ووفقا لـ«الصادق» فى تصريحات خاصة، إذا كان الاعتراف دليلًا من أدلة الدعوى، يخضع للسلطة التقديرية للمحكمة فلها أن تأخذ به أو لا غير أنه يشترط فيه لكي يجوز للمحكمة الأخذ به أن يكون صادراً أمام قاضي التحقيق أو المحكمة نفسها أو أمام محكمة أخرى في الدعوى ذاتها، حتى وإن عدل عنه المتهم بعد ذلك، كما يجوز الأخذ به إذا كان صادرًا أمام المحقق، شرط أن تثبت المحكمة بالدليل المقنع أنه لم يكن للمحقق وقت كاف، لإحضار المتهم أمام القاضي لتدوين اعترافه، وبوصف الاعتراف عنصرًا من عناصر الدعوى وأن للمحكمة تقدير قيمته التدليلية، فإن لها أن تجزئ هذا الاعتراف وتأخذ ما تطمئن إلى صدقه منه وتطرح سواه مما لا تطمئن إليه.

ونصت على ذلك المادة 219 من قانون قانون اصول الإجراءات الجنائية حيث جاء فيها: «يجوز تجزئة الاقرار والأخذ بما تراه المحكمة منه صحيحا وطرح ماعداه غير انه لا يجوز تأويله أو تجزئته إذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى»، وهذا يعني انه وإن كان من حق المحكمة أن تجزئ الاعتراف كمبدأ إلا أن ذلك غير جائز إذا كان هو الدليل الوحيد في الدعوى. 

31159-2018_10_23_18_43_6_782

 ٨ حالات لايكون فيها «الاعتراف سيد الأدلة»

فيما تقول هيام محمد الخبير القانونى والمحامية أن الاعتراف دليل الإثبات الأول في ترتيب أدلة الإثبات الجنائية، ولكن هل الاعتراف سيد الأدلة كما يقال؟،  فيجب أن لا نبالغ كثيرا في تقدير قيمة اعتراف المتهم بالجريمة، فقد تكون هناك دوافع كثيرة قد تسوق المتهم إلى الاعتراف.

ووفقا لـ«محمد» فى تصريحات خاصة هناك ٨ حالات حددها المشرع و التي تحكم تقدير المحكمة للإعتراف كدليل وهي:

 1- قد ترى المحكمة كفاية الاعتراف، وتتجه إلى مطابقته بباقي الأدلة، فإذا ناقض الاعتراف الأدلة الأخرى كان للمحكمة طرح الاعتراف والالتفات عنه.

2- للمحكمة أن تأخذ بالاعتراف أو لا تاخذ به سواء أصر عليه المتهم أو عدل عنه.

3- على المحكمة أن تبين رأيها في الاعتراف إذا لم تأخذ بة وإلا كان الحكم معيبا.

4- للمحكمة البحث في صحة ما يدعيه المتهم فقد يكون الاعتراف وليد الإكراه.

5- يكفي أن تتشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم لتبرئته حتى مع اعترافه.

6- متى تحقق للمحكمة صحة الاعتراف فلها أن تأخذ به كدليل إدانة.

7- بطلان الاعتراف متى كان وليد الإكراه سواء كان ماديا أو معنويا.

8- لمحكمة الموضوع أن تأخذ بجزء من الاعتراف بما يتفق مع وقائع الدعوى.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة