ثورة 30 يونيو واستعادة الوعى المصرى

الأربعاء، 26 يونيو 2019 08:37 م
ثورة 30 يونيو واستعادة الوعى المصرى
سعيد محمد أحمد

 
بحلول الذكرى السادسة لإحتفالات "ثورة 30 يونيو" الجارى، استعادت فيها مصر والمصريين جميعا الروح والأمل وعودة الحياة فى ثوبها الجديد بتصحيح الوعى الحقيقى لهم، والذى تم تزييفه بشكل ممنهج ومنمق كان محل خداع للملايين بعد فترة ظلامية امتدت لأكثر من ثلاث سنوات، عاشت مصر خلالها فترة من أحلك وأصعب الفترات التى مرت على تاريخها، واختلطت فيها القيم الأنسانية والأخلاقية والدينية، وتاهت فيها كل المعايير والضوابط والقواعد لتسود روح الكراهية والانتقام والتشفي والمصالح الشخصية، من قبل بعض من تصورا أنفسهم أوصياء على مصر وشعبها.
 
حقيقة الأمر عاش الجميع ودون استثناء فترة ضبابية، وباتت مصر رهينة للفوضى والأنفلات الأمنى، والخضوع لشراذم من العصابات الإرهابية التى فرضت سطوتها على الشارع المصرى فى مختلف المحافظات، وتعرض فيها من تعرض لصنوف الأبتزاز والتعدى المسلح أينما كانوا، واستثمرت فيها جماعة الأخوان الإرهابية خطتها الكاملة فى التمكين من الدولة المصرية بالوعيد وبالتهديد باحراقها اذا لم يتم لهم المراد، وهو الإستيلاء على مصر .
 
ومع دخول مصر مرحلة جديدة من التوتر السياسى الذى تصاعد يوما بعد يوم نتيجة افتعال تلك الجماعة المارقة أزمات متتالية مع مؤسسات الدولة كالقضاء، واقصاء النائب العام، ومحاصرة المحكمة الدستورية العليا، وإصدار اعلانات دستورية، وتقزيم علاقات مصر مع دول بعينها داعمة لهم  تحديداً تركيا وقطر، مع تراجع علاقاتها بالدول المحورية مع عالمها العربى، فضلا عن المعالجة الفاشلة لملف سد النهضة، وبؤس الأوضاع الداخلية التى تأثر بها المواطن المصرى فى حياتة اليومية، وافراجهم عن قيادات متطرفة من عناصر الإرهاب والسماح لهم باستقطاب الهاربين من "سوريا وليبيا" وبالتواطؤ مع ميلشيات حماس بالتوطين فى سيناء سعيا لاقامة  "إمارة إسلامية".
 
وشهدت مصر بالتزامن ما يجرى داخليا، استقطابا سياسيا مرعبا ومهولا من قوى خارجية دولية وعلى رأسها امريكا وعددا من الدول الأوربية فى مقدمتهم بريطانيا صاحبة الفضل فى تأسيس تلك الجماعة الإرهابية منذ عام 1929 بهدف تقسيم المنطقة فى المنظور الطويل، وهو ما نشاهده اليوم فى تدمير عددا من الدول العربية الشقيقة التى راحت ضحية أكذوبة كبيرة طالما تغنى بها الغرب بفكرة الديمقراطية وحقوق الانسان، وذلك على خلاف الحقيقة، وهى السيطرة على المنطقة وعلى شعوبها وثرواتها مدعومة من قوى داخلية مدعية الثورية ودون أن يتكلف الغرب دولارا واحدا فى هدم تلك المنطقة .
 
تلك هى الحقيقة التى قد يراها البعض مقبوله عن قناعة، والبعض الأخر يرفضها لأسباب غير مبررة فى ظل حالة استقطاب شديد تبين فيما بعد أنه استقطابا معلبا وجاهزا بالأدوار والشخوص المسند لها القيام بتنفيذ ذلك "المخطط الشيطانى" الداعى لمزيد من التقسيم والإنقسام  والتصنيف والاحتقان، وجرى كشفه بالكامل للرأى العام المصرى والعربى والدولى، ليتفهم العالم حقيقة تلك الأمور، والتى استثمرت فيها تلك الجماعة الأرهابية كل شى قبيح ودموى لصالحهم منذ أحداث يناير 2011 فى مشاهد رخيصة وجرائم مؤثمة جرى توثيقها بالصوت والصورة والمتاجرة بدماء الضحايا الذين سقطوا فى العديد من المدن المصرية.
 
فيما جاءت ثورة 30 يونيو فى أعقاب فترة حرجة من تاريخ مصر فى شكل نفير عام، وهتافات وطنية هزت أركان مصر منطلقة من حناجر الملايين من المصريين لتهبط كالصاعقة من السماء على تلك الجماعة وقيادتها الظالمة والمخربة للكثير من العقول الشابة التى سارت فى ركابها دون وعى، وتاجرت فيها بعقولهم باسم بالدين على خلاف حقيقة وطبيعة الشعب المصرى السمحة.
 
ومع استمرار صواعق المصريين التى الهبت وحرقت تلك الجماعة وقيادتها، ودون أى تدخل خارجى أو حسابات معدة سلفا ينقلب شعب مصرفى ثورة عارمة معلنة وصريحة بخروج الملايين " 30 مليون مصرى ويزيد " دون حساب لأى شىء سوى الحفاظ على الوطن والأرض، وفى توقيت واحد ومن باب واحد من مختلف المدن المصرية مطالبين باستعادة دولتهم ووطنهم المختطف من جماعة ارهابية شيطانية خططت على مدى أكثر من 80 عاما  للإستيلاء على الحكم، لاسقاطهم وحرق مخططهم الجهنمى فى ليلة واحدة لينتهى حلمهم الكريهه والى الأبد، كما انتهى حلم مؤيدهم وداعمهم السلطان الموهوم اردوغان فى استعادة خلافته العثمانية.
 
ورغم أن القوات المسلحة المصرية بتاريخها المشرف ومهنيتها العالية ومهامها الأولى الدفاع عن مصر ضد أعدائها، كان جليا دورها الوطنى للقاصى والدانى ولازال حماية أمن مصر الداخلى بالتعاون مع الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، وخاصة فى تلك المرحلة الدقيقة والحرجة التى تمر بها المنطقة والعالم، والتى شهدت تدهورا مخيفا في ظل حكم تلك الجماعة، وحاولت القوات المسلحة من جانبها مرارا وتكرارا حفاظا على كيان الدولة المصرية وشعبها احتواء كل أزمة  مضحية من أجلة بالغالى والنفيس، ولتعلن فى بيانها يوم ١ يوليو إمهال القوى السياسية 48 ساعة لتحمل أعباء الظرف التاريخي، وفي حال لم تتحقق مطالب الشعب خلال هذه المدة فإن القوات المسلحة ستعلن عن خارطة مستقبل وإجراءات تشرف على تنفيذها.
 
كان اعلانا كاشفا، وبمثابة الترياق لملايين المصريين تلقفوه بكل الدعم والتأييد والفرحة والدعاء بالنصر على تلك الجماعة الضالة والمضللة، ومرحبة بقائدها البطل الفريق أول عبد الفتاح السيسى وزير الدفاع " انذاك" والجيش العظيم الذى حمل عبء المسؤولية فى تلك المهمة المحفوفة بالمخاطر .
 
وجاءت دعوة الفريق أول السيسى فى 3 يوليو 2013  استجابة لمطالب أكثر من "30 مليون" من الشعب المصرى خرجوا فى كل الميادين رافضين حكم تلك الجماعة الأرهابية وإنهاء حكمها، وتسليم السلطة لرئيس المحكمة الدستورية العليا، لحين إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، لتنطلق احتفالات الملايين من المصرين في كل ميادين المحروسة .
 
وبالرغم من أن مدة تلك الجماعة المارقة كانت قصيرة امتدت لعام واحد فقط، إلا أنها كانت بالنسبة لمصر تاريخا طويلا من العذاب والقهر النفسى والضبابية ، ليقوم شعب مصرباحراق مقرات تلك الجماعة الشيطانية، التى سعت فسادا فى الأرض، ولتتوالى فضائحها التى أصابت المصريين بالدهشة والذهول من هول ما كانوا يدبرون لهم.
 
ومع مرحلة جديدة من التطهير دخلت مصر فى مواجهه حاسمة وحازمة تجاه كل من يرفع السلاح فى وجه المواطن والدولة المصرية فى ظل قيادة رشيدة وواعيه كانت قراءتها لمستقبل لمصر وللمنطقة صحيحة، مما استوجب اتخاذ إجراءات دفاعا عن الدولة المصرية فيما تواجهه من مخططات لإفشالها وإسقاطها، والدخول بكل قوة وعنف  لمحاربة واقتلاع جماعات الأرهاب والتى تؤيدها وتدعمها جماعة الأخوان وتنظيمها الدولى الارهابى على شعب مصر، و بمساعدة وتمويل خارجى معلوم جيدا للجميع.
 
ست سنوات متواصلة، ومصر تحارب الأرهاب نيابة عن العالم، ودون دعم أو مساعدة، ولا زالت تخوضها بسواعد أبطالها من قوات الجيش البواسل وقوات الشرطة الأوفياء، وحققت انجازات ونجاحات عديدة بتمكنها من فرض سيطرتها التامة والكاملة على كل شبر من أرض مصر سحقت خلالها العديد من العناصر الأرهابية  وقيادتها الشاردة فى كل مكان تتواجد فيه كالفئران وإبادتها جميعا دون رحمة فداء وكرامة لشهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم من أجل الحفاظ على الوطن وأمنة واستقراره فى الوقت الذى لم تتوقف فيه مصر عن المضى قدما فى مسار التنمية الإقتصادية وتنفيذ المئات من المشاريع العملاقة فى مختلف محافظات مصر دون استثناء .
 
ولتصبح الذكرى السادسة من ثورة 30 يونيو بحق قرار مصريا شعبيا لتصحيح مسارات عديدة مما جرى في أحداث يناير 2011، كان أهمها وأعظمها استراد الشعب لأهمية وقيمة عودة الوعى المصرى بأهمية الوطن والأرض والذى تم تزييفه من قبل جماعة أرادت اختطافه لمئات السنين للوصول إلى السلطة،  إلا أنهم وصلوا جميعا بالفعل أفرادا وجماعات وقيادات إلى مستقرهم الأول فى السجون.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق