تالتة ثانوي 2020

الثلاثاء، 26 نوفمبر 2019 08:30 ص
تالتة ثانوي 2020
حسين عثمان يكتب:

تداولت الصحف والمواقع الإلكترونية الأيام القليلة الماضية، تصريحات منسوبة لمصادر بوزارة التربية والتعليم، تفيد بتفعيل رابط إلكتروني لمراقبة غياب طلاب الثانوية العامة عن الحضور بالمدارس، كما تشير إلى استعداد المدارس الثانوية، لإجراء امتحانات الفصل الدراسي الأول إلكترونياً، لطلاب الصفين الأول والثاني الثانوي، والمنتظرة في الحادي عشر من يناير القادم، والحقيقة أن مثل هذه التصريحات، أتقبلها بكثيرٍ من الدهشة، لا يواكبها إلا المزيد من الحزن والأسى، فهي لا تعني في مجملها، إلا حالة انفصال تام عن الواقع، يعاني منها المسئولون في وزارة التربية والتعليم ويتيهون فيها، فهم في معظم الأحوال في وادٍ، والمدارس جميعها ومديروها ونُظارها ومدرسوها وطلابها في وادٍ آخر.

فيما يتعلق بطلاب الثانوية العامة، مر الآن أكثر من شهرين على بداية العام الدراسي رسمياً في المدارس، بينما مرت قُرابة الأربعة أشهر على موسمهم الدراسي الخاص، وقد بدأوه مطلع أغسطس الماضي بمراكز الدروس الخصوصية المنتشرة بطول البلاد وعرضها، يومهم الدراسي فيها يبدأ في نفس مواعيد المدارس صباحاً، هناك تجد الطلاب بأعداد كبيرة ولكن تحت السيطرة من خلال مجموعة مساعدين للمدرس، الجدية والانتظام والاجتهاد والمذاكرة وتحقيق حدود دُنيا لا تقل عن 70% في الامتحانات الشهرية والاختبارات الأسبوعية كشرط أساسي للاستمرار في الحضور، جميعها مقومات أساسية لعمل هذه المراكز، وأنا هنا لا أدافع عنها بقدر ما أقر واقع أنها تقوم مقام المدارس.

أما طلاب الصفين الأول والثاني الثانوي، فحتى الآن ونحن على مرمى عدة أسابيع من امتحانات الفصل الدراسي الأول، الذي يصرح المسئولون في وزارة التربية والتعليم، بإجراء امتحاناته بالمدارس إلكترونياً، فإن طلاب الصف الثاني الثانوي عالقون بين سماء التكنولوجيا المواكبة لعقلياتهم، وأرض العقليات النمطية المضادة لتيار التغيير، وطلاب الصف الأول الثانوي لم يتسلموا بعد أجهزة التابلت الخاصة بهم، والتي أفاد مسئولو وزارة التربية والتعليم قبل بداية العام الدراسي، بتوافرها بين أيدي الطلاب مطلع نوفمبر الحالي، وهو بكل أسف ما لم يتحقق، وبعدما يتسلمونها حتماً سوف يواجه طلاب الصف الأول، نفس تحدي طلاب الصف الثاني، في التعامل مع مضادات التغيير الحيوية بمدارسهم.

حالة اللاوعي التي يعيشها بعمق المسئولون في وزارة التربية والتعليم، تمتزج دائماً بغياب الحس السياسي عن أقوالهم وأفعالهم، وهو الحس الواجب توافره في كل من يعمل فيما يمس بشكل مباشر مصالح وأوضاع الأسرة المصرية، كل كلمة "طق حنك" من أيٍ من هؤلاء المسئولين "غير المسئولين" تخلق حالة من عدم الاستقرار، وتسبب إزعاجاً وقلقاً الأسرة المصرية في غنى عنه، وهي فيها ما يكفيها، مثل هؤلاء المسئولين هم في الواقع عبء على الدولة المصرية، وفي تقديري يعملون ضد مصالحها، ويسيئون إلى توجه الدولة نحو حياة أفضل في كافة المجالات، كما يعبثون في مساحة الثقة بين الدولة والمواطنين، أضرار هؤلاء أكثر من منافعهم.

"تالتة ثانوي 2020" هو اسم صفحة على الفيسبوك، أنشأها طلاب الثانوية العامة دفعة هذا العام، عدد المتواصلين عليها يتجاوز 325 ألف متابع، ومن خلالها يتعامل طلاب دفعة هذا العام بهدوووووء وبساطة وروح الفكاهة، مع شبح اسمه "الثانوية العامة" لطالما كان هاجساً مؤرقاً للأسرة المصرية سنوات طويلة، ولا أبالغ إذا أكدت أنهم نجحوا نفسياً في ترويضه، إذا فكر المسئولون في وزارة التربية والتعليم في التفاعل مع الصفحة، قد يتعافون من غفوتهم، يمكن يقدروا يفهموا جيل عايش عصره بلغة وأدوات ومنهج مختلف تماماً، ولا نملك إلا دعمهم والدعاء لهم بالتوفيق، وربنا يعافينا من مسئولي وزارة التربية والتعليم، وأمثالهم في كل مواقعنا الحكومية.            

 

      

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق