نهاية غير سعيدة لفتاة

الخميس، 18 فبراير 2021 04:45 م
نهاية غير سعيدة لفتاة
آمال فكار

 
كل الدلائل تقول أنها كانت تبحث عن نهايتها، كانت تبحث عمن يضع نهاية لحياتها، لكن في عرف القانون يكون الفاعل هو المجرم وهو القاتل في النهاية. 
 
الواقعة كانت جريمة قتل في فيلا بحلوان، وورائها حكاية طويلة، بطلتها فتاة جميلة وفقيرة كانت لا تتجاوز العشرين من عمرها عندما أجبرها أهلها على الزواج من كهل ثري، ولم تكن هي الزوجة الأولي، بل كانت زوجته الثانية، أولاده من زوجته الأولي تزوجوا جميعا، وبقي الرجل وحده، فبحث عمن تملأ فراغ حياته وهو يملك الثروة.
 
زواج الفتاة الجميلة من الرجل الذى يكبرها في السن لم يكن زواجا بالمعنى المفهوم، فهي تعتبر الخامسة في ترتيب أبناءه الأربعة، وكان الفقر اقوي منها. في نفس الوقت، فإن أسرتها سوف تستفيد من هذه الزيجة، لم تتمرد الفتاة، بل عاشت معه خمس سنوات غارقة في النعيم، وغارقة في الحرمان أيضا.. وبعد سنوات الزواج الخمس مات الزوج الكهل، ووجدت الفتاة نفسها في عالم مختلف. ثروة لا تعرف لها حدودا ولم يكن امامها الأ أن توكلها لمحام يباشرها.
 
عاشت الفتاة حياتها تبحث عن زوج ليعوضها حرمانها الطويل، لكنها لم تجد. كان الجميع يدورون حول ثروتها، ووقع اختيارها في النهاية علي محاميها فهو راعي ثروتها. كان في الخمسين من عمره، بينما كانت هي في الخامسة والعشرين، تزوجته لكنها وقعت من جديد في حرمانها. فالزوج الثاني مريض، ومضي عامين، ورحل الزوج الثاني، وتراكمت الثروة كما تعقدت الوحدة والرغبة. دارت في السهرات والنوادي تبحث عن رجلها الجديد.
 
تعرفت الفتاة على شاب مثقف وشاعر وأديب يتفجر شبابا. سمعت شعره، وهامت به. تحدثت إليه، فأسرها حديثه المثقف الواعي، وتصور انها أحبته. ومني النفس بالهرب من الفقر الذي يعيشه مسجونا في حجرة ضيقة هو اخوته. وتابعها. وعرفت انه سقط في نارها. وهمست في أذنه ذات ليلة، بأن يأتيها في الفيلا غدا، وعندما وصل إليها، انتهي اللقاء عند المأذون. وتزوجا، وتصور الشاب أنه طلق الفقر نهائيا وتزوج السعادة والثروة، لكن حلمه اصطدم في اليوم التالي بها، فهي امرأة متسلطة تريد أن تأمر فتطاع، وحاول أن يصل معها إلي معادلة تبقي علي وجوده كزوج، لكنه فشل، واصطدما، وطلبت أن تخرج من حياته، وأن يخرج من حياتها، وأعلنت أنها ملته بلا حدود، ولم تعد تطيق وجوده، تحطمت كل الأحلام التي رسمها، وسقطت ثقافته علي الأرض. 
 
كان الزوج الشاب يحلم أن يتفرغ لإنتاجه الأدبي والشعري، وأن تكون هي راعية إبداعه، لكن متي كانت الأحلام طوع يده!!.. حاول معها مرة أخرى. فالنعيم الذي يعيش فيه والفيلا الفاخرة التي يمرح فيها، كل ذلك سوف يضيع ورفض أن يطلقها، وأعلن أنه سيسافر إلى قريته لعلها تفكر مرة أخرى.. سافر وغاب يومين فجأة، وصله خبر العثور على زوجته مقتولة في فراشها، فأسرع إلي هناك يبكي. 
 
بدأت تحقيقات المباحث، ولم يكن هناك ما يمكن أن يشير إلى اتهام زوجها بقتلها، فالمعاينة أثبتت أنها جريمة قتل مقرونة بالسرقة، خاصة أن المجوهرات اختفت والأثاث مبعثر، أما هو فقد أثبت أنه لم يكن في الفيلا، وأنه كان في قريته، وأكد أهله ذلك، وكثيرون من اهل القرية أكدوا أيضا، لم يكن القاتل قد ترك خلفه أي أثر، وبدت الجريمة غامضة تماما، تبدو وكأنها الجريمة الكاملة. شيء ما كان يدور في خاطر المباحث أن هذه الجريمة تحتاج إلى عقلية مدبرة وواعية، وأن الذي ارتكب الجريمة، من الضروري أن تكون له علاقة بعالم الكتاب، حيث يمكن أن ينقل ثقافته لتحقيق، جريمة كاملة.
 
لم يضيع رجل المباحث وقتا، نزل إلي قرية الزوج متخفيا، وبدأ يلتقط الأخبار والهمسات، وكما توقع تماما، بينما كان يجلس على أحد المقاهي، حيث يدور الكلام، تنامى إلي سمعه أحد السائقين وهو يتحدث عن ذلك الشاب الذي استأجره لمدة ساعتين، وأعطاه ألف جنيه!! كانت المعلومة لافتة للنظر، ودخل مع السائق في حديث، أفرغ فيه السائق دون أن يدري كل تفاصيل. فالشاب من القرية، والمكان الذي ذهب إليه في حلوان، حيث دخل الشاب الفيلا، وخرج وبيده حقيبة سوداء وعاد به، واستغرقت الحكاية كلها ساعتين.
 
بسرعة تم القبض على الزوج، ومواجهته بالسائق، ولم ينطق فقد انهار باكيا، ثم جاءت اعترافاته، عذابه معها، وحبه لها ورغبته في أن يظل الي جوارها لكنها رفضته، وساوره الشك فخرج يبحث عنها، حتي عرف انها علي علاقة بآخر، وأنهما تواعدا علي الزواج فقط عندما يطلقها، وكان لابد أن يتخلص منها حتي ينهي عذابه، سافر إلي القرية وبعد يوم خرج ليلا وهو يرتدى ملابس ريفية واستأجر التاكسي، وذهب إليها، كانت نائمة في سريرها فخنقها ثم طعنها حتي يتأكد من موتها، وبعثر أثاث الشقة، وسرق المجوهرات حتي تبدو وكأنها جريمة سرقة.
 
هكذا تبدو حياتها، وكأنها بحث عن نهاية.. استطاعت أن تحققها بزواجها الثلاث، بعد أن ضاعت حياتها مع الأول والثاني.
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق