«أم دينار».. حكاية قرية في قلب الجيزة خارج حسابات المسئولين (صور)

الأحد، 30 سبتمبر 2018 09:00 ص
«أم دينار».. حكاية قرية في قلب الجيزة خارج حسابات المسئولين (صور)
اللواء أحمد راشد - محافظ الجيزة
إبراهيم الديب

 
في قلب مركز ومدينة منشأة القناطر، بمحافظة الجيزة، تقع واحدة من «القرى المنسية»، والتي تعيش في انعدام تام للخدمات، بعدما تجاهل مسئولي «شارع الهرم» زيارتها والاهتمام بها ولو بنسبة 10% من اهتماهم بالشارع الذي يقع به ديوان عام المحافظة، فبطبيعة الحال تفتقر المناطق البعيدة والموجودة بالمدن إلى الاهتمام وكأنها خارج حدود المحافظة من الأساس، وتنعدم زيارات المسئولين لها، والتفكير في حل مشكلاتها.
 
يصب قيادات محافظة الجيزة اهتمامهم على مناطق معينة، تقتصر على المحيط الجغرافي لمؤسساتهم، وديوان محافظتهم، والتقاط الصور التذكارية أثناء تنفيذ أعمال «الكنس» للشوارع، وغسيل الأرصفة، والغريب في الأمر أن حتى تلك المناطق تعاني مشكلات عدة، فما الحال في الأرياف البعيدة حتى عن انشغال بال المسئولين المباشرين لها، بها.
 
«أم دينار»، لم تكن القرية الأولى أو الأخيرة التي تعاني تهميشا على مدار سنوات عدة، تمتد إلى أكثر من عشرون عاما دون خدمات، وسط التصريحات الرنانة للمحافظين المتعاقبين على ديوان الهرم، للنهوض بمستواها في الجيزة، فلا صرف صحي، أو وحدة صحية، أو مدارس مناسبة، وطرق ممهدة، وخدمات نظافة، أو إنارة جيدة للشوارع، أو حتى جرعة ماء نظيفة آدمية يشربها الأهالي، تمتد إلى حدود تلك القرية.
 
تلال القمامة وفضلات الصرف الصحي تغطي مساحات شاسعة من القرية، حتى أنها غطت على الرقعة الخضراء، وأحاطت بجوانب المدارس، فحولتها إلى مجرد حدودا لمقلب قمامة عمومي تطأة أقدام الأهالي، وخاصة الأطفال أثناء محاولتهم الوصول إلى داخل حرم المدارس، ووسط رائحة كريهة تزكم الأنوف، وانتشار للحشرات الناقلة للأوبئة يقضي الأطفال قرابة الـ7 ساعات يوميا لتلقي العلم في مكان غير مؤهل من الأساس لأي حياة آدمية.
 
يعتمد الأهالي في التخص من الصرف الصحي على نظام البيارات التي يتم كسحها وإلقائها في الرشاح، والتي تتسرب بالطبع إلى منافذ المياه الجوفية التي يستخدمونها للشرب من خلال «الطرمبة»، فأصبحت المياه مختلطة بالأوبئة والأمراض التي تسبب السرطان والفشل الكلوي، وغيرها مما يعرض حياة المواطنين خاصة الأطفال للخطر، لاسيما وأن المنازل يحيط بها من الاتجاهات الأربع أكوام القمامة وفضلات كسح الصرف الصحي، والذي ينقل إليهم المرض مع الهواء.
 
وفي قلب تلك المخالفات يقبع مبنى مكون من دورين يضم عددا من العيادات، يطلق عليه الوحدة الصحية لقرية أم دينار، لكنه خال من المستلزمات الطبية، والأدوات والأجهزة وحتى الأطباء المفترض أنهم يمارسون مهام عملهم داخل 23 غرفة مغلقة، إلا أنها تقدم خدمات تشبه الإسعافات الأولية لمرضى الباطنة، والعلاج الطبيعي، والأطفال، حتى يتم نقل باقي الحالات كالحوادث، أو الجراحة أو العظام.. إلخ، إلى المستشفى المركزي، وهو الأمر الذي يجد معه الأهالي صعوبة بالغة في ظل انعدام خدمات الطرق، التي بخلاف تعرجها وصعوبة استخدامها خاصة في فترات الليل، تعاني تراكمات هائلة للمخلفات، ليس على جوانبها فقط بل امتددت لتقع في نهر الطريق، بالإضافة إلى انعدام شبكة المواصلات الداخلية بالبلدة لربطاها بالقرى العمرانية حولها.
 
كما خصصت الهيئة العامة للإسعاف سيارة واحدة تقبع داخل الوحدة الصحية 3 أيام أسبوعيا لخدمة المرضى، الذي يجب عليهم أن يحددوا سلفا موعد إصاباتهم بأي أمراض أو جلطات أو حوادث تستدعي نقلهم بها حتى لايمرضون في وقت لاتوجد فيه تلك السيارة بالقرية.
 
ويواجه أهالي قرية «أم دينار» يوميا شبح الموت أسفل الأنقاض نتيجة رشح المياه الجوفية داخل المنازل، وهي الميتة الأكثر رحمة بمن يلقاها، بدلا من الغرق في رشاح الصرف الصحي، أو الموت بماس كهربائي نتيجة الإهمال، أو بعد الإصابة بحادث أو مرض يودي بحياة صاحبة قبل الوصول إلى أقرب مستشفى مركزي تساهم في إنقاذه.
 
«متعة التعلم»، التي ينادي بها الدكتور طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، في المحافل والمؤتمرات ككلمة سر في خطته للنهوض بالتعليم، لايعرف عنها أبناء «أم دينار» شيئا فالمتعة بالنسبة إليهم ضربا من الخيال فهم اعتادوا الاستيقاظ مبكرا على لدغات الحشرات، واستنشاق دخان حرق القمامة، والخروج إلى مدارسهم قفزا كالبهلوانات على قطع من الخرسان أو الحجارة لئلا تغوص أقدامهم في وحل مياه الصرف الصحي، وصولا إلى تسلق تلال القمامة ومخلفات البناء وروث البهائم وفضلات الأهالي للوصول إلى حرم المدرسة، لتلقي العلم في مدارس غير مؤهلة ولاتمتلك من وسائل التدريس التقليدية شئيا، وليس العالمية التي ينطق بها وزير التعليم.
 
انعدام الوسائل، تردي حالة المدارس، عجز المعلمين، أصوات الدواب، تطاير الحشرات، رائحة القاذورات كلها تساهم في بناء «العقل السليم» لجسد أبناء القرية العليل، الذين لم يجدوا حتى مركزا للشباب يكون متنفسا، والذي أصبح هو الأخر مجرد مكانا مهجورا يستغله الخارجين عن القانون في تعاطي المخدرات، وارتكاب الفواحش.
 
سنوات عدة وأهالي قرية «أم دينار» ينتظرون قرارا برحمتهم من معاناتهم اليومية، حالمين بحياة أدمية، ناشدوا المحافظين السابقين، وتظاهروا أمام بوابات ديوان المحافظة، يطالبون مؤسسات الجيزة الخدمية بالعمل على أراضيهم، لايعلمون شيئا عن الهيئة العامة للنظافة والتجميل بالجيزة، فهي لاتخرج بعيدا عن حدود الأحياء فقط، وأطلقوا ندائهم الأخير للواء أحمد راشد محافظ الجيزة، بالنزول إلى مدينة منشأة القناطر وزيارة قريتهم، ووضع حلول عاجلة لما يعانونه. 
 
 
2
 
3
 
4
 
5
 
6
 
7
 
8
 
9
 
10
 
11
 
12
 
13
 
14
 
15
 
17
 

18
 

19
 
20
 
Capture
 
Capture1
 
Capture44
 
CaptureD

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق


الأكثر قراءة