بعد القبض على "عشماوى".. آلية تسليم الإرهابيين والمجرمين وفقا للتشريع المصرى

السبت، 13 أكتوبر 2018 02:00 م
بعد القبض على "عشماوى".. آلية تسليم الإرهابيين والمجرمين وفقا للتشريع المصرى
هشام عشماوى-صورة أرشيفية
علاء ضوان

فى الوقت الراهن تبدأ السلطات الليبية دراسة الطلب الرسمى الموجة من السلطات المصرية، لاسترداد الإرهابي هشام عشماوي الذي أُلقى القبض عليه في مدينة درنة منتصف الأسبوع الماضي، وذلك فى إطار محاكمة «عشماوى» المتورط فى 39 قضية إرهابية داخل الأراضى المصرية.  

الاتفاقيات الدولية والعربية والعسكرية فى مسألة تسليم الإرهابيين والمجرمين تنص على أن عملية التسليم أمر طبيعى، خاصة مثل حالة هشام عشماوى بعد التحقيقات التي وصفتها المصادر الأمنية العسكرية الليبية بـ«الحساسة جدًا»، حيث أكدت في تقارير مختلفة أن إجراءات تسليم «عشماوي» يُعتقد أنها ستتم خلال الأيام المقبلة. 

download

فى التقرير التالى «صوت الأمة» رصدت مسألة تسليم الإرهابيين والمجرمين وفقا للنظام القانونى وموقف التشريع المصرى من عملية التسليم من حيث ماهية تسليم المتهمين وشروط التسليم، والشروط المتعلقة بالجريمة المطلوب التسليم من أجلها، والشروط المتعلقة بالشخص المطلوب تسليمه، وكذا الإجراءات والآثار- بحسب الدكتور أحمد مهران، أستاذ القانون العام، مدير مركز القاهرة للدراسات السياسية والقانونية. 

اقرأ أيضاَ: محاميو مصر تعلن الرفض التام الدفاع عن «عشماوى» عقب عودته.. ماذا قال القانون؟

أولاً :المقصود بنظام تسليم المجرمين :

تسليم المجرمين والإرهابيين أو الاسترداد يقصد به من الناحية القانونية مطالبة دولة لدولة أخرى بتسليم شخص مطلوب ضبطه واحضاره ينسب له ارتكاب جريمة أو صدر ضده حكم بالعقوبة، وذلك بغرض أن تتمكن هذه الدولة من محاكمته أو من تنفيذ العقوبة في مواجهته، حيث يختلف تسليم المجرمين أو الاسترداد عن نظام ابعاد الأجانب أي طردهم خارج اقليم الدولة، حيث تلجأ الدولة بمقتضاه إلى طرد الأجانب من أراضيها إذا ما قدرت أن في وجودهم مساس بأمنها وسيادتها-وفقا لـ«مهران».

وابعاد الأجانب أو طردهم لا يكون لدولة تطالب بمحاكمتهم أو عقابهم بل يكون بمبادرة من الدولة الطاردة، ومبررات الاسترداد أو التسليم غير خافية إذ تمثل أحد مظاهر التعاون الدولي في مكافحة ظاهرة الاجرام عبر الوطني، كما أن تسليم المجرم للدولة المطالبة باسترداده يعني محاكمته أمام قاضيه الطبيعي وهو ما ينطوي على حماية له

images (1)

ثانياً: النظام القانوني لتسليم المجرمين: 

 النظام القانوني لتسليم المجرمين يستمد مصدره من أحكام التشريع الوطني حيث تحرص بعض الدول على تنظيم أحكام التسليم وفقاً لنصوص قانونها الداخلي، لكن الغالب هو تنظيم التسليم بمقتضى اتفاقيات دولية، وقد يستند التسليم الى قواعد العرف الدولي أو اتفاق المعاملة بالمثل، ومازال التشريع المصري خالياً من أحكام تنظيم تسليم المجرمين على الرغم من الأهمية المتزايده للموضوع-الكلام لـ«مهران» .

وقد انضمت مصر إلى الاتفاقية الخاصة بتسليم المجرمين المنعقدة بين دول الجامعة العربية والموقعة في 9 يونيو عام 1953، كما أبرمت مصر في مجال التسليم اتفاقيات ثنائية مع العديد من الدول العربية والأجنبية  منها إتفاقية الرياض. 

اقرأ أيضا: الحساب ينتظر «عشماوي».. ماذا قال الرئيس السيسي عن الإرهابي المقبوض عليه؟

ثالثاً : شروط التسليم :

1-الشروط المتعلقة بالاختصاص التشريعي للدولة طالبة التسليم :

ينبغي تقرير الاختصاص التشريعي للدولة طالبة التسليم وذلك بملاحقة الشخص المطلوب وفقاً لأحد المعايير التالية :

1-معيار الاقليمية كأن تكون الجريمة المطلوب التسليم بشأنها قد تم ارتكابها في اقليم هذه الدولة .

2-معيار الشخصية كأن يكون الشخص المطلوب تسليمه مكتسب لجنسية الدولة .

3-معيار العينية كأن تمثل الجريمة سبب التسليم اخلالاً بأحد المصالح الأساسية لها .

ويُضيف «مهران» من الملاحظ أنه لا يكفي مجرد توافر معيار نظري لاختصاص الدولة طالبة التسليم بل ينبغي أن يكون اختصاصها حقيقياً تمت مباشرته على اقليم الدولة كأن تكون قد بدأت في ملاحقة الشخص المطلوب تسليمه أو أصدرت حكماً في مواجهته .

2-الشروط المتعلقة بانتفاء الاختصاص التشريعي للدولة المطلوب منها التسليم :

ومؤدى ذلك أنه لابد لتسليم مصر لأحد المجرمين ألا تكون الدولة المصرية نفسها مختصة تشريعياً بملاحقة هذا المجرم، اذ لا يعقل قيام دولة بتسليم مجرم بينما هى مختصة في الأصل بمحاكمته، كما أن مؤدى هذا الشرط امتناع التسليم إذا كان هناك حكم نهائي صادر من المحاكم المصرية ضد الشخص المطلوب تسليمه أو إذا كانت الدعوى المرفوعة ضد هذا الشخص قد انقضت بمرور الزمن أو بالعفو، كما يمتنع التسليم إذا كانت العقوبة المحكوم بها ضد الشخص المطلوب تسليمه قد سقطت بأحد أسباب السقوط-هكذا يقول «مهران». 

201810081230203020

3-الشروط المتعلقة بالجريمة المطلوب التسليم من أجلها :

ينبغي أن تكون الجريمة المنسوبة إلى الشخص المطلوب تسليمه من بين الجرائم التي يجوز فيها التسليم، كما يجب أيضاً توافر شروط ازدواج التجريم، وأخيراً يلزم أن تكون هذه الجريمة على درجة معينة من الجسامة .

والجرائم التي يمتنع فيها التسليم هي الجرائم العسكرية، والجرائم السياسية ، والجرائم التي تكون عقوبتها في قانون الدولة طالبة التسليم مخالفة للنظام العام السائد في قانون الدولة المطلوب منها التسليم أو با لأقل غير منصوص عليها في قانونها .

4-الشروط المتعلقة بالشخص المطلوب تسليمه :

يجب ألا يكون الشخص المطلوب تسليمه ممن يمتنع تسليمهم باعتبارهم يخضعون للاختصاص التشريعي للدولة المطلوب منها التسليم، كما يمتنع تسليم الرقيق من المجرمين.

ويبقى استثناءان يمتنع فيهما تسليم المجرمين الأول محل اتفاق وهو امتناع تسليم الدولة لرعاياها من الوطنيين، والثاني محل اختلاف وهو امكان رفض تسليم اللاجئين السياسيين المقيمين على اقليم الدولة المطلوب منها التسليم

اقرأ أيضا: خطوات الطعن على الأحكام العسكرية.. من التصديق على الحكم للقبول أو الرفض

رابعاً : اجراءات التسليم :

تختلف الاجراءات الواجب اتباعها في هذا الشأن بحسب النظام المأخوذ به في الدولة، وثمة نظامان معمول بهما في هذا الخصوص :  

-أولهما قضائي فلا يجوز التسليم الا بمقتضى حكم أو قرار قضائي .  

-ثانيهما إداري تتولى فيه السلطة التنفيذية إجراء التسليم، ويكون ذلك تحت رقابة القضاء الاداري في بعض الأحيان.

 ومن الثابت-وفقا لـ«مهران»- أن القرارات المتعلقة بالتسليم تعتبر من قبيل أعمال السيادة، وبأي حال فان طلب التسليم يرسل لوزير خارجية الدولة المطلوب منها التسليم وقد يتم ذلك مباشرة أو عبر سفارة الدولة المطلوب منها لدى الدولة الطالبة، ويقوم وزير الخارجية باحالة طلب التسليم الى وزير العدل الذي يحيله بدوره الى النيابة العامة بعد فحص مشروعيته وبعد القاء القبض على الشخص المطلوب تسليمه يتم استجوابه، وفي ظل نظام التسليم القضائي يحق للجهة القضائية التي تنظر طلب التسليم أن تطلب من الدولة الطالبة موافاتها بمعلومات اضافية قد تراها ضرورية للبت في أمر التسليم وهو نصت عليه المعاهدة الأوروبية للتسليم، وفي ظل نظام التسليم القضائي اما يصدر القرار برفض التسليم أو بقبوله . 

images

خامساً : آثار التسليم :

وتلعب المنظمة الدولية للشرطة الجنائية الانتربول دوراً ملحوظ في هذا الخصوص إذ غالباً ما يتم التسليم بواسطة مكتبي هذه المنظمة لدى الدولتين المعنيتين، وتتمثل أهم آثار التسليم فيما يسمى قيد التخصيص سواء في جانبه الموضوعي أو الشخصي، ومؤدى مبدأ التخصيص في شقه الموضوعي عدم جواز اتهام الشخص الذي تم تسليمه ولا محاكمته ولا حبسه تنفيذاً لعقوبة أو فرض أي قيد على حريته بسبب جريمة سابقة على تاريخ التسليم تختلف عن تلك التي طلب التسليم من أجلها .

 فالقيد يمثل حماية للشخص المطلوب تسليمه، أما قيد التسليم في جانبه الشخصي فمؤداه وجوب قيام الدولة طالبة التسليم بملاحقة الشخص الذي تم تسليمه أو محاكمته أو تنفيذ العقوبة ضده بنفسها .

يشار إلى أن  قوات الجيش الوطني الليبي القبض على «عشماوي»  فجر الإثنين الماضي، في حي المغار في مدينة درنة شرق ليبيا، وكان يرتدي حزاما ناسفا لكنه لم يستطع تفجيره بسبب عنصر المفاجأة وسرعة تنفيذ العملية من أفراد القوات المسلحة.

 

 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق