قصة منتصف الليل.. صراع أقنعة الرجولة

الأحد، 18 نوفمبر 2018 10:00 م
قصة منتصف الليل.. صراع أقنعة الرجولة
صورة أرشيفية
إسراء بدر

بخطوات متلعثمة يعرقلها التفكير فيما مضى وفيما هو آتى تتجه "بسنت" إلى طبيب نفسي بعد تردد لسنوات طويلة باحثة عن مرآة كاشفة لحقيقة ما تمر به، ولم تخبر به أحد طوال حياتها التى لم تتعد ثلاثون عاما.
 
بعد الترحاب واستكمال البيانات الشخصية، بدأت تقص على الطبيب ما بها دون انتظار لأسئلته، وكأنها تعلم أن ما بدأت فى حكايته هو ما يريد الطبيب سماعه. 
 
منزل صغير تعيش فيه برفقة أمها وأخيها بعدما انفصل الأب عن العائلة، وهى مجرد نطفة فى رحم أمها، وعاشت فى كنف أمها التى دائمة الحكى عن تجربتها الفاشلة مع الأب عديم المسئولية، وهو ما زرع بداخلها شعور داخلى بضرورة نجاحها لثبت لأبيها أنه رغم تخليه عن العائلة وعدم سؤاله عنهم ولو هاتفيا إلا أنها أنجح من كثيرين يعيشون فى أحضان والديهم فى أمان. 
 
 
وظل هذا التحدى يسيطر عليها فى كل شئ ففى الدراسة أبهرت الجميع بتفوقها الملحوظ وبعد تخرجها شغلت منصب مرموق رغم صغر سنها ولكن خبرتها وقدراتها دفعتها لهذا المنصب، وسرعان ما أتت مرحلة الزواج مثل باقى الفتيات فى عمرها، فتزوجت لإرضاء أمها التى لم تقصر فى تربيتها طوال السنوات الماضية.
 
وبعد أسابيع معدودة تزوجت من شاب لا تعلم عنه الكثير وفوجئت بعيوبه التى لا يستطيع تحملها بشر فى الشهور الأولى من الزواج فقررت الطلاق قبل أن تعيد تجربة فاشلة مثلما حدث مع أمها وأيقنت أن الزواج ليس فى مخططها لتحقق مبتغاها فى أن تكون ناجحة لتلبى شعور التحدى الداخلى لديها. 
 
إلا أنها بعد خمس سنوات من طلاقها واهتمامها بالعمل فقط قابلت شاب وسيم كلماته المعسولة حركت مشاعرها وبدأت تتخلى عن فكرة عدم الارتباط وتزوجته بعد قصة حب قوية وبعد علمه بظروفها منذ ولادتها وحتى ذاك الوقت وتقبل الأمر بصدر رحب ووعدها أن يعوضها عما مرت به قبل مقابلته. 
 
وبعد الزواج بعدة أشهر وجدت فى حبيبها ما قصته أمها عن أبيها فشعرت أنها تعيد تجربة بائسة مخيفة، فقد خالف كل الوعود التى كانت السبب فى إعادة تجربة الزواج وتحول لعائق أمام تحديها فى النجاح ولكن هذه المرة اكتشفت مؤخرا بعدما علمت بخبر حملها وهنا ظهر عائق آخر بداخلها وهو ألا تجعل ابنتها تعيش بدون أب مثلما عاشت هى طوال حياتها. 
 
 
فقررت أن تعافر لتغير أحوال زوجها ليكون هذا تحديها الجديد وفى طريق معافرتها كان يظهر لها علامات توضح لها صعوبة الأمر أكثر وأكثر لتجد نفسها فى نهاية المطاف تعيش فى حضن زوجها من أجل طفلها ومستقبله وكلما نظرت إليه يملأ قلبها الخوف من أن يكبر وترى نفسها فيه. 
 
وبعد مشاكل عديدة عجزت عن حلها قررت الانفصال عن زوجها ولكن دون الوصول للطلاق فتعيش معه فى عش الزوجية كأم وليس زوجة وتتظاهر أمام طفلها بأن الأمور على ما يرام وتخفى ما بداخلها من وجع تخليها عن تحديها من أجل عيونه البريئة ولكنها أصبحت تعد أنفاسها منتظرة أن تتوقف يوما وتقابل وجها كريم عسى أن تجد بعد موتها الراحة والأمان التى بحثت عنهما ولم تجدهما وسط أقنعة الرجولة المزيفة المحاطة بها. 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق