مكاسب وخسائر الحرب التجارية بين أمريكا والصين.. خبراء يفندون سيناريوهات الأزمة

الأربعاء، 19 ديسمبر 2018 08:00 ص
مكاسب وخسائر الحرب التجارية بين أمريكا والصين..  خبراء يفندون سيناريوهات الأزمة
الرئيس الأمريكي دونالد ترامب
كتب: مدحت عادل

 

لا صوت يعلو فوق صوت الحرب التجارية القائمة بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين على مستوى الأسواق العالمية، حيث استطاعت هذه الحرب أن تفرض نفسها على جدول أعمال الدول والحكومات والشركات لما لها من أثار سلبية مباشرة على مجريات الاقتصاد العالمي.

وتعددت تفسيرات الجهات الدولية لتوابع هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي، ولكن هل تعتبر الولايات المتحدة هي الرابح الوحيد في هذه الأزمة في ظل السيناريوهات المطروحة حاليا، أم أنه هناك تأثير متوقع نتيجة لسياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التجارية التي بدأت منذ مارس الماضي وحتى الآن.

الإجابة على هذه التساؤلات أتت على لسان عبد الحميد ممدوح مدير قطاع التجارة في الخدمات بمنظمة التجارة العالمية سابقا، وذلك من خلال الندوة التي أقامها المركز المصري للدراسات الاقتصادية اليوم، تحت عنوان «هل يمكن أن تعصف مستجدات التجارة الدولية بنظام التجارة العالمي»، وقال عبد الحميد ممدوح، إن الولايات المتحدة الأمريكية قد تبدو رابحة في الوقت الحالي ولكن على المدى الطويل الولايات المتحدة تعتبر أكبر خاسر من وراء هذه الحرب التجارية، بالنظر إلي تبعات هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي.

وأكد «عبد الحميد» أن قرارات الولايات المتحدة الأمريكية بفرض رسوم حمائية بشكل فردي ومفاجئ أدى إلى تصاعد النزعة الدولية تجاه فرض رسوم الحماية على مستوى العالم بشكل كبير منذ مارس الماضي وحتى الآن بشكل تصاعدي، وهو الوقت الذي شهد صدور قرار فرض رسوم حمائية على الواردات الأمريكية من الألومنيوم والحديد، بدعوى حماية الأمن القومي الأمريكي، وهو مبرر غير منطقي لعدة أسباب أهمها أن الاتفاقيات التجارية العالمية تحتوي على استثناءات من الممكن اللجوء إليها عند توافر أسباب الحصول على الاستثناء، ومن بينها حماية الأمن القومي ولكن واردات الحديد والألومنيوم الأمريكية ليست سبباً كافياً لاعتبارها مسألة ترتقي لتهديد الأمن القومي.

ويري عبد الحميد، أن الصين تعد تحدي للولايات المتحدة الأمريكية على مستوى التجارة الدولية، لأن الصين لا تلتزم بتطبيق قواعد اللعبة كما يجب، وأكثر ما يتضرر  منه الأمريكان في الأزمة الحالية هو النقلة التكنولوجية التي تشهدها الصناعات الصينية حاليا، وهو ما يمكن أن يبرر التحول القائم في السياسة التجارية الأمريكية في الفترة الأخيرة، مشيرا إلي أن قرارات الرئيس الأمريكي ترامب أدت إلي شيوع حالة من عدم اليقين بين الأسواق العالمية، وتتراجع أسهم صناعات كبيرة مثل صناعة السيارات، وعلى المدي الطويل تتوقع سيناريوهات الحرب التجارية تراجع دخول الأفراد على مستوي العالم وعلى رأسهم الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط.

واعتبر «عبد الحميد» أن منظمة التجارة العالمية تتحمل جزء من مسؤولية الأزمة التجارية العالمية القائمة، ورغم التحديات التي تواجهها إلا أنه لا يوجد بديل لمنظمة التجارة العالمية لإدارة منظومة التجارة العالمية، وهو ما يتتطلب منها إعادة تفعيل بعض آليات مثل المتابعة وإصلاح نظام فض المنازعات التجارية، لافتا إلي أن توجه تحرير التجارة الدولية كان أحد عناصر خلطة سياسية عالمية كانت يستوجب معها اتباع سياسات أخري موازية لاكتمال المنظومة، وذلك على مستوي السياسات التجارية والمالية والنقدية المكملة من أجل ضمان توزيع ثمار تحرير التجارة بشكل جيد على التنمية في الدول، وهو ما لم يحدث بشكل كامل.

وحدد «عبد الحميد» أسباب ضعف منظمة التجارة العالمية، وعلى رأسها رد الفعل المناهض للعولمة والسخط الناتج عن عدم تنفيذ وعود تحرير التجارة على معدلات التنمية في الدول الأعضاء، في حين أن السياسات التجارية لابد أن يواكبها سياسة توزيعية لثمار النمو.

وفي المقابل، أكدت السفيرة ماجدة شاهين مستشار وزير التجارة والصناعة للعلاقات الدولية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب هو الطرف الرابح حاليا من الصراع التجاري الدائر، ويجني حاليا ثمار سياسته التجارية مع الصين، بعد التحول الجذري الذي شهده الموقف الصيني خلال الـ6 أشهر الماضية من الأزمة التجارية والذي اتسم بالتراجع وإبداء رغبتها في إعادة المفاوضات مع الولايات المتحدة في القضايا الحساسة، وخفض الجمارك على الواردات الصيية من السيارات الأمريكية واستعدادها لشراء مزيدا من المنتجات الأمريكية.

وقالت ماجدة شاهين، إن الولايات المتحدة لديها القدرة على فرض النظام التجاري العالمي لعدة اعتبارات، أهمها عدم وجود عملة بديلة للدولار الأمريكي والذي بدأ الاعتراف به كعملة الاحتياطي الدولي منذ عام 1945، وأنها من أكبر الدول المستهلكة في العالم، كما أن الصين تعلم أنها لن تستطبع مجابهة السياسات التجارية الأمريكية.

وأضافت شاهين، أن توجه الدول الإفريقية لإنشاء منطقة تجارية حرة للقارة يعد من أحد الخطوات الذكية التي تعزز من فرص التعاون والتكامل بين دول القارة، رغم أن الوصول إلي هذه المرحلة قد يستغرق مزيدا من الوقت لانهاء مراحل المفاوضات، علما بأن تحقيق هذه الخطوة سيترتب عليه تحرير 90% من البضائع والخدمات المصدرة والمستوردة، وهو ما يستوجب من دول القارة السعي إلي رفع مستوي مشروعات الطرق وتحديث الموانئ.

من جانبه، أكد إيهاب إسماعيل عبد الظاهر عضو مجلس إدارة المجلس التصديري للملابس الجاهزة، أن القرارات التي اتخذها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تعكس توجه سياسي من الولايات المتحدة الأمريكية مرشح للاستمرار في الفترة المقبلة وأنها ليست توجه شخصي من الرئيس الأمريكي، لافتا إلي أن الصين تسعي فقط إلي كسب مزيدا من الوقت من أجل احتواء رد الفعل الأمريكي ودراسة الرد المناسب لتوجهات الاقتصاد الصيني.

وشدد إيهاب إسماعيل، على أن السوق المصرية أمامها فرصة كبيرة لاقتناص الفرص المتاحة من هذه الأزمة، وذب الاستثمارات الواردة من الجانب الصين وأوروبا لتصبح البديل المناسب في القارة الإفريقية، ولكن يجب أن يكون هناك تحرك مدروس من الحكومة لاستيعاب هذه الفرص واستغلالها بشكل أمثل، مشيرا إلي أن هناك صراع قائم بين الدول الإفريقية لجذب هذه الاستثمارات والفوز بهذه الفرص يتوقف على نجاح كل دولة في التسويق لجذبها.

من جانبها ترى الدكتورة عبلة عبد اللطيف، المدير التنفيذي للمركز المصري للدراسات الإقتصادية، أن منظمة التجارة الدولية تحتاج إلي إعادة إحياء لآلية فض المنازعات والنظر إلي احتياجات الدول النامية، وأن الدول النامية عليها الإنتباه إلي تحركات المارد الصيني، معتبره أن الصين هي القوي العظمي القادمة، وأن المستقبل للقارة الإفريقية في الفترة المقبلة، ويجب مراجعة الخطوات التي اتخذتها مصر حاليا من أجل تحقيق اقصي استفادة مممكنة من التحول المرتقب للقارة الإفريقية.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق