القانون وحده لا يكفي لردع الجناة.. كيف نحمي أطفالنا من التحرش والاغتصاب؟

الأحد، 22 يوليو 2018 07:00 م
القانون وحده لا يكفي لردع الجناة.. كيف نحمي أطفالنا من التحرش والاغتصاب؟
اغتصاب
محمد فرج أبو العلا

 

يعد اغتصاب الأطفال انتهاكاً للبراءة بأبشع صورها، حيث ارتفعت مؤخرا معدلات العنف الجنسى تجاه الأطفال، وتعددت العوامل المتسببة فى تفشى هذه الظاهرة بالمجتمع المصرى، ما بين اقتصادية واجتماعية وثقافية ودينية، حيث ينعكس تأثيرها النفسى على السلوك المجتمعى مكونا هذه الظاهرة.

ظاهرة اغتصاب الأطفال كارثة حقيقية تهدد المجتمع المصرى، خاصة فى ظل غياب الواعظ الدينى والأخلاقى، ووجود حالة من الإنفلات الأخلاقى، ما جعلها كبوسا يؤرق المصريين، بشكل يصعب القضاء على هذا الفعل المشين، والذى انتشر مثل النار فى الهشيم.

العنف الجنسى ضد الأطفال، هو كل نشاط جنسى إجبارى يقع على الطفل من خلال اتصال جنسى بينه وبين آخر بالغ، لإرضاء رغباته الجنسية، حيث يستخدم من أجل ذلك القوة والسيطرة والاستغلال، ويحدث ذلك الفعل المشين فى منطقة أو أخرى بالشارع، أو المدرسة، أو النادة، أو حتى داخل المنزل عن طريق أحد أفراد العائلة البالغين ضد أحد الأطفال.

m

وكشفت دراسة حديثة للمركز القومى للبحوث الاجتماعية والجنائية، أن عام 2016 شهد أكبر عدد من حوادث الاعتداء الجنسى على الأطفال، حيث شكلت الاعتداءات الجنسية على الأطفال خارج أو داخل المدرسة والأسرة 145 حالة، إلى جانب 49 حالة تحرش جنسى، و21 حالة اعتداءات بدنية، بالإضافة إلى 146 حالة عنف أدت إلى موت وقتل الأطفال.

اقرأ أيضا:من الحشيش إلى مخدرات الفرافير.. كيف تواجه الدولة محاولات تسميم العقول باسم الكيف؟

دراسة أخرى أعدها الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء عام 2012، أكدت أن 80% من الأطفال العاملين فى مصر بمختلف المجالات يتعرضون للتحرش الجنسى، إلا أن الغريب واللافت للانتباه أن 85% من حوادث التحرش ضد الأطفال يكون الجناة فيها من الدوائر المقربة من الطفل، وأنه لا يتم الإبلاغ عن معظم حوادث اغتصاب الأطفال، لأسباب عائلية، ويتم التكتم عنها خوفا من الفضيحة الاجتماعية.

 

فيما رصدت آخر إحصائية أعدها المجلس القومى للأمومة والطفولة التابع لوزارة الصحة، 1000 حالة اغتصاب تعرض لها أطفال خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر عام 2014، وهو رقم مخيف جدا، بينما وصلت الحالات غير المسجلة وغير المبلغ بها إلى أكثر من 3000 حالة سنويا، ما يعنى تفشى الظاهرة، وصعوبة السيطرة عليها من جانب الحكومات، أو ردعها بالقانون.

mmm

تختلف عقوبة مرتكبى جرائم اغتصاب الأطفال حول العالم، ما بين العقوبات المخففة التى تصل إلى الحبس عامين وثلاثة فى بعض الدول، بينما تصل العقوبة إلى السجن المؤبد فى دول أخرى، كما أن بعض الدول تطبق عقوبة «الإخصاء» على المتحرشين ومغتصبى الأطفال، ففى دولة التشيك يعتبر الإخصاء الجراحى والكيميائى العقوبة الأمثل لمغتصبى الأطفال، ويتم ذلك باستئصال الخصيتين نهائيًا، وهناك دول أخرى مثل «روسيا وبولندا وكوريا الجنوبية» التى تعاقب المدانين باغتصاب الأطفال بـ «الإخصاء الكيميائى»، عن طرق الأدوية التى تقلل إفراز «التستستيرون».

اقرأ أيضا: بعد ضبط 10 كيلو من «الأيس» بالمطار.. لماذا يعتبر الـ«شابو» أخطر أنواع المخدرات؟

وفى مصر، تنص المادة 268 من قانون العقوبات على أن «كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع فى ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع سنوات، وإذا كان عمر من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ 16 سنة، أو كان مرتكبها ممن نص عنهم فى الفقرة الثانية من المادة 267، قد تصل مدة العقوبة إلى أقصى الحد المقررة للأشغال الشاقة المؤقتة، وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة».

 

إن جريمة هتك العرض من الجرائم المعاقب عليها كجناية، وتتطلب ركنين هما الركن المادى والقصد الجنائى بعنصرية العلم والإرادة، فالركن المادى لتلك الجناية له عنصرين هما فعل الجانى المتمثل فى هتك عرض المجنى عليه، والثانى استعمال القوة، أو التهديد فى سبيل تحقيق مقصده.

mm

كما أن هتك العرض الذى يتكلم عنه القانون لا عبرة فيه لجنس الجانى أو المجنى عليه، فاتحادهما فى الجنس أو اختلافهما لا يؤثر فى وجود الركن المادى للجريمة، فقد يكون كلاهما ذكورا أو إناثا، أو أيا منهما أنثى والآخر ذكر، كما لا يشترط حدوث اتصال جنسى تام، أو حصول إيلاج جزئى أو كلى عند تنفيذ الجريمة.

 

ولا ينسى أحدنا «التوربينى» الذى اتهم فى أكبر قضية قتل وتعذيب واغتصاب للأطفال فى مدينة طنطا عام 2006، والذى رغم تنفيذ حكم الإعدام فيه وشريكه عام 2010، بعد محاكمته بعدة تهم أهمها استغلال الأطفال جنسيا وفى أعمال التسول، إلا أنه خلف وراءه أكثر من «توربينى» متهم باغتيال براءة الأطفال واغتصابهم، وأحيانا تصل الجريمة إلى القتل.

 

إن ارتفاع معدلات جرائم الاغتصاب بحق الأطفال جاء نتيجة تدهور القيم المجتمعية، والبعد عن الدين، وانتشار البذاءة، حتى فى الشارع والحياة العامة، إلى جانب الابتذال والإسفاف والخروج عن القيم، حتى على شاشات التليفزيون، وأصبحت العقوبة القانونية وحدها لا تكفى لردع الجناة من الذئاب البشرية، الذين غالبا ما يكونوا غير أسوياء ومرضى نفسيين، بالإضافة إلى أنهم غالبا يكونون من مدمنى المواد المخدرة المختلفة.

m0

وإلى جانب العقوبات التى يقرها القانون الحالى، إلا أننا بحاجة سريعة إلى تعديلات تشريعية على قانون العقوبات المصرى، خاصة المواد التى تنص على العقوبات المقررة للمدانين والمتورطين بجرائم التحرش واغتصاب الأطفال، كما يجب على مؤسسات الدولة المعنية إعادة النظر لتك الجريمة من منظو اجتماعى وثقافى ودينى أيضا، ومن ثم وضع خطط وبرامج لتوعية الأسر بكيفية تقديم الدعم النفسى والاجتماعى للصغار والمراهقين.

 

اقرأ أيضا: غرام الأفاعى.. لماذا ارتفعت معدلات جرائم القتل بين الأزواج؟ (قصص واقعية)

كما يجب على مؤسسات الدولة ضرورة الانتباه لهذا الخطر الداهم الذى يهدد أمن واستقرار المجتمع، من خلال برامج التوعية المختلفة بخطورة تفشى الاغتصاب والتحرش، إلى جانب تحصين الأطفال والمراهقين ببرامج التربية الاجتماعية المختلفة من كل تلك المساوئ، وبناء عقلياتهم لمدارك أوسع من مفهوم الإباحة أو المنع من قبل الحلال والحرام دون تفسير.

 

الأمهات أيضا عليهن دورا كبيرا فى الاهتمام بصغارهن، وعدم تركهم للهو بالشوارع فى أوقات متأخرة أو دون رقابة، كما يجب عليهن توعية أطفالهن بحرمة أجسادهم، من خلال فتح باب المصارحة بينهما أيا كان ما يشغل الطفل، علاوة على الحد من الإنجاب بما يسمح بتقديم الرعاية المستحقة لكل طفل دون الانشغال عن الآخر بطفل جديد.

 

كما يجب على الأسر تعليم وتوعية الطفل بضرورة عدم اللهو مع أحد أكبر منه خارج المنزل، أو الذهاب معه إلى أى مكان دون الحصول على إذن الأباء، إلى جانب نصح الأطفال بعدم قبول الهدايا أو المأكولات والمشروبات والحلوى وغيرها من الأشياء التى تجذب الأطفال من أحد دون الرجوع إلى الوالدين.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق