«جمهورية السواقين».. متى يشعر المواطن بالراحة والأمان أثناء «ركوب الميكروباص»؟

الأربعاء، 25 يوليو 2018 12:00 م
«جمهورية السواقين».. متى يشعر المواطن بالراحة والأمان أثناء «ركوب الميكروباص»؟
موقف عشوائى
محمد فرج أبو العلا

أكثر المشكلات الأساسية التى يواجهها المواطن المصرى يوميا هى صعوبة تأدية مهامه فى أوقاتها، حيث إن أغلب المهام يتطلب تأديتها الانتقال من مكان لآخر بوسيلة مواصلات معينة، وليست المشكلة فى الوسيلة، بل فى السائق الذى ستتعامل معه داخل "ميكروباص – تاكسى – توك توك"، فقد وصل بنا الحال إلى أن يكون أكثر من نصف السائقين شباب أميين.. يتعاطون المخدرات أثناء القيادة.. يعشقون صوت الكاسيت المرتفع.. ولا يهمهم سوى جمع المال "الأجرة".. وقد يكونوا أطفالاً لا تأمن على حياتك أثناء قيادتهم، ولا تأمن على حياة الآخرين أيضًا من سلوكياتهم على الطريق.

سائقو معظم خطوط النقل الداخلى أطفال
«جمهورية السائقين» عالم آخر داخل الدولة بجميع أنحاءها لا يعرف أسراره وخباياه إلى المصريون، جمهورية تحكمها قوانين صارمة، ولغة حوار بالإشارة، ونظام خاص فى طريقة العمل اليومية، وحسابات وأبعاد أخرى يصعب على غير السائقين فهمها أو تفسيرها، كما يغلب عليها طابع "الفوضى والعشوائية والبلطجة"، وهو مثلث الرعب الذى يعانى منه المواطن خلال دورة حياته اليومية.
 
تحول سائقو معظم خطوط النقل الداخلى، خاصة الميكروباص والتوك توك، فى القرى والمدن على حد سواء إلى أطفال لا يتعدون الـ15 عاماً بدون رخص قيادة طبعا وبدون بطاقات تحقيق الشخصية أيضا، يخاطرون بحياة الركاب، وقائدى السيارات المجاورة لهم، والمترجلين على الأقدام، بطريقة عشوائية تتحول إلى البلطجة فى حال الاعتراض على تصرفاتهم، إلى جانب التصرفات العدوانية الأخرى التى يقدمون عليها وقت التشاجر مع الآخرين.
 
9ca9d32e-be83-4cd5-91d6-46493aaa0237
 

المواقف العشوائية فى كل مكان
استطاعت جمهورية السائقين مؤخرا تحويل محيط نقاط الشرطة، والمدارس، والحدائق العامة، والميادين الكبرى، إلى مواقف عشوائية، والغريب أن ذلك يحدث أمام أعين الأجهزة الأمنية والتنفيذية المختلفة، فقد تخطت فوضى السائقين فى مصر المخاطرة بحياة الركاب من المواطنين، بل تحولت إلى بلطجة تفرض نفسها على التلاميذ بالمدارس، والمرضى بالمستشفيات، والمواطنين الذين يقطنون بجوار تلك المواقف العشوائية، حيث لا يتوقف الصوت العالى، ولا سيل الشتائم بالألفاظ النابية التى يرددها السائقون، أو حتى الذعر أثناء تشاجرهم على «الدور».
 
إن السلوكيات التى تظهر بـ«جمهورية السائقين» يوميا، إلى جانب ما يرتكبونه من مخالفات كالقيادة تحت تأثير المخدرات، والسرعة الجنونية، وكثرة التشاجر مع زملائهم والركاب، ومحاولة فرض السيطرة واستخدام القوة، وعدم الالتزام بخط السير المحدد، وعدم الالتزام بقواعد وآداب المرور، قد تدفع المواطن للاشتباك مع أحدهم، وقد تنتهى بكارثة محققة على الطريق، وينتج عن مثل هذه السلوكيات الخاطئة حادث تصادم، أو انقلاب السيارة، وغالبا ما تسفر جميعها عن وقوع ضحايا. 
 
4913c4e0-9e62-4886-a615-9658c2a85499

 
فوضى فى المواقف وعلى الطريق أيضا
الفوضى فى جمهورية السائقين متعددة الأشكال، فهناك الفوضى التى تحدث عند تحميل الركاب داخل المواقف، وفوضى السرعات الجنونية على الطريق، إلى جانب فوضى ممارسات السائق، فمنهم من يترك السيارة بعرض الطريق ليشترى شيئا ما أو يبحث عن «فكه»، ومنهم من يتعاطون المواد المخدرة داخل ميكروباصاتهم أثناء القيادة سواء على الطرق الداخلية أو الخارجية، ومنهم من يهوى السباق ويحاول طوال الوقت الوصول قبل زملائه متلاعبا ومتراقصا بالسيارة على الطريق، ومنهم أيضا من يتحكم فى الركاب لحد تحميل أشخاص بعينهم على آخرين، كما أن بينهم من يغالى فى تعريفة الركوب ويفرض أجرة أعلى من المقررة رسميا، ما يسبب مشكلات كبيرة يوميا، بالإضافة لتعريض حياة المواطنين للخطر.
 
مشاجرات يومية يفتعلها السائقون سواء مع المواطنين من الركاب، أو مع زملائهم فى المواقف وعلى الطرق الرئيسية والسريعة، وبرغم من أن معظم تلك المشكلات ينتهى عادة بالفصل بين السائق والمواطن دون اللجوء إلى الشرطة بعد أن يتم إقناع الضحية من الركاب بأنهم جميعا هكذا بكلمات كـ«متعملش عقلك بعقله، خاطبوا الناس على قدر عقولهم، يا عم انت عارف السواقين، كبر دماغك وروح شغلك هو مش خسران حاجة» إلا أن ذلك هو أساس المشكلة، لأن السائقون يعتادون أكثر على سلوكياتهم، ويتمادون فى أخطائهم يوما تلو الأخر، حتى أصبحت ظاهرة كارثية تهدد الأمن الداخلى للمجتمع.
 
801af053-a5d5-415a-9b83-562c2a4d01c9
 
 
المخالفات المرورية
يرتكب السائقين أيضا العديد من المخالفات المرورية فى الشارع المصرى يوميا، منها السماح بوجود ركاب على الأجزاء الخارجية للسيارة، والقيادة ليلاً بدون استعمال الأنوار، والتوقف بالمركبة ليلاً فى الطريق بأماكن غير مضاءة، وترك المركبة بالطريق وعدم اتباع إشارات المرور، والسير فى عكس الاتجاه، إلى جانب عدم إبلاغ الشرطة بحوادثهم، بل إنهم يهربون حتى لا يتم ضبطهم، كما قد يصل الأمر إلى اعتداء السائق على رجل المرور.
 
رغم أن القانون من شأنه حماية المواطنين من تلك الممارسات والمخاطر، إلا أنه وحده لا يكفى لردع بلطجة السائقين، حيث إننا بحاجة إلى إعادة نظر لهذه الأزمة الخطيرة، وإعادة تأهيل تلك الفئة لتواكب العصر وتعمل على تحقيق النمو والتقدم الذى تنشده الدولة، وذلك يتطلب تضافر جميع الجهود الرسمية والمجتمعية والأهلية، ويتم من خلال تقديم دورات توعوية للسائقين خاصة المتقدمين للحصول على رخص مهنية، لتعريفهم بخطورة تلك الممارسات عليه أولا ثم على المجتمع ككل، إلى جانب ضرورة تدريب السائقين على طرق وأساليب القيادة الآمنة خاصة على الطرق السريعة.

قانون المرور وحده لا يكفى
يجب على الحكومة أيضا تطبيق قانون المرور على الجميع دون استثناء، من خلال رجال شرطة المرور بمختلف أرجاء البلاد، إلى جانب توجيه رجال الشرطة المتعاملين بشكل مباشر مع السائقين فى الشارع  بضروة التحقق من توافر عنصر الأمان فى المركبات خاصة "الميكروباص والسرفيس" عن طريق حملات الكشف على السائقين من كل الجوانب سواء تحليل المخدرات، أو السجل الجنائى، أو غيرها من العوامل التى قد تعود على المواطن بالراحة والأمان والطمأنينة أثناء رحلاته اليومية.
 
7b8c4d13-2c96-49f5-aa3a-58157e64f082
 
كما يجب على السائقين أنفسهم الانتباه لما يقال عنهم سواء بين الناس أو فى وسائل الإعلام، وإعادة النظر لأنفسهم ومحاولة تعديل صورتهم لدى المواطن والمجتمع، حيث إنها فئة مهمة جدا بالنسبة للمواطن، حيث يوفرون له خدمة الانتقال التى بدونها لن يفعل شيئا، إلا أنه يجب على العناصر العاقلة والمسئولة منهم التكاتف وعدم السماح لغيرهم من معدومى الأخلاق والضمير والمستهترين بحياة الناس، أن يكونوا نواة لإفساد علاقتهم نهائيا بالمجتمع، وألا يكونوا سببا فى تلك الصورة الذهنية السيئة لدى المجتمع، وأن يساعدوهم على التحلى بالأخلاق والرقى فى التعامل، ومن ثم تطوير تلك المنظومة.  
 
 
اقرأ أيضا:
 

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق