في تظاهرات فرنسا.. غابت الملائكة وحضرت الشياطين

السبت، 08 ديسمبر 2018 02:27 م
في تظاهرات فرنسا.. غابت الملائكة وحضرت الشياطين
عنتر عبداللطيف يكتب:

"بلاد الجن والملائكة".. هكذا يحلو للبعض وصف فرنسا، تلك الدولة التى تبهر العالم فى الحريات ، لكنها الآن على موعد مع الفوضى التى ضربتها منذ أسابيع ولا تريد أن تنتهى ، ما ينذر بعواقب وخيمة لا يحمد عقباها.

طوال الأيام الماضية ، يصعد من يسمون أنفسهم " أصحاب السترات الصفراء" ، ضد الدولة الفرنسية بأسلوب احتجاجى خارج عن المألوف ، لتنتشر أعمال السلب والنهب فى أشهر معالم ،وشوارع العاصمة الفرنسية باريس، ومنها شارع  الشانزليزيه، الذى يتوق غالبية سكان العالم إلى زيارته والسير فى طرقاته التاريخية.

الخاسر الوحيد مما يحدث فى باريس، هو الشعب الفرنسى وحده، والذى سيدفع ثمن ما طالته أيادى البعض من تحطيم واشعال نيران وتخريب لمنشآت وسيارات ومتاجر أفراد ، وهى أحداث ضربت السياحة الفرنسية فى مقتل.

مشهد مؤلم ،وصادم، وكاشف، بظهور شرطية فرنسية وهى تبكى فى مقطع فيديو متداول على " فيس بوك" طالبة من المتظاهريين أو الفوضويين أن يقتلوها لكن لا يشعلون النيران في فرنسا.

تفسيرات عديدة حاولت ايجاد مبرر منطقى لما يحدث فى فرنسا، فعلى الرغم من تراجع الحكومة الفرنسية عن قرار زيادة ضريبة الوقود ،إلا أن التصعيد مازال مستمر من قبل "أصحاب السفرات الصفراء"، والذين توعدوا بالزحف إلى قصر الإليزيه، ما يؤكد أن هدفهم لم يكن ارغام حكومة الرئيس الفرنسى ماكرون على التراجع عن قرار يصب فى مصلحة الاقتصاد الفرنسى ، بل أن المطلوب هو ماكرون نفسه ربما بارغامه على تقديم استقالته.

هناك من يرى أن حركة " السترات الصفراء " غير المنتمية لأحزاب سياسية فرنسية تحركها أصابع أمريكية ،والتظاهرات المشتعلة رسالة واضحة إلى الرئيس الفرنسى ماكرون ليحد من طموحه ،بعد أن حاول استباق تهديدات واشنطن وموسكو وبكين المستقبلية للقارة العجوز بالتفكير فيما أسماه بالجيش الأوروبي الموحد.

تظاهرات مظاهرات فرنسا ليست بعيدة عن تحدى ماكرون لنظيره الأمريكي دونالد ترامب بشأن الجيش الأوروبي الذى تتبناه باريس ويعارضه الأخير.

 

الرئيس الأمريكى "ترامب" لم يكتف باللعب في الخفاء ضد باريس، لكنه حرض علانية ضدها فى تويتة له قائلا للمحتجين "تذكروا ظلم الاتحاد الأوروبي للولايات المتحدة".

 

" ترامب" سبق له أن قال مخاطبا الشعب الفرنسى "كنتم تتعلمون الألمانية حتى أنقذناكم" فى اشارة للاحتلال الألماني لباريس.

 

كما أن هناك من يرى أن أحداث فرنسا تقف خلفها جهات بريطانية ، فعقب "بريكست" ، واتفاق انسحاب لندن من الاتحاد الأوروبى ، فلن تسمح القوى العظمى لباريس أن تقود هذا الاتحاد ، خاصة أن التظاهرات ضربت دولا عديدة بالاتحاد الأوروبى، ما يعضد هذا الطرح أيضا عدم وجود سقف محدد لأصحاب السترات الصفراء، الذين يسيرون فى طريقهم لاشعال النيران فى باريس.

 

وكشأن أى تظاهرات فقد جمعت أحداث فرنسا ، بين متظاهرين ومندسين ، وبلطجية ، وهو ما دعا وزير الداخلية الفرنسي، كريستوف كاستنير، لأن يقول:" إن المظاهرات المناهضة للحكومة في فرنسا قد "خلقت وحشا".

 

كما حذروزير الداخلية الفرنسى  وبشدة من اندساس بعض "العناصر المتطرفة" في احتجاجا مقبلة لحركة "السترات الصفراء" ، وهوما يكشف التخوف الشديد من قبل الحكومة الفرنسية لما هو مقبل من تصعيد غير مبرر لا يعلم أحد إلا الله سبحانه وتعالى عواقبه ليس على فرنسا فقط بل أوروبا كلها.

 

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق